رفعت مصورة صحفية أسترالية تشتغل لصالح صحيفة "ديلي تلغراف" بسيدني، دعوى قضائية، ضد الممثل الأمريكي الشهير ميل جيبسون تتهمه فيها بالإعتداء عليها "سبا ودفعا"، عندما حاولت التقاط صورة له، وهو يسير في شوارع مدينة سيدني صحبة صديقته الجديدة. الدعوى القضائية، حركت جهاز الشرطة، وحركت العدالة التي أمرت بالتحقيق في الموضوع، وحركت المجتمع الأسترالي، ليس فقط لأن المتهم بالاعتداء هو ميل جيبسون "وما أدراك ما ميل جيبسون"، بل لأن المعتدى عليها هي صحفية، كانت تمارس مهنتها. أنقل هذه الحادثة، وأخصص لها "وقفة"، وأنا أتذكر عشرات الاعتداءات التي يتعرض لها صحفيون يوميا في الجزائر، وهم يمارسون مهامهم، أحيانا تكون هذه الاعتداءات جسدية، وأحيانا أخرى لفظية "وما أكثرها"، وإلى اليوم، ما تزال صورة ذلك الشرطي الذي رمى بالبطاقة المهنية لصحفي أمام مدخل إدارة عمومية، وقال له بالحرف الواحد "ما نستعرفش بيك". وقتها، تساءلت بيني وبين نفسي، ماذا لو حدث العكس؟ بمعنى ماذا كان سيحدث لو أن الصحفي رد على الشرطي عندما استوقفه بقوله "ما نستعرفش بيك"! إنني لا أدعو هنا إلى "التمرد" كما قد يفهم البعض، ولكن أريد أن أقول إن الصحفي، الشرطي، الأستاذ، الإداري، عامل النظافة.. كلهم عمال ينتمون إلى مؤسسات، وباحترامنا لهم، نحترم الدولة، ونقويها، أما عكس ذلك، فيؤدي حتما إلى ما هي عليه الدولة في الجزائر.