جعل الله جل وعلا أنبياءه ورسله من البشر لأجل أن يصح اقتداء الناس بهم، ولما طلب الكفار أن يكون الرسل من الملائكة قال الله جل وعلا : "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ" أي: لو جعلنا الملَك هو الرسول فأنزلنا جبريل ليكون هو رسولكم الذي يعيش بينكم، أو جعلناه ميكائيل أو إسرافيل، لو أننا جعلناهم رسلاً بيننا وبين الناس يعيشون بينهم لجعلنا هؤلاء ملائكةً على أشكال رجالٍ حتى يصح للناس أن يقتدوا بهم في أكلهم وشربهم ومشيهم وقتالهم وجهادهم وغير ذلك. وبيّن الله جل وعلا أن جميع الأمم كان يجب عليهم إتباع رسلهم، والاقتداء بهم، فأمر الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهم، قال الله جل في علاه : "أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ" يعني نوحًا ولوطًا وشعيبًا وهودًا وصالحًا وغيرهم عليهم السلام " أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ" اقتدِ بهم في دعوتهم، اقتد بهم في صبرهم، اقتد بهم في عبوديتهم، اقتد بهم في ثباتهم على نهجهم: " أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ" وأمر الله تعالى شعوب أولئك الأنبياء وأممهم بأن يقتدوا بأنبيائهم في كل أحوالهم من طعام وشراب وصلاة وآداب وغير ذلك. وأمر الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن تقتدي بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم وحذر الله تعالى من مخالفة سنته، فقال الله تعالى "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" فمَن لم يقتد برسول الله عليه الصلاة والسلام ولم يتخذه أسوة حسنة؛ فمشكوكٌ في أنه يرجو الله واليوم الآخر. وجعل الله جل وعلا علامة طاعة الله تعالى وإتباعه ومحبته هي إتباع رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فقال الله جل وعلا : "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ" ما الدليل؟! " فَاتَبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" وقرن الله جل وعلا اسمه وطاعته بطاعة نبينا عليه الصلاة والسلام في أكثر من خمسة وعشرين موضعًا في كتابه: " أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ" "وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ" "وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ" إلى غير ذلك من الآيات.