تتخبط العائلات القاطنة بحي سيدي حسان القصديري ببلدية الشراقة في ظروف مزرية,منذ ما يقارب 20 سنة جعلت من حياتهم جحيما لا يطاق بسبب إفتقارهم إلى أهم متطلبات العيش الكريم, فكانت العزلة,الفقر والتهميش عنوانا لهم,في ظل إكتفاء السلطات المحلية بتقديم الوعود وعدم تفعيلها على أرض الواقع.تقطن بهذا الحي حوالي 100 عائلة,تتجرع مرارة العيش منذ أن وطئت أقدامها هذا الحي البائس الذي جمعهم في ظروف واحدة رغم إختلاف المناطق التي نزحوا منها خلال العشرية السوداء,ومن خلال الزيارة التي قادت الجزائرالجديدة لهذا الحي تمكنا من الوقوف عن كثب على واقعهم ويومياتهم وتحدثنا مع بعض القاطنين الذين إلتفوا حولنا لعرض جملة النقائص التي تؤرقهم,مطالبين في الوقت ذاته السلطات المحلية بأخذ مشاكلهم بعين الإعتبار وعدم الإكتفاء بتقديم الوعود لإمتصاص غضبهم,وحسب'رحيم"50 سنة قاطن بالحي فإن الحياة في تلك البيوت أشبه بإنتحار كونها لا تصلح حتى أن تكون زرائب للحيوانات,بعد أن باتت هشة وقابلة للإنهيار في أية لحظة,فمعظم جدرانها المبنية من الطوب تصدعت وأصبحت مياه الأمطار تتسرب إلى الغرف من الأسطح المليئة بالثقوب,ويبدو الحي من النظرة الأولى منكوبا,حيث تبدو تلك البيوت ملتصقة بالأرض ولا تظهر منها إلا صفائح الترنيت الملتصق ببعضه البعض مشكلا مدينة من الصفيح,تخفي في ثناياها معاناة عمرها20سنة ولا تزال مستمرة,وحسب ذات المتحدث فإن هذه البيوت ضيقة وأغلبها لا تحتوي على أكثر من دعتنا لإلقاء نظرة على منزلها,فإنها تضطر للطبخ في زاوية صغيرة في الهواء الطلق لا تغطيها سوى صفيحة زنك صدئة,ولا تتسع سوى لقارورة غاز البوتان,وموقد صغير وبضعة أواني قديمة أما في فصل الشتاء وحين يشتد البرد فأنها تطبخ داخل غرفة نومها,التي تنعدم بها التهوية,وحسبها فإن هذا الفصل مر عليهم بلحظات من الرعب دفعت بهم في الكثير من المرات إلى قضاء ليالي بيضاء خاصة الممطرة منها خوفا من إنهيارالبيت فوق رؤوسهم وهم نيام بسبب هشاشته كما أن عمليات الترميم البسيطة التي قام بها زوجها بنفسه بسيطة ولم تتعدى غلق ثقوب السقف ووضع الحجارة على الترنيت وربطه بالأسلاك حتى لا تنتزعه الرياح إضافة إلى غلق تشققات الجدران بالإسمنت ولكن سرعان ما ظهرت عيوب هذه الترقيعات فور تساقط الأمطار لتعود ريمة إلى عادتها القديمة بوضع الأواني تحت الثقوب حتى لا يتبلل الفراش,وما هذه العائلة إلا نموذج لبقية العائلات التي تعيش نفس الظروف أما الأجواء العامة للحي فحدث ولا حرج إذ لا يتوفر على أبسط ضروريات العيش الكريم على غرار شبكة الصرف الصحي التي لا يمكن الإستغناء عنها,وكحل مؤقت قام القاطنون بإنشاء بالوعات تقليدية في شكل حفر عميقة,وتعرضت خلال 20سنة إلى إنسدادات كثيرة كما أن معظم القنوات تكسرت وإهترأت وحسب السكان فإن أحوالهم المادية لا تسمح لهم بإقتناء قنوات جديدة لذلك فإن الوضع لا يحتمل بسبب تسربات المياه القذرة,المتجمعة في شكل برك صغيرة في أزقة الحي وتفوح منها الروائح الكريهة التي يمكن شمها من على بعد أمتار من الحي,وهو أمر إعتاد عليه هؤلاء,رغم المخاطر الكثيرة التي يمكن لها أن تهدد صحتهم إذ وحسب أحد القاطنين فإن الحي شهد عدة مرات إنتشارا للأمراض المعدية على غرار السل والجرب التي تنجم عن غياب النظافة,ناهيك عن الحساسية التي تنخر أجساد الصغار والكبار بسبب إرتفاع درجات الرطوبة في تلك البيوت التي تنعدم بها التهوية,أما وضعية الطرقات فهي كارثية نتيجة غياب التهيئة بها إذ تتحول إلى مستنقعات مائية يصعب السير فيها كما تمتلىء الحفر بالمياه مشكلة بركا ذات أحجام مختلفة تزيد من جمال ديكور الحي,أما المياه فيحصلون عليها من المرافق والأحياء المجاورة عن طريق الدلاء في جميع الظروف والأحوال وفيما يخص الكهرباء فهي موصولة بطريقة عشوائية يمكن لأي شرارة أن تحدث كارثة,وبتجمع هذه المشاكل يمكن القول أن قاطني هذا الحي من الأموات الأحياء وفي إنتظار أن تجسد السلطات المحلية وعودها الرامية إلى ترحيلهم إلى سكنات تليق بالبشر تستمر معاناة هؤلاء وتبقى الأمراض وخطر الإنهيار كوابيس تطاردهم ليلا ونهارا.