تفاقمت أزمة التزود بالمياه الصالحة للشُرب في العديد من الولايات الكُبرى بالأخص العاصمة، ما جعل السُلطات المعنية تلجأ إلى توزيع المياه بالتناوب حتى في الحي الواحد بسبب تواصل تدني مخزون السدود جراء نُقص مياه الأمطار. واشتكى مُواطنون تحدثوا ل "الجزائر الجديدة" من توزيع غير عادل للمياه بعدد من الأحياء بالعاصمة، وكشف عدد من القاطنين بحي 411 بقهوة شرق أنهم يُعانون من انقطاع المياه لأسبوع كامل، فبعض العمارات لم تزر المياه حنفياتهم منذُ الثلاثاء الماضي، في وقت لم تنقطع عن عمارات أخرى إلا ساعات قليلة فقط، بينما تشهدُ أحياء أخرى مشُاحنات يومية تصلُ في بعض الأحيان إلى شجارات عنيفة بين أبناء الحي الواحد بسبب طريقة توزيع المياه بعد إقدام سُكان بعض العمارات على استعمال مضخات المياه وهو ما تسبب في إحداث خلل في التوزيع، خاصة وأن كمية المياه التي توزع ضئيلة جدًا. وكشف أحد القاطنين في حي 411، عن انقطاع للمياه في بيته منذ الثلاثاء الماضي بسبب إقدام سُكان الحي على استعمال مضخات المياه المنزلية وهُو ما يُؤثرُ على عملية التوزيع خاصة حين يخفض ضغط المياه، فالقاطنون في الطوابق العُليا لا يحصلون عليه إطلاقًا وأصبح الوضع لا يُطاق خاصة وأنه أصبح يُولد مشاحنات بين الجيران، ويقضي هذا الأخير يومهُ في تعبئة قوارير المياه البلاستيكية. وبسبب تفاقم هذه الأزمة خلال الأيام الماضية، لجأ بعض المواطنين على اقتناء خزانات المياه ووضعها بالشرفات رغم أنه ممنوع في بعض الأحياء السكنية خاصة التابعة لمُؤسسة عدل لأنها تُهددُ العمارات بالنظر إلى ثقلها وحجمها لكن لم يجد المواطنون من خيار آخر لتوفير المياه سوى هذا. بالمقابل جفت الحنفيات في العديد من الأحياء السكنية، فمثلا حي بن زرقة المعروف ب "حراقة" ببلدية برج الكيفان لم تزر المياه حنفياتهم منذُ أيام طويلة عكس الوعود التي قدمتها مُؤسسة "سيال"، ويُجبرُ سُكان هذا الحي على اقتناء صهاريج المياه كل أسبوع ذات سعة 3000 لتر بسعر يتراوحُ بين 1500 دج و 1800 دج، وتُستعملُ هذه المياه في غسيل الملابس والأواني المنزلية وحتى تنظيف ساحات البيوت، بينما يُجبرون على اقتناء المياه المعدنية من الشرب لأن أغلبُ الصهاريج مصنوعة من الحديد وظهرت عليها ملامح الصدأ، فأصحابها يتجولون بها يوميًا في الشوارع تحت درجة حرارة قد تصلُ الخمسين من أجل استدراج الزبائن ولذلك فإن هذه المياه قد تُشكلُ خطر كبير على صحة المُستهلكين خاصة وأنهُ يُباعُ خارج أطر الرقابة والمُعالجة ومصادرهُ مجهولة. ولا يكادُ يمرُ يومين أو يومين دُون أن تشهد بعض البلديات في الضاحية الشرقية للعاصمة على غرار بلدية المرسى وعين طاية وهراوة احتجاجات وقطع للطرقات تنديدًا بانقطاع المياه لفترات طويلة. وفي هذا السياق بررت شركة المياه والتطهير للجزائر "سيال" التأخر المُسجل في عملية التزويد بالمياه الشروب بوقوع خلل أمس الأحد على مُستوى مُنشآت الضخ بسد قدارة. وحسبما أعلنتهُ شركة المياه والتطهير للجزائر "سيال" في بيان لها، فإن الخلل تسبب في توقف محطة مُعالجة المياه الشروب ببودواو وخفض تحويل المياه من هذا النظام نحو الجزائر، وحسبها شرعت فرق سيال في عملية الإصلاح فور وقوع العطب من أجل استئناف الخدمة للمعدات، وعند استئناف عملية التزويد بالمياه الشروب، يتم تزويد بلديات شرق الجزائر المعنية ببرنامج التوزيع مع تأخير في بداية ساعات التوزيع. وقامت سيال بتسخير تجهيزات متنقلة لضمان تزويد المستخدمين ذوي الأولوية وهي المؤسسات العمومية والمستشفيات بالمياه. وأكدت لزبائنها القاطنين في البلديات المعنية بأن استئناف عملية التزويد بالمياه الشروب سيتم بصفة تدريجية عند نهاية الأشغال. وكان رئيس الجُمهورية عبد المجيد تبون، قد كشف أن الصيف القادم سيشهدُ بداية حل أزمة التموين بالمياه الشروب مع دخول حيز الخدمة لعدة مشاريع جديدة لتحلية مياه البحر. وأوضح رئيس الجمهورية، في لقاء مع مسؤولي بعض وسائل الإعلام الوطنية بثه التلفزيون العمومي، أنه تم اتخاذ قرار تموين ولاية الجزائر بنسبة 70 بالمائة من مياه البحر المحلاة، وهذا بإنجاز العديد من محطات الجديدة للتحلية بشرق وغرب العاصمة من أجل خفض الاعتماد على السدود إلى 20 بالمائة فقط. وستكون المشاريع الجديدة قادرة على تلبية جميع حاجيات سكان العاصمة والذين سيتراوح عددهم في السنوات المقبلة ستة ملايين نسمة، حسب رئيس الجمهورية الذي أكد بأن ولاية وهران ومدن أخرى ستعرف إطلاق مشاريع مماثلة. وأكد رئيس الجمهورية أن تجسيد هذا القرار الذي اتخذ بمجلس الوزراء يتطلب من المواطنين "البعض من الصبر" ريثما يتم الانتهاء من انجاز هذه المحطات الذي يتطلب عدة أشهر، قائلا: "أطمئن جميع المواطنين أن الصيف المقبل سيكون بداية الحل".