تم عشية الخميس الماضي بمقر المركب الثقافي العادي فليسي الافتتاح الرسمي للمعرض المشترك للفن التشكيلي للثنائي جهيدة هوادف وعمور ادريس لمين دوكمان، وسط حضور فني متميز لمتتبعي تطور الفن التشكيلي، يتقدمهم رئيس اتحاد الفنون الثقافية السيد لعروسي ومدير مؤسسة فنون وثقافة. وما كان جديرا بالملاحظة هو وفود مجموعة معتبرة من تلاميذ الأطوار الأولى وازدحامهم لمشاهدة اللوحات المعروضة بفضول طفولي وتلهف صبياني، وإحاطتهم بصاحبة العرض بغية استماع كلمة أو استراق عبارة، كان فضاء صالة العرض الذي عرضت فيه ثلاثون لوحة مفتوحا على الوسط الخارجي عبر نوافذ كانت بمثابة لوحات حية تنقل البحر بزرقته، والمعالم السكنية والخضرة والطبيعة لتضيف وتضفي جمالا آخرا إلى جمال اللوحات الثلاثين، التي أبدع فيها الفنانان التشكيليان في عمل مشترك، إذ في اللوحة الواحدة توجد لمساتهما الواحدة جوار الأخرى، في رحلة بحث حول الأشكال والألوان، هناك تلاقي وتصلب العمل الذي بالإمكان اعتباره لعبة وتحد في نفس الوقت، في عمل صنف ودعي "ريشتا فنانين في عمل واحد"، فهناك في اللوحة الوسط والإطار المحيط به، فأحيانا يحتل الفنان عمور ادريس الوسط ويترك المحيط لحميدة هوادف، وأحيانا يحدث العكس وعلى المبتدأ المبادرة وعلى المواصل المثابرة وإيجاد التتمة وإكمال العمل وهو الأمر الصعب في العملية، وهاهي هوادف تقول :أن تتواجد أمام إبداع لشخص آخر تام ومنجز من أجل العمل عليه وإعطاء لمستك الجديدة الإضافية ولو بالقرب منه جعلني أفكر في العمل المنجز غير التام، وعند القيام بإتمامه أدرك أني أقوم على إنجاز ليس لي وإن إرسال المخيلة والحواس للحلم والسفر في مجال محدد سلفا ليس أمرا سهلا كما يبدو بالنسبة للأعمال المنجزة والجاهزة، والمهم في العملية ذاتها هو كيف يتم التكيف والتأقلم مع الموضوع المقترح مع طريقة الآخر دون الانسلاخ عن الذات وعن اللمسات الشخصية التي يتسم بها كل فنان عن الآخر، فخلال اللوحات الثلاثين هذه، ما يظهر باديا وجليا هو تمرين الهرمونيا أو التساوق الذي لا يرفض الاختلاف والتضاد، كما تعتبر هذه التجربة المشتركة تمرين على الإطار المعد سلفا، هذا الإطار الذي هو ساند تقليدي الذي يمكن للعديد من الفنانين التمرد عليه وعدم التقيد به، أما بخصوص اللوحات ذاتها فتعددت عناوينها واستخدم في أغلبها التقنية المختلطة من إلصاق، وكل ما هو متاح لدى الفنانين، فنجد الخطوط والألوان تتجمع والأشكال ترسم وتتركب وتتشكل ليكون العمل مليئا بالشحنات الباطنة من العواطف مما يحيل في النهاية إلى الفخر والسمو حيث أن كل من الفنانين بما لديه من اختلاف يكمل الآخر بنوع من الأناقة الفنية إلا أن العمل في حد ذاته يبقى ينشد طريقة نحو الكمال والتفرد، وعن مواضيع اللوحات نجد مثلا "الليل بداية العالم" و"الملجأ"، و"البحث المسموح به" و"رائحة الألواح والجلد" و"الشفق" و"مرور الزمن والنور" و"حلم العناكب"، وللإشارة فإن جهيدة هوادف من مواليد 1963 بنقاوز، متحصلة على شهادة عليا بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة، في رصيدها العديد من المشاركة في المعارض الجماعية منذ 1986، كما لديها مشاركات فردية ، ومتحصلة على عدة جوائز منذ 1992، حيث تحصلت على ثاني جائزة في صالون المرأة الفنانة التشكيلية، وآخر ما تحصلت عليه في 2002 الجائزة الثانية لعائشة حداد من تنظيم فنون وثقافة، أما عمور ادريس لمين دوكمان فلديه مشاركات داخل وخارج الوطن وقام بإنجاز عديد الكتالوجات.