يحاول كتاب المحلل والعميل السابق لجهاز الموساد يوسي ألفر، بعنوان "عقيدة الأطراف"، تحليل وتكريس إحدى الرؤى الأمنيّة المركزية لإسرائيل في الماضي وهي التي يُطلق عليها المؤلّف اسم "عقيدة الأطراف"، ويشير إلى أن الهدف من هذه السياسة كانت صد العدائية العربية للدولة العبرية عبر تطوير علاقات مع دول عظمى بديلة عن الدول العربية، بالإضافة إلى تطوير علاقات مع حلفاء آخرين على مدار سنواتٍ طويلةٍ. ويكشف مؤلّف الكتاب النقاب عن أنّ واضع هذه الدوكترينا، كان رئيس الوزراء الأول لإسرائيل، دافيد بن غوريون، والذي يعتبره الإسرائيليون مؤسس الدولة العبريّة، وقد ساعد بن غوريون في تطوير هذه الدوكترينا كلاً من مساعديه، يوسي شيلواح ورئيس الموساد الأسبق، أيسر هارئيل، لافتًا إلى أنّ هذه السياسة وضعت وشرع في تنفيذها في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، وقال إن هذه السياسة لم تُكتب على الورق، بل تناقلت من مؤسسةٍ لمؤسسةٍ بواسطة القادة خوفًا من اكتشافها. وقال ألفر في كتابه الجديد، إن الأطراف التقليدية، شملت ثلاثة شركاء، وهي الدول غير العربيّة وغير المُسلمة، التي لها حدود مشتركة مع الدول العربيّة والإسلاميّة العدولإسرائيل، والقسم الثاني، شعوب وطوائف غير عربيّة وغير مسلمة، التي تعيش في قلب الدول العربيّة المعادية للدولة العبريّة، وفي القسم الثالث، الدول العربيّة الموجودة في أطراف الشرق الأوسط، وهذه الدول هي التي أرادت التحالف مع إسرائيل. وكشف الكتاب النقاب عن أنّ الإنجاز الأكبر والأهّم لهذه العقيدة السياسيّة، تمثلّ في عقد التحالف الإستراتيجيّ مع كلٍّ من إيران وتركيّا، حيث بدأت العلاقات الإسرائيليّة الإيرانيّة بين الأعوام 1956 وحتى العام 1958 واستمرّت أكثر من عقدين، حتى جاءت الثورة الإسلاميّة بقادة الإمام الخميني وانتصرت على الشاه في العام 1979. أمّا فيما يتعلّق بالعلاقات الإستراتيجيّة مع تركيّا فقد استمرّت عدّة قرون إلى أنْ قرر الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان وفقها، بحسب تعبير المؤلّف. وشدّدّ القائد السابق في الموساد على أنّ العلاقات السريّة بين إسرائيل والمغرب كانوا وما زالوا مميّزين في استمراريتهم وفي حجمهم، حيث أن المغرب بصفتها دولةٍ عربيّة فتحت المجال أمام إسرائيل، أوكما يقول المؤلّف، فتحت الباب على مصراعيه أمام الدولة العبرية لتدخل إلى العالم العربي، حيث تمكنت إسرائيل من خلال هذه العلاقة من فهم الديناميكية التي تُميز العالم العربي، مُشيرًا إلى أنّ قيام إسرائيل باستجلاب مئات ألآلاف من اليهود المغاربة كانت خطوة غير مسبوقة، بحيث عبدّت الطريق أمام تطور العلاقات الاستخبارية العميقة جدًا بين المغرب وإسرائيل.