لا يبدو أن الضابط الليبي المتقاعد، بوصف وكالة الأنباء الجزائرية، يريد ان يتعظ أو أن ينحو ناحية الحكمة، فبعد أن قاد هجوما ضد عاصمة بلاده طرابلس، ووجه نحوها المدافع والطائرات، في مسعى للسيطرة عليها أو تدميرها كما فعل مع المدينة الثانية في البلاد بنغازي، وبعد أن تلكأ في قبول وقف اطلاق النار، ها هو يرضخ مجددا لأوامر مشغليه في مصر والامارات، ويرفض التوقيع في موسكو على اتفاق وقف اطلاق النار بشكل رسمي، بل وتشير معلومات أنه يتجهز مجددا لإعادة الهجوم على طرابلس. هذا يعني : أن حفتر بدعم مصري اماراتي كبير، لا يتحدى فقط تركيا العدو الايدولوجي لتلك العواصم العربية، وإنما يتحدى أيضا موسكو، التي سحبت مرتزقة “فاغنر” من جبهات القتال في طرابلس، كمؤشر على رفض موسكو استمرار القتال الى ما لا نهاية، كما يتحدى الجزائر أيضا، التي سبق لها وأعلنت صراحة أن “طرابلس خط أحمر”. كما يعني أن رهان حفتر وداعميه، هو على اشعال المنطقة بحرب اقليمية كبرى، قد تأتي على الأخضر واليابس، لأن التدخل التركي الذي جاء بطلب من حكومة السراج، يبدو أنه سيقابل قريبا بطلب رسمي من برلمان طبرق لتدخل مصري عسكري مباشر، الأمر الذي يجعل الجيش الجزائري المستنفر عبر مناورات “بركان 2020” بعين أميناس، قرب الحدود مع ليبيا، مضطرا لمواجهة هذا التحدي الخطير، الذي فرضه حفتر ومن يقفون وراءه.