لم تنجح قيادة جبهة القوى الاشتراكية بزعامة القيادي في الحزب محند أمقران شريفي، في إقناع أكبر تجمع للمعارضة المنضوية في"التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي " أو "هيئة التنسيق والتشاور"، بمبادرة الإجماع الوطني بعد لقاء جمعها ولساعات طويلة بزعيم قطب التغيير علي بن فليس ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، فالأول كان واضحا وصريحا وقطع بصيص أي أمل لضيوفه في تبني التوافق مع نظام يقول إنه غير شرعي ولا يمثل الشعب. أما الثاني فقد سارع لرفض المبادرة قبل ساعات من عقد اللقاء الذي جمع الطرفين في الأيام القليلة الفارطة، وفي المقابل أكد مولود حمروش أن مبادرة الأفافاس تستحق الثناء، وأن كل مساهمة مرحب بها بالنظر لعمق الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، وبذلك فإن تصريحات حمروش تصب في الطرف المعاكس للتنسيقية، وتأتي بعد غيابه لمرتين متتاليتين عن اجتماع هذه الأخيرة، مما يؤكد فرضية أن التيار لا يمر بينهما، وأن هنالك طلاق غير بعيد بين رئيس الحكومة الأسبق و تنسيقية الانتقال. يزداد عمق الإختلاف بين الطرفين منذ توصيات ندوة زرالدة، فرئيس حكومة المرحوم الشاذلي بن جديد لم يستجب لدعوة التنسيقية خلال اجتماعين متواليين، و رغم تأكيد بعض الأطراف أن هنالك إختلاف كبير في الرؤى والمواقف حول كيفية تحقيق فكرة الانتقال الديمقراطي، وأكدت مصادر أن حمروش غير موافق على طرق التغيير التي تحاول فرضها، وجد العديد من كوادر التنسيقية تبريرات للرجل، حيث نفى المكلف بالإدارة والتنظيم بحزب الجيل سعيداني إسماعيل أن يكون غياب حمروش عن الاجتماعين الأخيرين لتنسيقية الانتقال الديمقراطي تنصلا من توصيات ندوة زرالدة، مؤكدا أن هذا الأخير مع الطريق المتفق عليه حول مرحلة انتقالية تختلف في الجوهر والمضمون عن تلك التي جرت في التسعينات، مضيفا أنه في كل الأحوال مع المعارضة شكلا ومضمونا. غير أن ثناءه على مبادرة الأفافاس يؤكد مرة أخرى عدم توافق الطرفين، مع إلحاح حمروش على ضرورة تدخل الجيش لضمان ندوة الإجماع الوطني بين السلطة والمعارضة، وفي ظل انقسام المعارضة وتشتت مواقفها، فمن جهة تنصل بعض الأحزاب المعارضة و حمروش من توصيات ندوة زرالدة، وإصراره على دور الجيش في تحقيق التغيير، ومن جهة أخرى مبادرة الأفافاس للتوسط بين المعارضة والسلطة، ومن جهة أخرى عدم التوافق بين التنسيقية وقطب التغيير، وكل هذه المعطيات تؤكد مرة أخرى على ضعف المعارضة وتخبطها في نفق عدم التوافق، فكيف لها أن تحقق التغيير والتحول الديمقراطي ؟ في الوقت الذي لم تتمكن فيه من توحيد الجبهات المعارضة.