كلما حل فصل الربيع أتذكر رغما عني الربيع العربي , بدلا من ربيع الطبيعة الخلابة , ربيع الاخضرار و الورود و ربيع البيئة بجميع مكوناتها ما دق منها وما عظم وجلّ . و تذكر أيضا بعض المواقف التي تعكس نظرة بعض الذهنيات السلبية إلى كل ما هو بيئي . مثل موقف ذلك الإطار في إدارتنا الذي مرّ على مواطن بصدد تشذيب شجرة أمام مقر عمل هذا الأخير , فسأله لماذا يتعب نفسه بعمل هو من صلاحيات البلدية ؟ و مثل موقف شيخ خرج من بيته بينما كان موكب ولائي يغرس شجرة امام منزله في إطار حملة تشجير "مناساباتية" , فقال لهم الشيخ ," أنتم تتعبون أنفسكم بدون طائل لأن الأطفال سيقتلعونها"؟ و لأن الوالي آنذاك كان سريع الغضب , أمر باجتثاث الشجيرة , صابا لوما غليظا على المعني الذي كان من المفروض أن يشجع المبادرة , و يسهرعلى سقي الشجرة و حراستها , لا أن يزرع اليأس في نفوس من يغرسها. و لمثل هؤلاء المرضى بداء السلبية نجدد لهم التذكير, بأن الربيع سيبقى ملكا للطبيعة والبيئة , و ها هو يعود اليوم 21 مارس في موعده ,إنه أول يوم من فصل الربيع , اختارته بعض الدول و منها الجزائر للاحتفاء بعيد الشجرة , و اعتمدته منظمة الأممالمتحدة يوما عالميا للغابات , و يليه اليوم العالمي للمياه ثم اليوم العالمي للأرصاد الجوية , و يعقبه يوم الشجرة لدى دول أخرى , مما يمكننا القول أننا نعيش أسبوعا يتكثف خلاله الاهتمام بقضايا البيئة , بتنظيم عدة تظاهرات بدءا من حملات التشجير و النظافة و انتهاء بنشاطات التوعية والتحسيس, حول فضائل الشجرة و منافعها البيئية و الاقتصادية و المناخية و الجمالية , و ما إلى ذلك من الجوانب التي أضحت معروفة بل و محفوظة لدى الجميع, كبارا و صغارا ,متعلمين وأميين , و عامة وخاصة .غير أن السؤال الواجب طرحه هنا, هو هل أفادت كل هؤلاء معرفتهم فوائد الشجرة و منافع البيئة النظيفة , و القيمة الحيوية للمياه ؟ لسنا في حاجة إلى الإجابة عن مثل هذا السؤال , لأن الجواب مجسد في محيطنا الذي يشكو من قلة النظافة و من فقر مدقع إلى الاخضرار و الأشجار , بل حتى البقع الخضراء بفضل الحملات التطوعية للتشجير أيام الحزب الواحد , راحت تفقد أشجارها الواحدة تلو الأخرى و تتدهور من يوم إلى آخر , أمام أنظار أناس يأمرهم دينهم أن يستغلوا ولو آخر لحظة قبل قيام الساعة ليغرسوا ما بأيديهم من فسائل ! الكلام عن الشجرة نافع و لكن الأنفع منه الحرص على غرسها دون انتظار المناسبات و الدعوات , فالدعوة عامة و مفتوحة على مدار السنة , و خاصة خلال شهر مارس الذي قال عنه أجدادنا "مارس هرّس و اغرس".