تم سهرة أول أمس، بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، تكريم عميد الأغنية الشعبية، الفنان الراحل الحاج محمد العنقى، في حفل مميز أحيته مجموعة من الفنانين على غرار عبد القادر شاعو، عبد المجيد مسكود، مصطفى قاليز، سيد على لاقام وغيرهم. يعد هذا التكريم الذي جاء بمناسبة الذكرى 36 لرحيله، و الذي أشرفت عليه بلدية القصبة، و حضرته عائلة الفنان وكوكبة من الفنانين الجزائريين ومحبي الفنان، وقفة تقدير و اعتراف بمجهودات هذا الفنان في إثراء الفن الجزائري، و الذي يعتبره الكثير الأب الروحي للفن الشعبي، فقد تربى على يده عمالقة الفن الشعبي، على غرار الهاشمي قروابي و بوجمعة العنقيس، و بورحلة محمد ، ولا زالت أغانيه إلى اليوم تردد وتأثر بشكل قوي على الثقافة الشعبية أكثر من أي وقت مضى، و من أشهر أغانيه التي يردها الجزائريين "سبحان الله يا لطيف" التي أطربت العديد من محبي الفنان. ولد الحاج العنقة واسمه الحقيقي آيت عراب محمد إيدير هالو سنة 1907 بالقصبة بالجزائر العاصمة، في عائلة متوسطة الدخل تنحدر أصولها من منطقة بني جناد بولاية تيزي وزو، تعلم القرآن الكريم في سن مبكرة وبعدها دخل إلى المدرسة إلا أنه لم يتمكن من استكمال تعليمه بسبب الظروف المادية الصعبة التي كان يعيشها، ومن هنا انطلقت رحلته مع الفن، انظم الحاج العنقى إلى فرقة الشيخ مصطفى ناظور عن طريق سي السعيد العربي، أين تمكن من التميز واهتمام شيخه به بعد ملاحظته لنبوغه وحفظه السريع للنوبات وتعلمه العزف و إتقان الاستخبارات و إحساسه الفطري والمرهف بالإيقاعات، فمكن له ذلك من الحضور للحفلات الحية مع شيخه بعد فترة قصيرة جدا من انضمامه، وبعد وفاة الشيخ مصطفى ناظور استلم الحاج محمد العنقى قيادة الفرقة. وكان عام 1928 نقطة تحول في حياته الفنية، فخلاله بدأ يتعرف على جمهور أوسع وبدأت شهرته تجوب أرجاء الوطن، وبعد عودته من الحج عام 1937 أعاد تنظيم حفلاته التي جابت أرجاء الوطن وأيضا الدول المجاورة وفرنسا، وفي عام 1955 التحق الحاج بالكونسيرفاتوار الوطني المتواجد بالجزائر العاصمة بصفة مدرس أول لطابع الشعبي، وتكونت على يديه نخبة من عمالقة هذا الفن الذين استلموا منه المشعل بعد أن قدم لهم كل الدعم المعنوي وزودهم بالقواعد والأصول في الموسيقى الأندلسية والشعبية، ومنهم إضافة إلى من ذكرناهم سابقا: عمار العشاب، حسان السعيد، رشيد شوكي، و قد قدم الحاج محمد العنقى أكثر من 360 قصيدة، و 130 قرص، أشهر ما قدم "لحمام"، "سبحان الله يالطيف"، "الحمد لله ما بقاش استعمار في بلادنا" .