تابع الجمهور الوهراني أول أمس بقاعة سينما السعادة العرض الشرفي لفيلم عبد الحميد ابن باديس بحضور ممثله يوسف سحايري وعدد من نجوم الفن السينمائي الجزائري الذين قدموا لفتح باب المناقشة مع عشاق الفن السابع و تقديم شروحات أكثر حول الشخوص التي جسدوها في العمل التاريخي . الفيلم الذي شكل تحد ّ كبير بالنسبة للمخرج السوري باسل الخطيب وكاتب النص رابح ظريف اللذان رفعا الرهان عاليا ليترجما عبر السينما مسيرة و حياة ونضال رائد النهضة الجزائرية ، أماط اللثام عن أهم المراحل التي عاشها العلامة انطلاقا من مولده وختمه للقرآن الكريم، مرورا بنضاله ورفعه راية العروبة في العالم بأسره وتحديه للاستعمار الفرنسي عبر قلمه وفكره، وصولا إلى وفاته والمشعل الذي تركه للأجيال، وما يُحسب لصالح المخرج باسل الخطيب هو اختيار يوسف سحايري لتجسيد شخصية ابن باديس، هذا الممثل الواعد الذي لم يترك مجالا لانتقاد آدائه في الفيلم بفضل تحكمه في الدور والظهور بملامح قوية هادئة تنم عن الاحترافية والتركيز الجليين في جل المشاهد الآسرة التي صورت بتقنية بصرية مبهرة ، ورغم أن الكثير من متتبعي فيلم ابن باديس انتقدوا النص الذي خطه رابح ظريف بحكم أنه أهمل بعض التفاصيل التي لها علاقة مباشرة بنضال الشيخ و جوانب من حياته، إلا أن هذا لم يمنع نجاح الكاتب في التأثير على نفسية المتلقي الذي لم يملّ من الحوار ولا حتى طريقة السرد و تعاقب الأحداث ، بل بالعكس استطاع في أقل من ساعتين أن يكتشف شهامة الشيخ ابن باديس وطيبته وحزمه و إرادته القوية في الوصول إلى هدفه باسم العروبة و الدين الإسلامي الحنيف، فضلا عن جوانب خفية تعكس انسانية العلامة وكرمه وغيرته على تراب بلده ، وذلك عبر مشاهد أكثر من رائعة صُورت بتقنية حديثة و أبرزت بجلاء عادات القسنطينيين وتقاليدهم و أزيائهم وتراثهم العريق، دون أن ننسى طريقة التصوير التي تفنن فيها باسل الخطيب وأبدع في تقديمها على الشاشة الذهبية ليحقق بذلك نجاحا ساحقا اعتبره البعض إضافة هامة في رصيد المخرج السوري و البعض الآخر انتصار للتاريخ الجزائري الذي سيظل ملهما للكثير من المبدعين وصناع السينما في الوطن العربي و العالم ككل .