ما زال مقتل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، في انفحار قبل نحو ثلاثة اسابيع بمسجد الإيمان بدمشق، لغزًا خصوصًا أن كل أركان المعارضة العسكرية للنظام السوري نفت اتهامات النظام لها بقتل البوطي، وردت باتهام بشار الأسد واركان نظامه بتنفيذ عملية الاغتيال. استمرت قيادة الجيش السوري الحر في نفي أي علاقة لها بمقتل البوطي. وأمس، نشر على شبكة الأنترنت في دمشق أمس مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، زعمت أنه تسجيل حي للحظة الانفجار، الذي قال النظام السوري إنه قتل البوطي ونحو 40 ممن ضمهم مجلسه في تلك اللحظة، وبينهم حفيده، وجرح نحو 100 آخرين. إلا أن أي مصدر مستقل لم يتمكن من التحقق من صحة التسجيل. لم يمت بالانفجار في المقطع المصور، يظهر البوطي جالسًا في مجلسه، متكلمًا، ثم يحدث الانفجار وراءه، أو بالقرب منه. والانفجار ليس بكبير كما أوهم الاعلام السوري الناس، إذ يظهر البوطي بعدها بثانيتين وهو يعتدل في مقعده، ويعدل عمامته التي انحرفت عن رأسه. وفي عبق الغبار، يسرع شخص إلى البوطي، فنرى ظهره حاجبًا الصورة عن آلة التصوير التي كانت تصور الحلقة الدراسية، لينصرف مسرعًا. فإذا بالبوطي يهوي والدماء تسيل من رأسه وأنفه. وعلى هذه المشاهد، يستند الناشطون السوريون في ترجيح فرضية الاغتيال قتلًا بالرصاص لا تفجيرًا، أي كان ثمة من ينتظر للتأكد من موته في أي حال. موكل باغتياله يعيد هذا المقطع المصور السجال إلى بدايته، خصوصًا أن فيه الكثير من التفاصيل التي تدحض الرواية الرسمية لوكالة الأنباء السورية (سانا) عن مقتل البوطي بتفجير انتحاري. فناشطون في المعارضة السورية يؤكدون أن الشريط دليل على أن التفجير ضعيف جدًا، قياسًا بحجم الضرر الذي روجت له وسائل الإعلام السورية، إذ لم يتأثر به سوى البوطي نفسه، وكان خلفه تقريبًا. وظهر أشخاص يتحركون بعد الانفجار مباشرة، أي لم يصابوا بأي ضرر منه. كما يظهر الشريط انطلاق شخص بدا كمن أوكل إليه تنفيذ مهمة ما، فأمسك برأس البوطي ثم ابتعد عنه مسرعًا، من دون أن يحاول إنقاذه، بطريقة تثير الشك والريبة. ويضيف الناشطون السوريون إنهم شككوا منذ البداية بالمشاهد التي نشرها التلفزيون السوري، والتي بينت أرضية المسجد وهي لم تتأثر بالحريق الذي سببه الانفجار، علاوة على علامات تظهر إصابة بعض الضحايا بالرصاص، وغير ذلك من التفاصيل. برود ولا ذعر في تعليق على الشريط المصور، قال بسام إسحاق، عضو التحالف الوطني الديمقراطي السوري، لقناة العربية إن الفيديو يظهر بوضوح أن ادعاءات النظام السوري بأن البوطي قتل بهجوم انتحاري غير صحيحة، "ومن الواضح أنه قد وضعت عبوة ناسفة للشيخ البوطي، لكنها لم تودِ بحياته، ولذلك تم اغتياله بالرصاص". أما المعارض إياد شربجي فرأى أن رواية النظام تقول إن التفجير أودى بحياة أربعين شخصًا ونشر إعلامه صورًا لتلك الجثث، "بينما الفيديو يثبت أن من اندفعوا باتجاه البوطي خلال ثوانٍ لم يتأثروا بالتفجير رغم قربهم الشديد منه، فكيف لم يتأثر أولئك؟" أضاف في حديث صحفي أن من أكمل جريمة القتل هو الشخص الذي اندفع مباشرة إلى الشيخ وقام بحركة ما اودت بحياته. وتساءل: "كيف يحصل تفجير ينال من شخص هام بينما يتصرف من قاموا لإسعافه برتابة وبرود واضحين، ولم نسمع صراخاً، أو نرى آثار ذعر، وهو ما يتنافى مع حقيقة ما يمكن أن يحدث فطريًا في لحظات كهذه؟" ولم يخرج رد رسمي على الشريط من السلطات السورية، لكنّ مناصري النظام السوري اتهموا في مواقع التواصل الاجتماعي المعارضة بفبركة الشريط لتشويه صورة النظام.