اكد الرئيس السوري بشار الاسد ان الوضع في سوريا صار افضل مقرا في الوقت نفسه بان "الحسم" العسكري بحاجة الى المزيد من الوقت، فيما تواصلت الاربعاء عمليات القصف والاشتباكات غداة يوم دموي جديد شهد مقتل 189 شخصا. واكد الاسد في مقابلة تبثها قناة الدنيا السورية القريبة من النظام مساء الاربعاء وبثت مقتطفات منها ان "القضية هي معركة ارادات نحن نتقدم الى الامام، الوضع عمليا هو افضل ولكن لم يتم الحسم بعد وهذا بحاجة الى وقت". واكد ان "الجيش والقوات المسلحة والامن يقومون باعمال بطولية بكل ما تعنيه الكلمة"، معتبرا انه "على الرغم من الاخطاء الكثيرة الموجودة فهناك ارتباط وثيق بين سياسات هذه الدولة (سوريا) وعقيدة هذا الشعب". واكد الاسد في المقابلة التي اجريت معه في القصر الجمهوري في دمشق ان "هذه القاعدة العريضة من الشعب هي التي تحمي البلد، ومن هذا الشعب اذا اردنا ان نقول من هي اهم فئة جعلت هذا البلد يصمد هي بلا شك القوات المسلحة"، مقللا في الوقت نفسه من الانشقاقات التي شهدها نظامه. وراى ان "الشخص الوطني والجيد لا يهرب. لا يفر خارج الوطن. عمليا هذه العملية هي عملية ايجابية وهي عملية تنظيف ذاتية للدولة اولا وللوطن بشكل عام". وخاطب الشعب السوري بالقول ان "مصير سوريا هو بيدك وليس بيد اي احد آخر". وعن الحديث الجاري حاليا حول احتمال اقامة مناطق عازلة داخل سوريا لايواء اللاجئين الفارين من اعمال العنف في هذا البلد قال "اعتقد ان الحديث عن مناطق عازلة اولا غير موجود عمليا، ثانيا غير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تلعب الدور المعادي او دور الخصم".وفي هذا السياق، اقر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاربعاء بان اقامة مناطق عازلة في سوريا، كما اقترح الرئيس فرنسوا هولاند الاثنين، امر "شديد التعقيد" ويتطلب خصوصا اقامة منطقة حظر جوي جزئي. وقال فابيوس لاذاعة فرانس انتير ان "اقامة منطقة عازلة بدون منطقة حظر جوي امر مستحيل"، مشيرا الى ان هذا شيء لا تستيطع القوات الفرنسية القيام به وحدها. لكنه لفت الى ان قضية المناطق العازلة ستكون حاضرة على طاولة مجلس الامن في جلسة الخميس في نيويورك. من جهتها، قدمت جمعية مغربية شكوى في باريس ضد الاسد تتهمه فيها باعمال تعذيب وممارسات وحشية بسبب العنف الذي تعرض له الاطفال السوريون، كما اعلن الاربعاء محامي هذه الجمعية ايمانويل لودو. وجاء في الشكوي التي قدمتها الجمعية المغربية لحماية الطفولة وتوعية الاسرة، وتمكنت وكالة فرانس من الاطلاع عليها، انه في الحملة التي شنتها القوات السورية وميليشات النظام في 9 مارس ضد بلدة عين لاروز في محافظة ادلب جرى خطف عشرات الصبية الذين تتراوح اعمارهم بين 8 و13 سنة قبل مهاجمة البلدة و"استخدموا على الاثر من قبل الجنود والشبيحة كدروع بشرية حيث وضعوا امام الزجاج الامامي للسيارات التي كانت تنقل الجنود لدى دخولهم البلدة لشن الهجوم". وفي الشان الميداني، شهدت مناطق عدة من سوريا، ولا سيما ريف دمشق وحلب وحمص، عمليات قصف واشتباكات عنيفة الاربعاء، بينما اعلن الجيش السوري الحر انه شن هجوما على مطار تفتناز العسكري في ريف ادلب دمر خلاله خمس مروحيات. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان اشتباكات تدور بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين عند اطراف حي القابون شمال شرق دمشق، بينما "تتعرض بلدة زملكا لقصف عنيف من قبل القوات النظامية". ولفت المرصد الى مقتل خمسة مواطنين في حي جوبر في دمشق. وفي ريف دمشق استخدمت القوات النظامية المروحيات في قصف بلدة سقبا ومحيطها، بحسب المرصد الذي اكد تعرض مدينة الزبداني (شمال دمشق) للقصف ايضا. من جهتها، اشارت الهيئة العامة للثورة السورية الى "قصف عنيف تتعرض له مدن وبلدات الغوطة الشرقية بالطيران الحربي التابع لجيش النظام". من ناحيتها، ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان "مجموعة من الإرهابيين المرتزقة في زملكا (10 كلم شرق العاصمة) قامت باحتجاز مواطنين بينهم رجال ونساء وذبحهم أمام الأهالي". واشارت الى ان هذه المجموعات قامت بذلك لتحريض الجيش على الرد و"تأليب الراي العام" ضد سوريا عشية اجتماع لمجلس الامن الدولي. وتأتي هذه التطورات غداة مقتل 189 شخصا على الاقل في اعمال عنف في سوريا الثلاثاء، هم 143 مدنيا و14 مقاتلا معارضا، بالاضافة الى 32 من القوات النظامية، بحسب المرصد. وبين هؤلاء 27 قتيلا على الاقل سقطوا في تفجير استهدف تشييع مواطنين مواليين للنظام في بلدة جرمانا ذات الغالبية الدرزية المسيحية. واعتبرت صحيفة تشرين الحكومية ان هدف "المجموعات الإرهابية المسلحة" من وراء "تفجير جرمانا الإرهابي هو "تشتيت اهتمام وحدات الجيش وقوات حفظ النظام التي تلاحق فلول الإرهابيين في المناطق المجاورة لجرمانا". وكان الناطق باسم المجلس الوطني السوري جورج صبرا اتهم ، النظام السوري بالوقوف وراء التفجير في جرمانا بهدف "التغطية على مجزرة داريا" التي ذهب ضحيتها اكثر من 330 قتيل بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وفي ادلب (شمال غرب)، ذكر المرصد في بيان الاربعاء ان "اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في محيط مطار تفتناز العسكري رافقها اصوات انفجارات تسمع من داخل المطار"، مشيرا الى ان نحو 14 من القوات النظامية سقطوا بين قتيل وجريح. من جهته قال مقاتل في كتيبة شهداء تفتناز التابعة للجيش الحر يدعى ابو مصعب انه "تم تدمير ثلاث مروحيات بشكل كامل واعطاب مروحيتين بالاضافة الى تدمير بعض الابنية في المطار". واوضح المقاتل الذي شارك في الهجوم ان كتائب الجيش الحر "قصفت المطار بواسطة دبابتين" كما استخدمت في الهجوم "القذائف ومضادات الطيران من عيار 23 و14,5 و12,7 ملم". وفي ادلب ايضا، اوضح المرصد ان القوات النظامية اقتحمت مدينة اريحا وبدأت بتنفيذ حملة مداهمات واعتقالات، مشيرا الى تعرض مدينة سراقب للقصف من قبل القوات النظامية حيث سقطت قذائف على سوق المدينة. الى ذلك، ذكر المرصد انه في مدينة حمص (وسط) تتعرض احياء الخالدية وجورة الشياح بالاضافة الى احياء حمص القديمة لقصف عنيف من قبل القوات النظامية. وفي مدينة حلب (شمال)، اشار المرصد الى اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في حي العامرية، بالاضافة الى تعرض احياء عدة في المدينة للقصف من قبل القوات النظامية. من جهتها، ذكرت صحيفة الوطن الخاصة القريبة من النظام ان قدرة الجيش النظامي في حلب على "تطهير أحياء الإذاعة والعامرية وتل الزرازير من المسلحين في يوم واحد دلالة على جهوزيته العالية للمضي في عملية تطهير باقي أحياء المدينة". وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي يواجهها السوريون داخل البلاد، قام نحو 300 من لاجئي مخيم الزعتري للاجئين السوريين شمال الاردن امس الثلاثاء بالاحتجاج على سوء الخدمات ما تطور الى مواجهة مع قوات الامن الاردنية ادت بحسب مصدر أمني اردني الى اصابة 26 من رجال الشرطة والدرك. الى ذلك، بقيت المعارضة السورية تعاني من غياب وحدة الموقف والانقسامات، وآخرها تجلى في اعلان المعارضة السورية المقيمة في فرنسا بسمة قضماني انسحابها من المجلس الوطني السوري، ابرز ائتلافات المعارضة السورية، متهمة اياه بالفشل في حماية السوريين من "المجازر المروعة" المرتكبة بحقهم. وصرحت قضماني "ساخصص وقتي للمساهمة في الجهد الانساني للشعب السوري، وساستأنف عملي كباحثة". وانشئ المجلس الوطني السوري قبل عام كائتلاف لمنشقين ومعارضين من كل الوان الطيف السياسي ويضم ناشطين مستقلين واخرين من الاخوان المسلمين.