نظم صباح أمس المسرح الجهوي عبد القادر علولة بوهران، ندوة تاريخية وأدبية حول مجازر 8 ماي 1945، نشطها العديد من الدكاترة والمحاضرين بحضور نخبة من المثقفين والشعراء والإعلاميين، حيث كانت هذه الندوة الأكاديمية فرصة لإعادة التنقيب والنبش في هذا الحدث التاريخي الدموي الذي اقترفته فرنسا الكولونيالية بحق الشعب الجزائري، وما نجم عنه من تداعيات مهدت لانطلاق الشرارة الأولى لثورة نوفمبر المظفرة. وفي محاضرة قيمة بعنوان «الأرشيف والترجمة في الجزائر»، حاول الدكتور عبد الرحمان الزاوي تسليط الضوء على أهمية دراسة التاريخ دراسة علمية واقعية بعيدة عن العاطفة والتقديس الزائد، معللا سبب نفور القارئ من النص التاريخي، إلى المناهج التي تناولنا بها التاريخ، داعيا إلى إعادة النظر في هذا المسألة من خلال إفساح المجال أمام الخبراء والباحثين وتشجيع الطلبة الجامعيين على البحث والتنقيب، بالاعتماد طبعا على مختلف الوسائط الإعلامية والاتصالية، على غرار السمعي البصري، «سترجة» و«دبلجة» الأفلام وتقديم الأرشيف والمعلومات التي تسمح بدراسة التاريخ وإعادة الاعتبار للشهداء والمجاهدين، ليس فقط كأساطير وأبطال بواسل، وإنما أعلام وقامات إنسانية شبابية قدمت أعز ما تملك دفاعا عن الوطن وحياضه المقدسة، مشددا على ضرورة تقريب الثورة بمفهومها الكلي من أبنائنا وتشجيع التناقح الفكري في داخل الحرم الجامعي، مثلما كانت عليه الجامعة سنوات السبعينات، حيث كان الصراع الفكري والأيديولوجي على أشده بين الطلبة، ما خلق وعيا ونموذجا حقيقيا في التنوير المعرفي والتبادل الثقافي، الذي نحن اليوم في أمسّ الحاجة إليه اليوم، حتى تعود الجامعة الجزائرية كماكنة حقيقية لتخريج نخبة و«أنتلجنسيا» تقود المجتمع إلى بر الأمان. من جهته وفي محاضرة حول مجازر 8 ماي 1945، وما خلفته من آثار نفسية عميقة وخسائر بشرية فادحة في الأرواح، أكد الدكتور عبد العزيز بن طرمول، أن هذه الذكرى المشؤومة هي إبادة حقيقية بأقصى الحدود وجريمة مروعة ضد الإنسانية، الحضارة، الثقافة والتاريخ، مضيفا أن الذكرى هي سوسيولوجيا قبل أن تكون جرائم ضد الشعب الجزائري، حيث ومهما أعطيناها حقها من الدراسات والبحث، إلا أنه ينبغي التعمق فيها والعمل لمَ لا ؟ على الحصول على الأرشيف الذي تسعى الحكومات الفرنسية المتعاقبة على عدم تسليمه نظرا لخطورته وفظاعته، مخافة من أن يدان أصحابها في المحاكم الدولية، معترفا أن هذه الجرائم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسقط بالتقادم، لاسيما وأن جميع المواثيق واللوائح الأممية، أكدت بأن هذه الأنواع من الجرائم لا يمكن أن تترك دون متابعة ومحاسبة قانونية، معبرا عن أمله في أن يمضي الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماركون، في فتح هذا الملف لاسيما بعدما اعترف لدى زيارته الاخيرة كمترشح إلى الجزائر من أن فرنسا ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، لتبدأ بذلك مرحلة الاعتراف بهذه الاعمال الوحشية وغير الإنسانية في بلادنا، على أن يطوى الملف نهائيا بتعويض جميع الجزائريين المتضررين من هذه الحقبة الكولونيالية السوداء. هذا وقد تم تنظيم كذلك في هذه الندوة مداخلات ومحاضرات أخرى حول الترجمة والأدب من تنشيط عدة أستاذة من مختلف جامعات الوطن إحياء لهذه الذكرى التاريخية الأليمة.