بعيدا عن النظرة السلبية و سوء الظن اللذين يميزان معظم التحاليل الصحفية للعملية الانتخابية , ارتأينا أن نقدم وجهة نظر مغايرة توضع في كفة الإيجابيات المتمخضة عن كل استحقاق انتخابي و هي نظرة تخص الديناميكية و الحيوية التي تضفيها الانتخابات على الحياة الاقتصادية و الحركة التجارية جراء التنقل السريع و النافع لاعتمادات مالية ضخمة , بين مختلف المتعاملين المعنيين بشكل أو بآخر, بالاستحقاق الانتخابي . فالانتخابات ليست مجرد خطابات و وعود سياسية و برامج انتخابية و مهرجانات شعبية , و إنما هي كذلك نشاط مربح و نافع لمئات الآلاف من الجزائريين و الجزائريات الذين يجدون في المواعيد الانتخابية فرصة لدعم مداخيلهم و تنشيط تجارتهم و ترويج بضاعتهم بدءا من سائق سيارة الأجرة وانتهاء بمؤسسات الطباعة , مرورا بكل الذين لهم علاقة بالخدمات اللوجستية من مؤطري مكاتب و مراكز التصويت المقدر عددهم بحوالي 500 ألف مؤطر , و أعضاء لجان المراقبة و الإشراف و المسخرين للنقل و الإطعام و الإيواء و توفير مختلف الخدمات , فضلا عن الناشرين و وكالات الإشهار و وسائل الإعلام المختلفة و المصورين المحترفين و متعاملي الهاتف و حتى المغنين و المغنيات و دور النشر , و التجار عامة ,و غيرهم ممن لهم نصيب قل أو كثر في الريع الانتخابي مهما كان حجم هذا الريع , الذي يمكنه أن يتطور حجما وتنظيما ليساهم أكثر في بعث الاقتصاد المحلي وترويج الإنتاج الوطني و تطويره نحو ابتكار دعائم إشهارية جديدة تستقطب جماهير الناخبين و تبث في أوساطهم روح المنافسة حول التعرف على المترشحين و انتماءاتهم الحزبية و القوائم المتواجدين فيها , و من سبق لهم الترشح في استحقاقات سابقة و نتائجهم في كل استحقاق و ما إلى ذلك مما يمكن أن يشكل دليلا ضخما لجميع البيانات الانتخابية للاستحقاقات التي عرفتها البلاد عبر تاريخها. كما يمكن للمترشحين و أحزابهم أن ينوعوا أساليبهم في استمالة الناخبين إلى صفهم , ولو بتقليد الغير من خلال المناظرات الإذاعية و التلفزية فيما بينهم ,و تمويل نشاطات خيرية و اجتماعية لصالح الفئات الهشة و إصدار كتب و مؤلفات حول مسيرتهم الحزبية و السياسية أو الفكرية و العلمية , و غيرها من الوسائل المبتدعة الجديدة التي من شأنها تقريبهم من الناخبين و تزيد في النجاعة الاقتصادية , للريع الانتخابي الذي لا ينبغي استثماره فيما ينفع المجتمع أفرادا و جماعات.