خصت جمعية «الفن النشيط» بوهران، الراحل كاتب ياسين بوقفة تكريمية، من خلال تقديم عرض مسرحي جديد و مميز، بعنوان «كاتب ياسين، حتى لا ننسى»، الذي احتضنت عرضه العام أمس، قاعة المسرح الجهوي عبد القادر علولة، العرض من اقتباس و إخراج سمير زموري، الذي تألق رفقة كوكبة من الممثلين الشباب على الخشبة، حيث أمتعوا الجمهور الحاضر بمشاهد مسرحية على إيقاع قصائد شعرية، و قد حرصوا على إهدائه بالمناسبة لروح فقيد المسرح الجزائري، الراحل عبد القادر علولة، باعتبار أن العرض العام تزامن و ذكرى اغتياله. استوحى سمير زموري عرضه هذا من لوحتين لمسرحية «غبرة الفهامة» لكاتب ياسين، التي لاتزال تلهم الشباب التواق لفن الخشبة، وقد اجتهد و اشتغل كثيرا على هذا النص، من أجل تقديم عمل يمزج بين المسرح و الشعر، انطلاقا من الأعمال التي خلفها كاتب ياسين، لا سيما تلك التي بصمت مساره المسرحي و الأدبي، و تجلت المسحة الأدبية لهذه المسرحية، في قراءات أبيات شعرية انتقاها من ديوانه «مناجاة»، الذي ألفه كاتب ياسين سنة 1946، و عمره لم يتجاوز أنداك ال17 سنة، و من هذا المنطلق، أثار المخرج أن يختار ممثلين في هذا السن، و كأنه أراد أن يمرر رسالة السلف لتتناقلها الأجيال مستقبلا. تسرد قصة هذا العرض الذي يحمل بعدا فلسفيا، حكاية جحا إبان ثورة التحرير الوطني، من خلال شخصية تعاني من الكسل في ظرف كان حافلا بالنضال و التضحيات، و من هنا جاء الجمع بين المتناقضات في لوحات كاريكاتورية ساخرة، و هو الأسلوب الذي كان يلجأ إليه الراحل كاتب ياسين من أجل معالجة قضايا حساسة، لتمرير رسالة الثورة، و التحسيس بضرورة احتضانها و أداء الواجب الوطني، و تعبئة الشعب، و أيضا للتنديد بجرائم و الاستعمار، و قد تقاسم الأدوار في هذا العرض، كل من الممثل باب الشيخ محمد الذي تقمص شخصية جحا، و إيمان بن يحيى في دور عتيقة، و محمدي طارق في دور القوال، و جسد كانوني عبد الحميد دور القاضي، في حين ضمت مجموعة الجوقة كل من وسيلة باربار و فيصل شايلة. لقد استمتع الجمهور في هذا العرض، بأبيات شعرية معبرة، تارة بالفرنسية على لسان وسيلة باربار و إيمان بن يحيى، و تارة أخرى بالأمازيغية من خلال قراءات بوروف إدريس على أنغام آلة القيتار، التي عزفها هشام بن عمارة، و جاء مستك ختام المسرحية، بمونولوج كان بمثابة وقفة تكريمية لعمالقة المسرح الجزائري، رفعت لروح الراحل عبد القادر علولة و كاتب ياسين و عزالدين مجوبي و سيراط بومدين و عبد الرحمن كاكي، و غيرهم من رواد المسرح الجزائري، تألق في تقديمه زكريا بن سالم، صاحب الثماني سنوات، الذي أبهر الجميع بقدراته التمثيلية و موهبته الفنية، في مشهد قوي و معبّر، كان يحمل أكثر من دلالة و نظرة استشرافية لمستقبل الفن الرابع ببلادنا، مفادها أن هناك مواهب ستكمل مسيرة هؤلاء الرواد، و ستحمل المشعل من بعدهم.