أعلنت حركة طالبان الافغانية المتمردة أمس تعيين الملا أختر منصور زعيما جديدا لها خلفا للملا عمر، في الوقت الذي تشهد فيه الحركة التي بدات مفاوضات سلام صعبة مع كابول منافسة كبيرة مع بروز تنظيم الدولة الاسلامية. واعلنت الحركة تعيين نائبين للملا منصور هما الملا هيبة الله اخند زاده المسؤول السابق عن محاكم الحركة وسراج الدين حقاني نجل جلال الدين حقاني زعيم شبكة حقاني المتشددة التي يشتبه في قربها من الاستخبارات الباكستانية. وقالت الحركة في بيان نشرته على موقعها الالكتروني ان "مجلس الشورى القيادي اجتمع مع علماء البلد والشيوخ... وبعد مشاورات طويلة عينوا الرفيق القريب والنائب السابق للملا عمر الملا اختر محمد منصور اميرا جديدا لامارة افغانستان الاسلامية". وتابع البيان ان الملا منصور وهو ايضا من اتنية البشتون "اعتبر اهلا لحمل المسؤوليات... ولسنين طويلة كان مسؤول الشؤون الإجرائية للإمارة الإسلامية". لكن يبدو ان اول انتقال للسلطة في صفوف طالبان التي يقودها الملا عمر منذ عقود ليس موضع توافق علما ان بعض القياديين يفضلون نجله يعقوب البالغ 26 عاما على الملا منصور، فيما ينتقد اخرون علاقاته مع باكستان المجاورة. وأوضح عضو في "شورى كويتا"، الهئية المركزية لدى طالبان التي تحمل اسم االمدينة جنوب شرق باكستان حيث تتخذ مقرا، لفرانس برس "اتخذ القرار على عجل واعترض عدد من الاعضاء من بينهم ثلاثة من مؤسسي طالبان على تعيين اختر منصور". واضاف قيادي بمرتبة متوسطة في حركة التمرد رافضا الكشف عن اسمه "يعتبر الملا منصور رجل باكستان، لذلك هناك خلافات في اوساط قيادة طالبان". ويتولى الملا منصور الذي ينتقد بعض المتمردين علاقاته الوثيقة بباكستان، قيادة الحركة في مرحلة حاسمة في تاريخها. فقد دخلت في محادثات سلام غير مسبوقة مع الحكومة الافغانية كما انها تواجه هجمات يشنها تنظيم الدولة الاسلامية على مواقعها بشرق افغانستان على الحدود مع باكستان. وتتهم السلطات الافغانية اجهزة الاستخبارات الباكستانية بالوقوف وراء حركة طالبان التي تشن هجمات ضد القوات الافغانية وقوات الحلف الاطلسي، وبانها "تسيطر" على قياديي الحركة لاستغلالهم في الوقت الذي تعتبره اسلام اباد مناسبا. الا ان باكستان نظمت في مطلع جويلية اللقاء الرسمي الاول بين قياديين من طالبان وممثلين عن حكومة كابول من اجل اطلاق محادثات سلام فعلية باشراف الولاياتالمتحدة والصين. وكان من المفترض ان تبدا جولة ثانية من محادثات السلام في باكستان الجمعة، الا ان اسلام اباد ارجاتها بسبب "الغموض" الناجم عن وفاة الملا عمر و"نزولا عند طلب من حركة طالبان افغانستان". لكن ارجاء محادثات السلام لا يعني الغاءها. على العكس، فان "الملا عمر معتدل ويؤيد السلام والمحادثات" بحسب عبد الحكيم مجاهد العنصر السابق في طالبان الذي بات اليوم عضوا في المجلس الافغاني الاعلى للسلام، وهي هيئة مفوضة من قبل كابول لبحث السلام مع المتمردين الاسلاميين. واضاف لفرانس برس "اعتقد ان عملية السلام في ظل حكمه ستعزز وان طالبان ستدخل في النهاية في اللعبة السياسية الافغانية". واعتبرت الولاياتالمتحدة التي تشجع منذ زمن على "مصالحة" افغانية، ان وفاة الملا عمر "تشكل بوضوح فرصة مؤاتية لحركة طالبان من اجل ارساء سلام فعلي مع الحكومة الافغانية". الا ان بعض المحللين لا يزالون يشككون في استئناف سريع للحوار من اجل استقرار الوضع في البلاد التي تعاني منذ 14 عاما من النزاع المسلح وتشهد تصعيدا في اعمال العنف بعد رحيل القسم الاكبر من قوات الحلف الاطلسي في ديسمبر. ويمكن ان تزيد وفاة الملا عمر من الانقسامات داخل حركة طالبان مع اعلان بعض مقاتليها الولاء لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق. وكانت حركة طالبان حذرت مؤخرا تنظيم الدولة الاسلامية من التوسع في منطقتها، الا ان ذلك لم يمنع بعض مقاتليها من الانشقاق عنها متأثرين بالتقدم الذي حققه التنظيم المتطرف بقيادة ابو بكر البغدادي، وخصوصا في ظل غياب الملا عمر.