بقيت أيام ويودع الجزائريون سنة 2015، سنة قضى فيها تراجع أسعار البترول على أحلام 40 مليون نسمة، سنة كثر فيها الحديث على مدار 365 عن التقشف وشد الحزام، سنة فصلت بين عقد ونصف من البحبوحة ومستقبل مجهول، مستقبل لم تخطط له الحكومة ولا تعرف كيف تواجه رهاناته، أما البحبوحة فلم يستفد "الزوالية" إلا من فتاتها، مشاريع سكن زادت من تعميق الأزمة، شبكة طرقات تتهاوى هنا وهناك، زيادات شحيحة في الأجور خطفها المضاربون قبل وصولها إلى الجيوب، احتجاجات في كل قطاع، حوادث سيارات و"طيارات" و"قطارات"، سنة أعلنت فيها الحكومة عن إفلاس خزينتها، وطلبت من المواطن مساعدتها لإعادة تعميرها، سنة اقتنع فيها المسؤولون عن شؤون البلاد والعباد لأول مرة بعد مرور أزيد من 50 سنة من الاستقلال بحقيقة اسمها "انتهى زمن البترول". بين الأمل والألم، يستقبل الجزائريون سنة جديدة، تشاءموا منها قبل أن يتحدث المنجمون أو كما يطلقون على أنفسهم علماء الفلك عن توقعاتها، فصندوق النقد الدولي توقع انخفاض أسعار البترول ل 30 مليون دولار للبرميل أو أدنى سنة 2016، ولا أمل في ارتفاعها قبل 2022. وتوقعت المعارضة السياسية انخفاضا كبيرا في القدرة الشرائية وزيادة في مختلف الأسعار والضرائب مطلع السنة الجديدة، وتوقعت مصالح الأرصاد الجوية استيلاء فصل الصيف على فصل الشتاء، بعد أن حبست السماء أمطارها، وعليه توقع الفلاحون انخفاضا كبيرا في المحاصيل الموسمية وارتفاعا جنونيا في الأسعار المرتفعة. وكشف فنجان لويزة حنون عن نية عبد السلام بوشوارب رهن مؤسسات الدولة من خلال التخلي تدريجيا عن القاعدة 49/51، وخصخصة المؤسسات الاستراتيجية، وبالتالي تسريح العمال وخفض الأجور، وارتفاع البطالة، غير أن عراف الوزير الأول عبد المالك سلال كذب فنجان حنون، وتوقع أن تتحكم الحكومة في الأزمة، وتعبر بسفينة الجزائريين إلى بر الأمان، بر مفلس من أموال المحروقات، المورد الوحيد للجزائر، بر يتحدث أصحابه عن تنويع في الموارد الاقتصادية، بخطة فلاحية غير واضحة، وقطاع سياحة بحاجة إلى الملايير للنهوض به، واستثمارات أجنبية لم تؤتي ثمارها على مر سنوات مضت، رغم التسهيلات الممنوحة، وإضافة إلى تجميد المشاريع التنموية، وتجميد مناصب الشغل، وغيرها من التوقعات التي حبست أنفاس الجزائريين، خاصة الطبقة الفقيرة والمحدودة الدخل، وحولت السنة الجديدة لكابوس مرعب، وجعلت البعض يتمنى أن يبقى في سنة 2015، حتى لا يدفع ضعف فاتورة الكهرباء، وضعف سعر البنزين، وحتى لا تنهار قدرته الشرائية المنهارة. من جهة أخرى سيتعلم الجزائري في سنة 2016 أن يستهلك جزائري، وسيتعلم كيف يساعد حكومته ويساندها في الأوقات الصعبة، من خلال تحمله تبعات سوء تسييرها، كما سيعتاد في 2016 على التقشف، والتأخر في دفع الأجور، أما بالنسبة لبعض الفئات فسيكون عليهم التخلي عن الموز والكيوي بعد أن قررت الحكومة إيقاف استيراده، ولعل المستفيد الوحيد من السنة التي لا تنذر بوادرها بخير، هم التلاميذ الذين سيجتازون امتحانات الباكالوريا، بعد أن أجبر التقشف وزيرة التربية التخلي عن تنفيذ خطتها في تزويد مراكز الامتحانات بأجهزة مشوشة، لكسر شوكة الغشاشين..