تواترت في ظرف شهر تصريحات وزراء حكومة سلال بنفي تأثر قطاعاتهم بتراجع أسعار البترول، آخرها تصريح وزير التكوين والتعليم المهنيين نور الدين بدوي، الذي قال إن قطاعه غير معني بسياسة التقشف التي أعلن عنها الوزير الأول مؤخرا، مع الانهيار المتواصل لأسعار البترول التي سقطت تحت 50 دولار للبرميل، وتأكيد مدير بنك الجزائر أن ميزانية الحكومة لن تصمد أكثر من 3 سنوات في حال تواصل الصدمة. وفي الوقت الذي تحرك فيه نواب وسيناتورات لمسائلة الحكومة عن هذه الكلمة التي قالها سلال، أي التقشف، أثير التساؤل حول القطاعات المعنية ب"شد الحزام"، وحول مدى وعي الحكومة بما يُحذر منه خبراء الاقتصاد المحليون والدوليون. نور الدين بدوي، نورية بن غبريط، عمارة بن يونس، عبد المجيد تبون، محمد عيسى، الطيب زيتوني، إلى جانب وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي ووزير الفلاحة، وزراء في حكومة عبد المالك سلال، أجابوا جميعا في ندوات صحفية وفي مناسبات مختلفة عن سؤال حول الإجراءات التي سيتخذونها بخصوص سياسة التقشف وترشيد النفقات التي أعلنتها الحكومة كإجراء لمواجهة صدمة النفط، ب"قطاعي ليس معنيا والأزمة لا تعنينا"، وذهب وزير التعليم والتكوين المهنيين إلى أبعد من ذلك عندما رد مستغربا "لم أسمع بسياسة التقشف إلا من كتابات الصحافة"!، ثم أردف قائلا "قطاع التكوين ليس معني بالتقشف". وأعلنت نورية بن غبريط منذ شهر أن مسابقات التوظيف ستجرى في موعدها، ولن تتأثر أجور موظفي قطاع التربية ومخصصات المنح والتعويضات من تراجع أسعار البترول. ويحتل قطاع التربية المركز الثالث من حيث أكبر ميزانية تسيير وتجهيز في قانون المالية لسنة 2015، بأكثر من 200 مليار دينار، يليها قطاع السكن، ثم التعليم العالي ثم التضامن، ويأتي قطاع التجارة في المرتبة 11. ورغم ميزانية الدولة المعتبرة التي خصصتها للعديد من القطاعات في إطار قانون المالية لسنة 2015، والتي جعلتها بعيدة عن التأثر بالوضع الاقتصادي الراهن، إلا أن خبراء المال والاقتصاد المحليين والدوليين أكدوا على ضرورة التخلي عن البذخ فيما يخص مصاريف ونفقات الحكومة والكماليات، إلى جانب التعقل في تجهيز المؤسسات والإدارات، وترشيد النفقات للتمكن من الصمود في وجه الأزمة التي تحاول حكومة سلال تجاهلها، رغم تأكيدهم على ضرورة البحث عن بدائل لتدعيم القطاع الاقتصادي والتحرر من تبعية الريع، التي باتت تهدد الخزينة العمومية بالإفلاس. وبين تطمينات الوزراء وتحذيرات الخبراء، يجد المواطن نفسه بعيدا عن "الصورة الحقيقية" والوضع الحالي الذي تمر به الجزائر، في غياب تواصل جيد.