توقع خبراء في الاقتصاد، أن تشهد أسعار المواد الاستهلاكية ومختلف المنتجات المستوردة كالأدوية والألبسة والسيارات، ارتفاعا كبيرا في الأسعار، في حالة استمرار انهيار سعر صرف العملة الوطنية الدينار، الذي سجل، أمس الأول، أدنى مستوياته منذ الاستقلال، وأرجعوا أسباب انهياره إلى خطة تبنتها الحكومة لرفع قيمة مداخيل الجباية البترولية، وسيؤثر هذا القرار -حسبهم- على سوق الاستهلاك كثيرا، وابدوا مخاوف مما يخفيه المستقبل بسبب الانهيار المتواصل للدينار وتراجع المداخيل كذلك، ودقوا ناقوس الخطر بسبب حالة طوارئ مالية. يرى الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي، أن سعر صرف الدينار الجزائري لا يعبر عن قيمته الحقيقية، فهو يخضع -على حد قوله- لنظام التعويم الموجه، وهي السياسية المعتمدة من طرف بنك الجزائر، قائلا أن هذه السياسية تنجر عنها عواقب وخيمة، أبرزها ارتفاع نسبة التضخم خلال الثلاثي الثاني من 2016. ودعا سراي الحكومة إلى التخلي عن هذه السياسة للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. وقال المتحدث أن سعر الصرف لا يعبر عن قيمته الحقيقية منذ سنة 2013 بسبب التحكم فيه إداريا، وقال إن الحكومة تسعى من وراء هذا القرار إلى سد عجز الخزينة العمومية. وتحدث كاتب الدولة السابق المكلف بالاستشراف بشير مصيطفى، في تصريح ل"الجزائر الجديدة" بلغة شديدة اللهجة، قائلا أن سياسة تعويم الدينار المنتهجة من قبل الحكومة ستلقي بظلالها على القدرة الشرائية للمواطن، بسبب الارتفاع الكبير الذي ستشهده أسعار بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع وأيضا المنتجات المستوردة، وغير المدعمة كقطع الغيار والدواء والعلاج بالخارج والملابس، مشيرا إلى أن هذه السياسة ستؤثر سلبا أيضا على فاتورة الدعم الحكومي لبعض المواد كالزيوت والنفط والسكر والحليب. وتوقع المتحدث إمكانية ارتفاع نسبة التضخم في الثلاثي الثاني من 2016، وقال إن هذه السياسة تسعى لسد عجز الخزينة من الجباية النفطية، وإن لجوء بنك الجزائر إلى الخفض الإداري للدينار في تناغم مع حقيقة السوق النقدية، جاء ليعوض خسارة الميزانية من الجباية النفطية بعد تسجيل تراجع ب 50 بالمائة في عام واحد، والحد من الواردات التي بلغت 57 مليار دولار في 2014، على أساس أن الاستيراد بالدينار الضعيف يقلل من تنافسية المنتج الأجنبي في السوق الوطنية لأنه يصبح سعره أعلى لأسباب لخصها الخبير في عدم مرونة الإنتاج الوطني من حيث الكم أو الجودة، وتضاعف الطلب الداخلي تحت ضغط زيادة الإنفاق الحكومي وارتفاع الأجور وتضخم السيولة في السوق الموازية، ما يعني محدودية أثر الدينار الضعيف على الميزان التجاري وتحمل المستهلك أثر زيادة الأسعار غير المسقفة وليس المستورد.