افتتحت بمدينة تڤرت المكتبة الثالثة ضمن مشروع "مكتبة في كل مقهى"، الذي يقوده الشاعر محمد الأخضر السعدواي وثلة من مثقفي المدينة بعد مقهيين اثنين أحدهما بمدينة تڤرت والثاني ببلدة عمر، لتضاف إلى إحدى أكبر المبادرات لتشجيع القراءة تحت شعار"اقرأ كتابا وخذه هدية". ويقول الشاعر محمد الأخضر سعداوي، أن هذه المبادرة تهدف إلى الوصول إلى فئات جديدة من الجمهور وتقديم مختلف النشاطات ضمن مسعى جمع مبدعي المنطقة وتعريفهم ببعضهم وتعريف الجمهور بهم، والكشف عن مواهب جديدة وإعطائها الفرصة للظهور، داعيا الجميع إلى الانخراط في هذه الحملة التي تحاول تأثيث مقاهي المدينة بما تيسر من كتب وجعلها فضاء ثقافية، مؤكدا نية إقامة نشاطات دورية بالتنسيق مع أصحاب المقاهي، مضيفا أن هذه المبادرة لقيت ترحيبا محليا كبيرا وساهمت حسبه في اكتشاف مواهب كانت مغمورة ولم يكن نشاط القاعات يستهويها، إضافة إلى أنها استطاعت لمّ شمل المبدعين بمختلف تخصصاتهم في المدينة وإيجاد إطار يجمعهم، كما ساهمت في إيصال النشاط الثقافي إلى فئات جديدة من المجتمع. وأضاف سعداوي، أنه تفاجأ بالإقبال والترحيب الذي لقيته الفكرة، حيث توافد أصحاب المقاهي للاتصال بالمجموعة لاحتضان عدد من المقاهي وهو ما شجعهم على المضي قدما في المبادرة، مضيفا أنهم مستمرون في التنقل بين مقاهي الولاية، في بلدياتها وقراها التي لم يعرف بعضها أي نشاط ثقافي منذ سنين، حيث ينتقلون بإمكانياتهم البسيطة، لكن بحب كبير. وكشف سعداوي أن المشروع لم يكن أكثر من فكرة وهاجس لدى بعض مثقفي المدينة، ليتحول فيما بعد إلى مبادرة لإيجاد الفضاء المناسب للقاء الأصدقاء المبدعين والفنانين، ثم تكفل الأصدقاء بالاتصال بصاحب أحد المقاهي الذي رحب بالفكرة، وقام بتحضير خزانة زجاجية خاصة بالكتب وبعدها تنقل فريق المقهى الأدبي إلى المقهى وقدم له عددا من النشاطات وسط حضور غفير. أما الكتب فكل واحد من المجموعة يتبرع طوعا أيضا بما يقدر من كتب ويتنازل عنها للمقهى. وبخصوص تقييمه للمبادرة قال سعداوي، أن الوقت مبكر، مكتفيا بالتأكيد على وجود مؤشرات إيجابية ويكفي تغيير صورة المقهى وإبعاده عن الصورة النمطية، خصوصا وأن المنطقة تحتضن آلاف الجامعيين ورجال الفكر والثقافة والفن، لكن غياب مرافق ثقافية عطّل مسارها الثقافي. ككل المشاريع الكبيرة بدأت الحكاية من حلم راود مبدعي المدينة العريقة تڤرت -يقول صاحب المبادرة - وكانوا يحلمون بالانتقال بالنشاط الثقافي والفني إلى مقاهي المدينة للتواصل المباشر مع الجمهور الذي لا تستقطبه النشاطات في القاعات المغلقة التي تكتسي طابع الرسميات، مشيرا أن الراحل بشير شيحاني كان أحد الحالمين بتجسيد هذه الفكرة. وقال سعداوي، أنه خلال افتتاح المكتبة الأولى، التقى شعراء وكتاب وموسيقيون ورسامون، وقرأ الشاعر طارق ثابت من شعره بحضور الشاعرين محمد الأخضر سعداوي وعبد الحكيم علاوة، وأبدع الفنان التشكيلي معمر خلاوي في تجسيد عمل ترابي بالساحة مهدى إلى روح الراحل صاحب المقهى، فيما أبدعت أنامل الفنان الشاب أيوب فراجي بورتريه رائع للراحل أيضا، كل ذلك بتوقيع الموسيقي ميهوب الأخضر وحضور نخبة من الإعلاميين والمبدعين والجمهور الذي اكتشف شيئا جديدا جعله يقبل على هذا الفضاء بشكل كبير، وهو ما أنجح المبادرة ودفعهم -يضيف سعداوي- إلى الإصرار على مواصلتها وتطويرها ليأتي نجاح آخر، وسيكون شارع الاستقلال التاريخي وبالضبط مقهى وزاني على موعد مع حدث تاريخي سيشرفون على تنظيمه وإطلاقه، وهي خطوة للتحفيز على المطالعة، وكذا خلق فضاء للتحاور الجاد والمطالعة والجلسة الهادئة المفيدة. بعدها تم فتح ثاني المقاهي في رمضان بدائرة تماسين وبالضبط بلدية بلدة عمر، حيث تم التنسيق المسبق مع شبان مهتمين بالعمل الثقافي بذات البلدية والذين استدعوا بدورهم عددا من مبدعي وموهوبي بلديتهم، وكانت الجلسة فنية وحميمية. يُشار أن "مكتبة في كل مقهى" جاءت بعد مبادرة أخرى غير مسبوقة نظمها هؤلاء المبدعون تحت شعار "اقرأ كتابا وخذه هدية"، وتأتي هذه المبادرة لتسد فراغا كبيرا وتعلن أن المبدعين على استعداد للمساهمة في صنع مشهد ثقافي جاد عبر الاحتكاك المباشر بالجمهور في فضاء كان إلى زمن قريب أبعد ما يكون عن الفنون وأهلها، كما تحاول قلب القاعدة التي شهدتها الجزائر في العقود الأخيرة بتحول المكتبات إلى نشاطات أخرى.