لم تمنعه قلة الإمكانيات و أبسطها من رفع راية التحدّي في وجه أشهر الرسامين العالميين، وبوسائل شبه معدمة لم تزد عن قلم أزرق وألوان خشب أطفال، أبدع عصام الرسام ابن عروس الزيبان بسكرة ، في رسم أزيد من 40 لوحات فنية راقية،قادته إلى تسجيل الحضور اللجزائري في مسابقة عالمية للرسم . ولخطوة البداية قصة اشتياق جميلة فجّرت إمكانات عصام في الفن الصامت. من حديثنا معه ، لمسنا من التواضع، البساطة والإرادة ، فعصام شاب في ال 38 من عمره ، ينحدر من عائلة صحراوية بسيطة و يقطن ببسكرة ، و بين العمل و الدراسة يقتسم عصام حياته، يعمل حارسا و يدرس سنة أولى جامعي،تخصص قانون أعمال ، وبين هذا و ذاك يدّخر ما تبقى له من جهد لرسوماته في ساعات من الليل . لماذا عصام طالب جامعي في هذا السن رغم عمله ؟ و كيف له أن يوفق بين الاثنين و يتفرغ أيضا للرسم ؟ يرد عصام على سؤالنا و في إجابته وجدنا الانطلاقة في عالم الرسم و هنا كانت البداية . ملامح الوالد كثير السفر بسبب عمله الذي فرض عليه الغياب الطويل ،كانت أوّل لوحة فنية تفرغ عصام لرسمها بعناية مستحضرا ورقة و قلم ، يقول " اشتقت بشدّة لوالدي الغائب فرسمته و أهديته صورته بمجرّد عودته ، فرح بها كثيرا فأردته أن أتمم فرحته بإكمال دراستي بعدما غادرت مقاعد الدراسة عام 1997 ،لأحصل على الباكلوريا عام 2015 ومن ثم التحقت بالجامعة و حققت بذلك حلم والدي . و من لوحة الوالد ، تمكن عصام و هو يسترق ساعات راحته من رسم أزيد من 40 لوحة فنية في ظرف سنة واحدة ، أبدع فيها بتفاني كبير تظهره دقة تفاصيل الوجوه المرسومة رغم صعوبتها كصورة عجوزين ارتسمت تجاعيد الزمن على وجهيهما ، و لأنه يطمح إلى العالمية و تشريف ألوان الوطن و تمثيل الجزائر خارج الديار ، اختار عصام بعض الوجوه المشهورة عالميا أمثال الفنان الأمريكي الدكتور هاوس ،التي تحدى فيها الفنان العالمي " نيستور كانافارو nestor canavaro " ، بعد تباهيه بالأقلام المستخدمة في رسمها و التي يزيد سعر القلم الواحد فيها عن 3000 دج ، فقرر عصام رسم الممثل هاوس بأقلام عادية لم تكلفه سوى دنانير معدودات. وتخللت قائمة رسومات عصام شخصيات جزائرية معروفة أمثال الرئيس الراحل هواري بومدين، و أخرى يعمل على التعريف بها عالميا ، يقول " أجد صعوبة في رسم الوجوه الجزائرية لصعوبة الحصول عليها مكبرة على الأنترنيت ، فالصور الحقيقة على مقاس 300/400 ،عكس الصور الأجنبية التي تكون أكبر و أوضح و على مقاس 1200/900". ويبحث عصام في لوحاته عن التميز ، متحدّيا يها أشهر الرسامين العالميين الذين يختارون أجود الأقلام و أبهظها في رسوماتهم ، ليظهر لهم أن قلة الإمكانيات لا يمكن أن تقف أمام تحقيق المعجزات ، و بقلم أزرق جاف لا يزيد سعره 20 دج و ألوان خشب لا تزيد قيمتها عن 120 دج يستخدمها الأطفال في رسوماتهم، أبهر عصام أهل الفن العالمي و نقل صورة طبق الأصل عن لوحة فنان من غانا لطفل إفريقي أسود البشرة مبلل الوجه بقطرات المطر، و من الأسماء العالمية التي تأثر بها عصام ، شخصيتان تربطهما به علاقة صداقة و قدما له يد المساعدة كثيرا ، الفنان المصري العالمي محمد المنياوي،ومصطف مسعد خضير ابن الخطاط المعروف مسعد خضير إلى جانب محسن سدخان ،فراس قاسم و سامية داغر . و يرى محدثنا أن من يتمكن من رسم وجه بالأبيض و الأسود لا يعوقه أي رسم " لكنني لا أزال في البداية و كل يوم أتعلم الجديد و المزيد " . عصام طرق عديد دور الثقافة الجزائرية للتعريف بفنّه الراقي، لكنه لم يحض بفرصة ، و اليوم بلغ فنّه العالمية بفضل موقع التواصل الإجتماعي " فايسبوك " و تم استدعائه ليشارك في مسابقة للرسم تحتضنها اسبانيا هاته الأيام، فاختار صورة العجوز التي استغرقت 7 ساعات كاملة لرسمها للمشاركة و تحقيق قفزة عالمية . فهل سيحضى عصام الذي يحمل اللقب العائلي " الرسام " بفرصة العمر؟