ككل مرة تحل المواعيد الكبرى في الجزائر و نسأل عن الحضور والغياب والتغييب للمثقف الجزائري مما يجري، بين مثقف عضوي يجد نفسه بحكم الثقافة ملزما بتأدية الرسالة، ومثقف يمر مرور اللئام عما يدور و مثقف يعرف أنها تدور ومثقف يدور و يدور بين الألوان والأقمشة. في كل مرة ننتظر دورا مميزا و مهما للمثقف في الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية لأنه ببساطة غائب هنا وهناك ، فلا هم معارض ناقد و لا ناقم معارض ولا مشارك مساهم في صناعة الأفكار و السياسات و لاريب في كل هذا مادام غائبا و في أحايين مغيبا عن صناعة سياسة ثقافية أصلا. في الماضي سمعنا و رأينا أسماء تشارك في المشهد العام فكان للروائي الراحل الطاهر وطار مثلا رأي فيما يدور، و كان لسابقيه نفس الحضور ، لأن الثقافة كانت إيديولوجيا أو بالأحرى كانت مبنية عليها و لم تكن مجرد حديث عن سرقات أدبية و فنية و غيرها . في الماضي كان الحديث حديث الأفكار و لم يكن سرا أن المثقف الفلاني أحمر و أخر إسلاموي و الأخر صاحب موقف و فكر و رأي مما يدور...لذلك كانت الثقافة عملة فعالة و كان للمثقف دور سيما في السبعينات و الثمانينات و حتى زمن العشرية السوداء، أما اليوم فلا حديث سوى عن مثقف السلطة الذي رغم التسمية و الوصف لا يمت بصلة لها، إذ هو بعيد عن صناعة السياسات الثقافية رغم قربه أو تقربه من دوائر صناعة القرار، فلا هو خادم للسلطة ثقافيا و فكريا و لا هم صاحب إقتراحات قد تسهم في تقريب الهوة بين الطرفين و لا هو فاعل ولا حتى مفعول به أو لأجله . بالأمس القريب قرأت للمسرحي الإعلامي قدور البلاندي رأي في الموضوع ، من خلال سرد للتاريخ وكيف كانت تدور زمن الثقافة الخلاقة إنطلاقا من الفوضى الثقافية الخلاقة، أما اليوم فلا فوضى و لا ثقافة و لا خلاقة بل مجرد فرديات تصنع الفارق أحيانا و تغيب أحيانا و تغيب بضم التاء أحايين أخرى ...نعم علولة و كاتب ياسين و مصطفى كاتب و بودية قبل الجميع و كاكي ولد عبد الرحمن و مجوبي و القائمة تسير ...كان لهم جميعا رأي في الحياة السياسية و الثقافية و وطار و الطاهر بن عيشة و الطاهر جاووت و القائمة تدور ...كان لهم إسهامات في الحياة السياسية و الثقافية ...و لأن الطبيعة تخشى الفراغ فلقد « زدم « بمنطق «قويدر الزدام» من لا علاقة لهم بالثقافة ليتحدثوا باسم الثقافة عن الثقاف في مجالس و مقاهي الجزائر الفاخرة ، بعدما غابت أغنية الشعبي و روائع سبحان الله يا لطيف عن مقاهينا و بعدما أضحت « طونطونفيل « ملاذا للبكاء على الأطلال و في ذلك فليتنافس المتنافسون