ارتبط المسجد العتيق بحي « طبانة « الأثري بحقبة تاريخية مرت بها ولاية مستغانم، و «طبانة « هي تسمية تركية « طب هانة « المعروفة ببطارية المدفعية التي طور سلاحها الباي محمد الكبير ، حيث يعد نقطة مركزية بالنسبة للمدينة القديمة بعد أن كان مركزا للقضاء آنذاك بحي طبانة العتيق وبالتحديد بالمبنى المسمى « دار القاضي» المجاور للمسجد المريني الأقدم من نوعه منذ الفترة المرينية ، والذي مازال هيكله قائما إلى يومنا هذا كتراث وطني، إلى جانب السور المحيط بمركز البايلك الذي أسس لصد هجمات المسيحيين ، وتبقى الآثار الحالية من أهم الشواهد على ذلك العهد المريني . المسجد المريني الذي يتربع على مساحة 1200 متر مربع شيده السلطان الحسن بن سعد المريني الملقب بأبي العنان سنة 740 هجري الموافق لعام 1340 ميلادي ، ليكون نقطة انطلاق في بناء مدينته مستغانم القديمة ، حيث أحاط المسجد بدار القضاء ثم السوق ، لهذا يعد منارة آهل مستغانم الذين تعلقوا به وكان بالنسبة لهم مكانا لأداء الشعائر وتدريس أمور الدين والدنيا، وكان للمسجد دور ريادي في الدعوة للجهاد وشحن المجاهدين في ذلك الوقت للدفاع عن الوطن خاصة أثناء الغزو الإسباني لسواحل المدينة، حيث تم الإعداد لمواجهة العدو انطلاقا من المسجد المريني الذي تعلوه صومعة شامخة لازالت موجودة ليومنا هذا، تقارع الزمن رغم مرور سنوات البناء، وعندما سقطت مستغانم في أيدي الغزاة الفرنسيين عام 28 جويلية 1833 ، استولوا على المسجد العتيق وحولوه إلى مخزن للذخيرة وقاعات أخرى إلى مراقد للحراس والصومعة برجا للمراقبة ، واتخذ كمربط للخيول، وقد ركز الفرنسيون ربعد احتلالهم للمدينة على ضرب أحد مقومات الشعب الجزائري فلجأوا إلى تحويل المسجد إلى إسطبل للخيول لفترة من الزمن، ولما اشتدت مقاومة المحتل حولوه بدهاء إلى مخزن للأسلحة نظرا لموقعه الاستراتيجي وقربه من أهم إدارات المستعمر، ورغم سقوط المسجد في أيدي العدو ، إلا أن سكان المدينة بقوا متعلقين به، بدليل أن المجاهدين رفضوا مهاجمة المخزن وتفجيره لأنه مسجدهم المفضل. وبعد الاستقلال مباشرة أعيد المسجد لوظيفته وطبيعته الأولى رغم تدهور المبنى، حيث ظهرت به تشققات ، فاضطر المسؤولون إلى غلقه أمام المصلين الذين ثاروا غضبا وطالبوا بفتحه مرة أخرى ، وقد أعيد ترميمه سنة 2004 ، وهو الآن لا يزال يقدم خدماته الجليلة عبر تعليم الناس، ويذكر أن كبار رجال الدين و الفقهاء في الجزائر زاروا هذا المعلم وصلوا فيه أمثال سيدي لخضر بن خلوف والشيخ مصطفى العلوي صاحب الطريقة العلوية العالمية ، علما أن المسجد يحوي 450 عمودا ، وقد تم تغطيته بسقف من الخشب الأحمر يرفعه 45 عمودا مضلعا ، كما تتخلل قاعة الصلاة 52 سارية، أما جدار الوجه البحري تعلوه 8 نوافذ تشرف على منحدر صخري ينتهي عند سريان وادي العين الصفراء ، كما تقسم مقصورة الإمام بين قاعتي الوضوء و الصلاة، أما المئذنة المضلعة الشكل يعلو في جوفها سلم يرتفع في شكله الحلزوني والمتكون من 79 عتبة .