يتواصل معرض «ذاكرة المتحف... المسكوكات الإسلامية بين الثراء والتنوع»، بالمتحف العمومي الوطني أحمد زبانة بوهران، في ظل إقبال متميز للزوار وعشاق فن وتاريخ المسكوكات والنقود الإسلامية . حيث قامت بالمناسبة صباح أمس جريدة الجمهورية بزيارة إلى المتحف للوقوف على مدى تفاعل الجمهور مع هذا المعرض ورأيهم بخصوص هذا النشاط الذي يدخل في إطار المحافظة على الذاكرة العربية الإسلامية، وتعريف الجمهور الوهراني بحضارته التاريخية الناصعة المشرقة، وعلى هامش الزيارة التقينا بالعربي عوالي ملحق بالحفظ والمشرفة على فرع المسكوكات الإسلامية بمتحف الشهيد أحمد زبانة، حيث أكدت أن المعرض الذي انطلق نهاية أكتوبر الماضي، شهد إقبالا كبيرا للزوار، حيث ارتأت إدارة المتحف عرض 19 قطعة نقدية بين الذهبية والفضية، للزمن الإسلامي الوسيط، وتحديدا لحقبتي الموحدين وبني الأحمر في غرناطة، باعتبارهم آخر سلالة حكمت الأندلس، إلى غاية سقوطهم في 1492، موضحة أن سبب اختيار هاتين الحقبتين، راجع إلى وجود ترابط تاريخي بينهما، لاسيما وأن سقوط دولة الموحدية تزامن مع بزوغ بني الأحمر في الأندلس، مبرزة أن بعض القطع النقدية الفضية للموحدين، سكت في تلمسان ومالقة وسبتة، أما فيما يتعلق بالقطع الذهبية فقد ذكر فيها اسم الخليفة عبد المؤمن بن علي المؤسس الحقيقي للدولة الموحدية، أما فيما يتعلق ببني الأحمر، فحسب كتابات لسان بن الخطيب، الذي كان وزيرا موثوقا في مصادره فإن بعض القطع النقدية الفضية، ذكر أنه تم سكها في غرناطة ومالقة، باعتبار أن هذه الأخيرة كانت العاصمة السياسية الثانية لدولة بني الأحمر، وهي السلالة التي حكمت غرناطة في (629 - 879 ه / 1231 - 1492م) وتنسب إلى مؤسسها محمد بن يوسف بن نصر الأندلسي، وكان شعارهم «لا غالب إلا الله». من جانب آخر استحسن بعض الزوار الذين وجدناهم يطوفون في أرجاء المعرض، بهذه المبادرة، معتبرين إياها فرصة للتعرف على تاريخ وحضارة أجدادنا المشرقة، وتسليط الضوء على كيفية سك النقود والهيئة التي كانت تتكفل بذلك...إلخ تجدر الإشارة إلى أن النقود الإسلامية تعتبر مصدرا مهما في دراسة التاريخ الإسلامي، حيث تساعد الكتابات الأثرية المنقوشة عليها في دراسة جوانب الحياة المعاشة سياسيا، تاريخيا، عقائديا وخاصة اقتصاديا من خلال التعرف على قيمة العيار في السكة ومقدار وزنها، إلى جانب التعرف على أسماء البلاد والأماكن التي ضربت فيها، ومكان الضرب الذي تسك فيه النقود، ولم يكن للعرب قبل الإسلام نقود خاصة بهم، بل كانوا يتعاملون بالنقود البيزنطية او النقود الفضية الفارسية، وبعد مجيء الإسلام أقر الرسول صلى الله عليه وسلم على بقاء التعامل بنفس النوقد، وعند اتساع رقعة الفتوحات الإسلامية، وامتداد نفوذ المسلمين من الهند إلى الأندلس من آسيا الوسطى حتى أواسط إفريقيا نتج عنه نشاط تجاري كبير، كان من بين متطلباته توافر نقد مضمون موثوق به، حيث لم تعد النقود العربية المستنسخة قادرة على مجاراة كل هذا التطور والانفتاح، لذا كان لابد من التفكير في سك عملة النقود العربية الخالصة التي تبرز الشخصية الإسلامية، فكان ذلك على يد الخليفة عبد الملك بن مروان الذي قام بتعريب النقود تعريبا تاما، فأصدر عام 77 ه، دينارا عربيا لا يحمل الصور الساسانية والبيزنطية، بل كتابات عربية بالخط الكوفي .