ارتفاع الأسعار، تراجع الأجور.. تجميد "عدل 03" وإلغاء القروض الاستهلاكية رغم تطمينات الوزراء واعتمادهم سياسة "تغطية الشمس بالغربال"، غير أن معنويات الجزائريين بدأت تنهار مع انهيار أسعار البترول وتراجع قيمة الدينار، وجعلهم يتخوفون من تأجيل أحلامهم في الحصول على سكنات وتراجع قدرتهم الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار وتجميد الزيادات في الأجور بسبب الإلغاء المحتمل للمادة "87" .... كلها تخوفات مؤسسة زادت من حدتها تحذيرات المختصين من هزات اجتماعية عنيفةسيعيشها الجزائريون سنة 2015، بسبب تراجع إيرادات الدولة جراء تراجع أسعارالبترول، ما دفع الحكومة إلى إعلان خطة تقشف و"شد للخزام" تحت عنوان " ترشيدالنفقات العمومية"، فهل هي بداية للسنوات العجاف ونهاية لزمن البحبوحة المالية...؟
وزراء يطمئنون وخبراء يحذرون.. أيهما يصدق المواطن؟ تصريحات لوزراء ومسؤولين عكس التيار، وتطمينات لإقناع الرأي العام بعدم تضررالجزائر من تراجع أسعار البترول، وأن الأمور ستكون بخير ....، ما أثار استياء خبراءالاقتصاد في الجزائر، الذين دعوا المسؤولين إلى ضرورة مصارحة الجزائريين بحقيقةالأزمة المرتقبة، التي ستدخل فيها الجزائر لا محلة بداية من سنة 2015 . بعد التخوف الكبير الذي أبدته الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني والمختصون من دخولالجزائر في أزمة اقتصادية، جراء التراجع المتواصل والمخيف لأسعار البترول مقابل ارتفاعصرف الدولار وتراجع قيمة الدينار، سارع عديد الوزراء إلى طمأنة الجزائريين باستمرارالمشاريع وتحقيق جميع الوعود التي أطلقوها بالرغم من تراجع الإرادات وعجز الميزانية. وفي هذا الإطار أكد وزير السكن والعمران عبد المجيد تبون أن جميع المشاريع السكنيةالمبرمجة في إطار المخطط الخماسي سيتم إنجازها، لتنتهي أزمة السكن في الجزائر بحلولسنة 2019، ووعد الوزير على وجه الخصوص جميع مكتتبي "عدل" بأنهم سيتحصلونعلى سكناتهم، بالإضافة إلى مواصلة الدولة في بناء السكنات الاجتماعية والترقوية... ومن جهته سارع وزير العمل والضمان الاجتماعي محمد الغازي إلى طمأنة الجزائريينباستحالة إلغاء المادة 87 مكرر، وأن الزيادات في الأجور ستشمل جميع الجزائريين دوناستثناء عن طريق التدرج، ومن جهتها أكدت وزارة المالية عن استبعادها لإلغاء أو تأجيلالعمل بالقروض الاستهلاكية المقرر تطبيقه بداية من 01 جانفي من السنة المقبلة. وزير الفلاحة عبد الوهاب نوري من جهته أكد أن الجزائر تحتوي على ما يكفيها من الإنتاجالفلاحي، وأن الأمن الغذائي قضية دولة، ولا داعي من التخوف من أزمة "نقص الغذاء"وبإمكان الجزائريين الاستغناء عن بعض الأغذية المستوردة على غرار الفواكه.. وفيما يتعلق بالمشاريع الكبرى وتطوير البنى التحتية وشق الطرقات والجسور أكد كل منوزير النقل عمار غول أن جميع مشاريع الطرقات "شرق غرب وشمال جنوب.." سيتمإنجازها، وهذا ما وعد به أيضا وزير الأشغال العمومية عبد القادر قاضي الذي أكد أن جميعمشاريع الأشغال العمومية المبرمجة في إطار المخطط الخماسي سيتم إنجازها.
مصيطفى: المشاريع السكنية مهددة بالتوقف بسبب عجز الموازنة يرى الخبير في الاقتصاد والوزير السابق بشير مصيطفى، أن الجبائية النفطية ستتراجعبشكل كبير خلال 2015، ما يقلل من الإرادات، وهو تأثير مباشر على الموازنة العامةللدولة (التكميلية 2014 والعادية بدءا من 2015 )، وقال إنه في حال عدم اتخاذالاحتياطات فإن عجز الميزانية العامة للدولة سيزداد وتدخل الجزائر في (أزمة الموازنة). وأوضح للشروق، أن استمرار انخفاض سعر النفط يؤدي لعجز عن تنفيذ المخطط الخماسي2015 _ 2019 بما فيه من مشاريع سكنية واقتصادية واجتماعية وثقافية.. تحت ضغطعجز الموازنة حيث يتطلب تنفيذ المخطط معدل 55.2 مليار دولارا سنويا لمدة 5 سنوات. وتتمثل حسب مصيطفى، آليات تغطية الطلب الداخلي الوطني على الأقل لمدة 28 شهرا، فيصندوق ضبط الإيرادات وهو صندوق خاص، احتياطي الصرف، سندات الحكومة لدىالخزينة الأمريكية والأوراق المالية لدى صندوق النقد الدولي. والسبل لمواجهة التخوفاتالمستقبلية بدءا من 2015، تتمثل في تنويع الاقتصاد الوطني وفك الارتباط بالمحروقات مننسبة 97 ٪ حاليا في جانب الصادرات و57 ٪ في جانب الجباية و38 ٪ في جانب الناتجالداخلي الخام إلى نسبة أقل تكون مناسبة لأهداف تنويع الاقتصاد لصالح الصناعة والفلاحةوالاقتصاد المبني على المعرفة والخدمات عالية المحتوى التكنولوجي والطاقات المتجددة. إطلاق خلايا اليقظة الاستراتيجية خاصة في قطاعي الطاقة والتجارة من أجل استشرافمعطيات الأسواق والأسعار. وتوقع خبير الاقتصاد مصيطفى، 3 مشاهد أمام الحكومة، الترقب لاتجاه الأسواق على أملالتعافي والعودة مرة ثانية لوضعية 80 دولارا للبرميل، وهو مستبعد حسبه في المدىالقصير أي سنة، حيث ستعمد الحكومة إلى اقتراح قانون مالية تكميلي يوصف بالتقشف فيالانفاق الحكومي (خارج المخطط الخماسي) والضغط على الواردات مع المحافظة علىمداخيل العائلات ووضعية الجباية دون الاستخدام الواسع لاحتياطي الصرف وصندوق ضبطالإيرادات. أو التدخل العاجل في حالة استمرار التراجع حيث ستلجأ الحكومة لتوظيف صندوق ضبطالايرادات واحتياطي الصرف دون المساس بوضعية الجباية والبرنامج الخماسي للنمو معاستخدام الحل المناسب للمشهد الأول. أو التدخل الاستراتيجي المبني على العودة لمفهومالاستشراف والتخطيط للمدى البعيد..
هذه هي تخوفات الجزائريين جراء تراجع أسعار البترول في جولة قادت الشروق للأسواق والشوارع والساحات العمومية، لاستطلاع آراءالجزائريين حول تراجع أسعار البترول، وتخوفاتهم من عواقب هذه الأزمة، أكد السوادالأعظم أن أكثر ما يقلقهم هو ارتفاع الأسعار، وتدني القدرة الشرائية، بالإضافة إلى هاجسعدم استكمال المشاريع السكنية وتجميد الزيادات في الأجور وإلغاء القروض الاستهلاكية.. بداية جولتنا كانت من السوق الجوارية لحسين داي، حيث أكد عون أمن عن استيائه الكبيرمن ارتفاع الأسعار مقابل الدخل الزهيد الذي لا يكفيه أسبوعا ما يضطره إلى الاستدانةلشراء مستلزمات المنزل وحاجيات أبنائه. أما السيدة بومغار أمينة أستاذة في مركز التكوين المهني كشفت أن كل المواطنين واعونمما يحصل في بلادهم بخلاف السنوات الماضية، على غرار الطلبة، حيث لاحظت أن أغلبساعات حديثهم عن ارتفاع الأسعار والعملة الصعبة، وأوضحت أنها على يقين أن ذلك لايؤثر على رفع الأجور بعد إلغاء المادة 87 مكرر، وقالت أمينة إن انخفاض القدرة الشرائية،دفع الجزائريين إلى الهجرة خاصة الباحثين. وهي من بين الأسباب الذي أدت إلى عزوفالشباب عن الزواج، وأضافت أن ما يخفف أعباء المصاريف هو تضامن أفراد العائلة في دفعفواتير الماء والغاز والكهرباء... ومن جهتها انتفضت الحاجة حماني حمينة، "زوجها متقاعد ويتقاضى 15 ألف دج كلشهر"، عن عدم وفاء المترشحين في الانتخابات لوعودهم خلال حملاتهم الانتخابية، خاصةفيما يتعلق برفع أجور المتقاعدين، مشيرة إلى أنها تسكن في بيت مستأجر تدفع فواتيرالكهرباء والغاز والماء، وعبرت قائلة: "كل شيء "غالي" حتى ثمن فحص الأطباءالخواص". أما عمي حميد موظف في النقل العمومي فقد أكد أن "الهربة" الحل الوحيد لإنقاذعائلتي من الجوع كون دخله لا يزيد عن 3 ملايين سنتيم، مشيرا أن ابنه طالب ثانوييشترط عليه حذاء رياضيا بقيمة مليون سنتيم، موضحا أن دخله لا يكفيه أسبوعا بالنظر إلىغلاء المعيشة. وصرح تاجر 30 سنة خبرة أن مافيا تبييض الأموال وراء غلاء السلع، وقالعمي لخضر بائع دجاج بالسوق البلدية لحسين داي إن انخفاض سعر البترول لا يهمني لأنهعندما ارتفع ووصل إلى 147 دولار لم نستفد منه، مستغربا أن الجزائر بعد أسبوع منانخفاضه دخلنا في أزمة، مبديا تخوفه من أن نصبح نعاني أكثر من اسبانيا. ومن جهتهتخوف كريم بلقاسم موظف من إلغاء المشاريع السكنية "عدل" وتأجيل الزيادات في الأجوربسبب ضعف الإرادات..
طاهر بلنوار: لهذه الأسباب سترتفع الأسعار سنة 2015 أكد الناطق باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، أن القدرةالشرائية للجزائريين ستتراجع من 3 إلى 5 ٪ خلال عام 2015 مقارنة بالسنة الحاليةخاصة وأن أسعار المواد الغذائية المستوردة ستشهد ارتفاعا يصل لنحو 10 ٪ خلال نهايةالثلاثي الأول من السنة القادمة، لكون 50 ٪ من المواد الغذائية المستهلكة في الجزائر يتماستيرادها من الخارج. وأضاف بولنوار أن اضطراب الأسعار وارتفاعها يعود لعجز الإنتاج، الاحتكار والمضاربةوسوء التنظيم ما يؤثر إجمالا على القدرة الشرائية، واعتبر الناطق باسم اتحاد التجار إلغاءالمادة 87 مكرر عامل رئيسي في تراجعها خاصة وأن سياسة الأجور ليست مرتبطة بمعدل،ففي معظم البلدان فعندما تتقرر الزيادات في الأجور تتحسن القدرة الشرائية تلقائيا، أما فيالجزائر فيحدث العكس تماما، ففي كل مرة تكون زيادات في الأجور ترتفع الأسعاروالخدمات، كما استطرد محدثنا ما تعرفه العملة المحلية الدينار من انخفاض في أسواقالعملة الدولية وزيادة نسبة التضخم، وأوضح بولنوار أنه لا توجد حلول استعجالية لتفاديالأزمة المرتقبة بل هي حلول متوسطة وبعيدة المدى مع ضرورة مسارعة الدولة لإلغاءالسياسة المالية الحالية المعتمدة على البترول وبناء اقتصاد قائم على التنوع بتشجيعالمشاريع الاقتصادية.
جمعية الوعي والتنمية الاقتصادية تطمئن الجزائريين: نملك الحلول وعلى المواطنين "التشمير على الأيدي" دعت جمعية الوعي والتنمية الاقتصادية جميع الجزائريين المشاركة في برنامج التنويعالاقتصادي والتنمية الفلاحية لمواجهة تداعيات انخفاض أسعار البترول، حيث أكد صبحيبكوش رئيس المكتب الولائي بالعاصمة للشروق، أن الجمعية ستسعى من خلال عدة منتدياتلطرح توصيات ذكية علمية وتقنية لتحقيق النمو الفلاحي في الجزائر بدءا من 2015، وهذاحسبه لطمأنة المواطنين بوجود حلول ذكية مبنية على علم الاستشراف. وقال "لا يجبالتشاؤم والبقاء مكتوفي الأيدي بل يجب أن نأخذ توصيات الخبراء بعين الاعتبار والمشاركةفي بناء الاقتصاد المتنوع". أوضح صبحي بكوش أن الجزائريين بدؤوا يبتعدون عن التفكير الكلاسيكي حول انخفاضسعر البترول والذي يجعل المواطن يتخوف من أزمة اقتصادية، حيث أصبح لديهم تفكيراستراتيجي مبني على الرؤى الاستشرافية والحلول الذكية.
زبدي: المستهلك متخوف بسبب انتشار الإشاعات صرح رئيس جمعية حماية المستهلك زبدي مصطفى أن هواجس وتخوفات المستهلكينمشروعة في ظل غياب المعلومة وكذا نقص تطمينات بعض الأجهزة لهم، وكذلك راجعللمعلومات والتصاريح التي يقوم بها بعض الاقتصاديين الذين ينذرون بأوضاع صعبةويطلبون من المستهلك شد الحزام من الآن. وقال زبدي إنه يشعر بتخوفات المستهلكين نظرالتضارب الآراء حول ارتفاع الأسعار، كما أن للإشاعات تأثير كبير للأسف الشديد فيالأوساط الاجتماعية، فتارة نسمع عن تراجع الدعم للمواد الأساسية وتارة أخرى عن عدمتطبيق ما ورد في مشروع قانون المالية 2015 بخصوص إلغاء المادة 87 مكرر، موضحاأن التضاربات في الآراء لا تخدم المستهلك إطلاقا ولا تجعله مطمئنا، ما يزيد من مخاوفهوحذره.