الحوار” تنقل أجواء المحاكمة و”العاصميون” يعيشون الحدث محاكمة “تاريخية” وسط أجواء “استثنائية” -تعزيزات أمنية كبيرة تطوق مداخل المحكمة – حضور إعلامي غير مسبوق لتغطية أجواء المحكامة – المواطنون يصنعون الحدث بحضورهم لم يكن اليوم كسائر الأيام بالنسبة لسكان العاصمة، وبالضبط شارع عبان رمضان، وبصورة أدق محكمة سيدي محمد التي عاشت صبيحة أمس أجواء استثنائية وغير مسبوقة بمناسبة المحاكمة “التاريخية” لعدد من الوزراء السابقين على رأسهم الوزيران الأولان السابقان أحمد اويحيى وعبد المالك سلال، بالإضافة إلى مسؤولين سامين سابقين في الدولة ورجال أعمال، فيما يعرف بفضيحة مصانع تركيب السيارات. محكمة سيدي محمد.. يوم ليس كباقي الأيام وفي السياق، عرفت المحكمة منذ الساعات الأولى حركة غير عادية داخل أروقتها، محامون يتنقلون هنا وهناك، هرولة واستعداد وتحضيرات لاستقبال المتهمين، خصوصا أن الأمر يتعلق بوزراء سابقين ورجال أعمال وإطارات نافذة، بدأ الأمر بتوافد محامي الدفاع إلى قاعة الجلسات، بعدها الصحفيون الذين تسارعوا بدورهم من أجل الحصول على المقاعد الأولى داخل قاعة الجلسات ونقل الصورة الاوضح وكل المستجدات المتعلقة بالمحاكمة لأبرز وجوه النظام السابق المتورطة في قضايا فساد والتي تنتظر النظر في قضيتها وملفها. وصول المتهمين.. ساعة الحسم عندما كانت الساعة تشير إلى قرابة التاسعة والنصف صباحا، وصل المتهمون في العربات المخصصة قادمة من سجن الحراش مباشرة للبوابة الخاصة بإدخال المتهمين، وسط عدسات المصورين والكاميرات التي كانت تلتقط نزول هؤلاء ودخولهم قاعة المحاكمة. تعزيزات أمنية غير مسبوقة من جانب آخر، التعزيزات الأمنية كانت في الموعد، حيث عمدت قوات الأمن ترافقها عناصر من الفرق الخاصة للتدخل “بياري” إلى تطويق كل المداخل التي تؤدي إلى محكمة سيدي امحمد، وسط توافد كبير للمواطنين لحضور أطوار المحاكمة الأولى من نوعها في تاريخ القضاء الجزائر، كونها علنية أولا وتمس شخصيات نافذة ومسؤولة من الوزن الثقيل تورطوا بتهم ثقيلة تتعلق بنهب المال العام وصفقات كبرى مشبوهة في إحدى أكبر القضايا والتي تخص مصانع تركيب السيارات. حضور إعلامي مكثف الإعلام بدوره لم يتخلف عن الموعد، حيث كانت الصحافة الوطنية والعالمية متواجدة بكثرة، كاميرات القنوات منصبة أمام مداخل المحكمة تترقب وصول المتهمين، وآخرون ولجوا قاعة المحاكمة من أجل تغطيتها أولا بأول ونقل الوقائع للمواطنين. الفضول يدفع المواطنين لحضور المحاكمة وتواصل توافد المواطنين لساعات بعد بداية أطوار المحاكمة، حيث اضطر قوات الأمن إلى وقف ولوج المواطنين إلى المحكمة من أجل حضور اطوار جلسة محاكمة أبرز رموز النظام السابق المتورطين في قضايا فساد، منها ما يحاكمون فيها قضية الحال الخاصة بمصانع تركيب السيارات. لا حديث سوى عن محاكمة وعقوبة المتورطين استيقظ الشارع “العاصمي” على وقع محاكمة “القرن” حيث توجهت البوصلة نحو محكمة سيدي امحمد، وتحولت كل فئات المجتمع للحديث عن اويحيى، سلال، وآخرين… الكل أصبح يهمه أمر هؤلاء وضرورة محاسبتهم. ولدى محادثتنا مع بعض المواطنين الذين تواجدوا أمام محكمة سيدي امحمد أجمع الكل على ضرورة محاسبة جميع من تورط في الفساد ونهب أموال البلد “لي دار يخلص”… هكذا أكد هؤلاء، مضيفين أن العدالة كي تثبت استقلاليتها ونيتها في إحقاق الحق فالفرصة مواتية لذلك، فالبريء يأخذ براءته، ومن أخذ دينارا من أموال الشعب يجب أن يحاسب. توقف المحاكمة… استئناف بعد ساعتين عرفت محاكمة أبرز رموز النظام السابق توقفا لقرابة الساعتين، فبعد استجواب قاضي التحقيق لكل من الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، توقفت الجلسة عندما كانت تشير الساعة إلى الواحدة زولا لتستأنف الساعة الثانية زوالا والنصف. قالت إن مقاطعتها تعود لذلك هيئة الدفاع: “ظروف المحاكمة العادلة غير متوفرة” كشف منسق هيئة دفاع المتهمين، عبد العزيز مجدوبة، ان سبب مقاطعة المحامين لأطوار المحاكمة يعود إلى عدم توفر الامكانات من أجل تجسيد محاكمة عادلة وعادية. وأوضح مجدوبة، أمس في تصريح صحفي على هامش محاكمة عدد من المسؤولين المتورطين في قضية مصانع تركيب السيارات، قائلا: “سبق لنا أن التمسنا من رئيس المحكمة توفير الظروف ليس للمحاكمة العادلة وليس العادية، والظروف لتمكين هيئة الدفاع من أجل أداء مهامها”. وأضاف ذات المتحدث أن: “الالتحاق بقاعة الجلسات بالنسبة لي ونقيب المحامين بالجزائر العاصمة تم تحت رحمة مصالح الأمن، وهذا إن دل على شيء فيدل على أن الظروف كانت غير ملائمة، ثم إننا طرحنا على رئيس المحكمة تحويل مكان المحاكمة للقاعة السفلى لمجلس قضاء الجزائر، ما دامت المحكمة تابعة لنفس المجلس، وتوجد هناك أماكن تتوفر فيها كافة الشروط، كما اقترحنا أيضا استعمال الأمكنة المتوفرة في المحكمة الجديدة بالدار البيضاء ولم يتم الإصغاء إلينا”. وتابع مجدوبة قائلا: “بعد التحاقنا بمهامنا رأينا أن نفس الظروف التي جرت فيها أطوار الجلسة الأولى ما زالت قائمة ولم تتغير، وهذا من الناحية التنظيمية فقط”. وتابع منسق هيئة الدفاع انه: “من ناحية الإجراءات تعودنا ان التأجيل على يومين لم يكن كافيا لأسرة الدفاع من أجل أن تحضر نفسها لممارسة مهامها على أحسن وجه” وأردف قائلا: “عند انطلاق المحاكمة لاحظنا أنه تم ضم الملفات الثلاثة دون ترتيب سماع المتهمين على هويتهم، ثم مناقشة الوضع برمته من طرف الدفاع وكذا بمداخلة النيابة، هذه كلها لم تتم في قضية الحال”. ليتساءل النقيب: “أين هي المحاكمة العادلة في هذه القضية”. وشدد منسق هيئة دفاع المتهمين انه: “ليس بصدد تسييس القضية، فهو يتكلم في إطار المهنة فقط، ولهذا فنحن نثمن تضامن هيئة الدفاع بمقاطعتها أطوار جلسة المحاكمة”. عبد الرؤوف. ح