تزوير الانتخابات في الجزائر أصبح مع مرور الزمن أحد الصفات الرئيسية التي توصف بها ممارسات السلطة السياسية، حتى أنها لم تعد تتحرج في ذلك بل تتفنن في إخراجها، حيث تطورت من الغش البليد إلى التزوير الذكي، ويتباهى بعض أزلامها بهذا السلوك المنافي لأدنى شروط الممارسة الديمقراطية.. ولعل السيد ميلود شرفي الناطق السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، ورئيس كتلته البرلمانية كان أكثرهم صراحة عندما اعترف قائلا : "لولا التزوير لما بقيت الجزائر واقفة".. ولعل الدليل الذي تتذرع به المعارضة لإثبات تزوير الاستحقاقات أن معظم، والبعض يقول كل الانتخابات في الجزائر لا تتطابق والمعايير التي وضعتها الأممالمتحدة لضمان انتخابات حرة وشفافة ونزيهة.. لكن المشكل اليوم ومادامت السلطات لا تعتبر التزوير معرة أو مخالفا للقوانين، هو هذه القطيعة الرهيبة بين المواطن والسلطة.. وإصرار هذه الأخيرة على الجهر برفض كل إجراء مهما كان علميا أو محايدا للقضاء على ظاهرة التزوير أو على الأقل الحد منها حفاظا على ما تبقى من ماء الوجه.. فلم يعد ثمة مجال للثقة على الإطلاق، أو حتى إقناع الجزائريين بإمكانية تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، وعدم إيمانهم بذلك ولا تصديقهم حتى وإن كانت نزيهة حقا ..
تهمة تزوير الإنتخابات.. من "زوار الليل" إلى "معركة الهيئة الناخبة" أضحت اتهامات التزوير ملازمة لكل استحقاق انتخابي في الجزائر منذ التسعينيات، لكن هذه الظاهرة شهدت هي الأخرى تطورا من الغش العلني وتغيير أوراق التصويت في البداية إلى ما يسمى بالغش "الذكي" خلال السنوات الأخيرة حسب المعارضة رغم أن السلطة وأحزابها ترى في ذلك تعليقا للفشل على مشجب التلاعب بأصوات الناخبين دون تقديم دلائل. كانت الانتخابات الرئاسية لعام 1995 والتي فاز بها الرئيس السابق اليامين زروال في دورها الأول بداية "ظاهرة التزوير" عندما ندد الراحل نحناح بحدوث تزوير واسع النطاق لأصوات الناخبين بطريقة جعلته يحل في المركز الثاني في تلك الإنتخابات. ونقلت قيادات في حركة مجتمع السلم سنوات بعد ذلك أن الراحل نحناح تلقى اتصالات من شخصيات نافذة في السلطة أبلغته بأنه حل في المركز الأول خلال رئاسيات 1995 لكن ظروف البلاد الأمنية والسياسية جعلت من المستحيل القبول بنتائج الإقتراع وإعتلاء شخصية إسلامية منصب القاضي الأول في البلاد. ويقول القيادي في الحركة عبد الرحمن سعيدي في تصريحات عن تلك الانتخابات أن الشيخ نحناح "وقع عليه التزوير عام 1995 في الانتخابات الرئاسية لما ترشح وكانت الدوائر الغربية تتربص بالجزائر تنتظر سيناريو 1991 ففضل أن يتنازل عن حقه ليفوت الفرصة عن أعداء الجزائر ...كان يقول دائما الجزائر فوق الرئيس والرؤوس". وتحت شعار "الحفاظ على الجمهورية" حصد التجمع الوطني الديمقراطي عام 1997 أغلب مقاعد المجلس الشعبي الوطني بعد ثلاثة أشهر فقط من تأسيسه، لكن احتجاجات الأحزاب حول وجود ما اصطلح عليه "زوار الليل" في إشارة إلى تغيير أوراق الإنتخاب ليلا لم تنفع في فرض الأمر الواقع آنذاك وقاد الحزب أول برلمان تعددي في تاريخ الجزائر. ولم تعد حملات التزوير في تلك المرحلة مصدر إحراج لأحزاب السلطة بل تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى ظاهرة تقر بحدوثها بل وتفتخر بها. وقال ميلود شرفي الناطق الرسمي باسم الأرندي سابقا في تصريحات للإذاعة الوطنية عام 2012 أنه "لولا التزوير لما بقيت الجزائر واقفة" في إشارة إلى عشرية التسعينيات. وكانت الانتخابات الرئاسية لعام 1999 والتي فاز فيها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة في غياب منافسين له بعد أن انسحب ستة متسابقين عشية الإقتراع تنديدا بموجة تزوير مسبقة لصالحه، محطة فاصلة بين مرحلتين عاشتهما ظاهرة "تزوير" الإنتخابات في الجزائر حسب المعارضة. وانتقلت السلطة حسبها من التزوير المفضوح بإفراغ الصناديق وتغيير أوراق التصويت لصالح مرشحيها إلى محطة جديدة تسمى "التزوير الذكي" رغم أن الطريقتين تؤديان في النهاية إلى نفس النتيجة وهي فوز مرشحي السلطة. وتقوم هذه الطريقة وفق المعارضة على "احتكار" السلطة لقائمة الهيئة الناخبة ومنعها عن غيرها مستدلة بفشل كل مساعي إشراك الأحزاب والمرشحين وحتى الملاحظين الدوليين في الحصول عليها إلى اليوم تحت مبرر "الحفاظ على خصوصيات الجزائريين". من جهتها تؤكد السلطات في كل مرة أن هناك تعليمات إلى الإدارة لمنح قائمة الناخبين للأحزاب وممثلي المترشحين على مستوى البلديات للإطلاع عليها. أما الطريقة الأخرى لموجة التلاعب بالأصوات وفق المعارضة فهي استغلال عجز الأحزاب والمرشحين على تغطية كافة مكاتب التصويت على المستوى الوطني للتلاعب بمحاضر الفرز لصالح أحزاب السلطة ومرشحها في كل مرة بعيدا عن الرقابة فضلا عن أن الملاحظين الدوليين لا يمكنهم تغطية كل مناطق الوطن للوقوف على الأمر. وتؤكد الأحزاب أن التزوير أخد أشكالا جديدة بعمليات إقصاء مسبقة لمرشحين ذوي وزن كبير من القوائم على مستوى الإدارة لتعبيد الطريق أمام مرشحي احزاب السلطة. وشهدت الإنتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية منذ عام 2002 وإلى غاية الإنتخابات التشريعية والمحلية لعام 2012 جدلا بدون نهاية بين السلطة والمعارضة حول ملف التزوير لكن الأمر لم يغير من الواقع رغم دخول القضاء كمشرف على العملية الإنتخابية عام 2012 لأول مرة وكذا السماح بمشاركة الملاحظين الدوليين في العملية الإنتخابية. وتخلص كل التقارير التي تنجزها لجان المراقبة والإشراف وحتى الملاحظين على وجود تجاوزات في الإنتخابات لكن "دون أن يكون لذلك تأثير كبير على نتيجة الإقتراع" فضلا عن أن هذه التقارير تفتقد إلى طابع الإلزامية في تنفيد محتواها. وعاد الجدل مرة أخرى بشأن التزوير القبلي للإنتخابات الرئاسية القادمة باشتراط المعارضة إشراف لجنة مستقلة على تنظيمها بدل وزارة الداخلية فضلا عن كشف الرقم الحقيقي للهيئة الناخبة التي تجعل الحكومة تتصرف في نسب المشاركة وحصة مرشحيها من الأصوات، لكن السلطة أحالت أصحاب المطلب إلى قانون الإنتخابات الذي يوكل العملية إلى هيئة قضاة ولجنة مراقبة متكونة من احزاب سياسية. وكان هذا الرفض وراء قرار عدة أحزاب بمقاطعة الإقتراع متسائلة "إذا كانت السلطة تتغنى بالنزاهة من أن تعهد بتنظيم العملية للجنة مستقلة؟".
"أحزاب ضحية" تروي "مآسيها" مع الظاهرة الإدارة تطور أجيال جديدة من التزوير كلما انكشفت أساليبها تسُوق الأحزاب التي تشتكي من وجود تزوير في كل المواعيد الانتخابية جملة من الحجج، تؤكد من خلالها تعوّد السلطة على اقتراف "خطيئة التزوير". تُجمع الأحزاب "ضحية التزوير" على كلمة سواء حول هذه القضية، وتقول إنها تملك أدلة ملموسة تفضح ممارسات الإدارة في تزوير الانتخابات والسطو على صوت الشعب في كل اقتراع. وفي الموضوع، يقول النائب عن حركة الإصلاح الوطني، عبد الغني بودبوز، ل"الشروق أونلاين" إن التزوير "واضح لا يحتاج إلى دليل مثلما لا تحتاج الشمس إلى دليل على وجودها في كبد السماء في ربيعة النهار"، ويتحدث بودبوز عن شهادات سمعها من "أفواه مزوّرين"، قالوا إنهم أفرغوا صناديق التصويت من الأوراق الحقيقية وعوضوها بأوراق مزورة "هناك من قال لنا إنهم أفرغوا الصناديق في الميزان وعوضوها بأوراق أخرى بنفس الحجم، بمعى ان ما يهمهم هو وزن الأصوات (مصوتون كُثُر) لا اتجاهها". وفي رأي بودبوز فإن التزوير في التسعينيات يختلف عنه في الألفية الجديدة ".. حتى سنة 97 كان التزوير بالكلاشنيكوف وبقوة السلاح، بينما وجدت السلطة في عزوف الشعب عن التصويت، الآن، سبلا سهلة لأن تزوّر بهدوء وبحيل مختلفة دون اللجوء إلى لغة السلاح الفجة". ويعتقد المتحدث أن السلطة تتلاعب بالأصوات على مستوى القائمة الإسمية للهيئة الناخبة في البلديات، وهي القائمة التي تسلمها للأحزاب "رغم أن حركة الإصلاح تمكنت من تقليص هامش التزوير من خلال تعديل قانون الانتخابات عبر مقترحات سابقة باتت سارية المفعول الآن، تمثلت في تقليص الصناديق المتنقلة ومنع أفراد الجيش من التصويت داخل الثكنات وتسليم المحاضر الانتخابية لممثلي الأحزاب في مكاتب الانتخاب، إلا أن هذا لم يحُل دون وصول أيادي السلطة إلى الصناديق والعبث بالأصوات"، ويضيف موضحا كلامه "لقد سلمونا قائمة اسمية لا يُمكن التأكد من صحة ما فيها.. أسماء مواطنين وفقط ليس إلا، ونحن نريد قائمة محيّنة تحوي تفاصيل عن هؤلاء المواطنين حتى نتأكّد منها". ويفيد بودبوز أن الحركة اقترحت تعديلاها على قانون الانتخابات لأنها "تضررت" كثيرا من التزوير و"حُرمت" من حقها من اصوات الناخيبين في كل انتخابات. ولرئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، تجربته الخاصة في مسألة التزوير، حيث قال ل"الشروق أونلاين" إن الجبهة الوطنية الجزائرية قدمت أدلة حية بالصوت والصورة تثبت وقوع تزوير في انتخابات عدة وليس في انتخابات واحدة: "لقد قدمنا أدلة بالفيديو عن تزوير في مكتب اقتراع لكن لا احد عوقب، فما العمل!؟" وحسب تواتي فإن السلطة لجأت إلى التزوير الذكي بعدما انفضح أسلوبها القديم "هم الآن يزورون إداريا؛ يضخمون القوائم الانتخابية ويُدخلون الأموات ضمن المصوتين ويعطوننا قوائم لا تمت للواقع بصلة، وعليه فإنه من الصعب التأكد من مطابقة القائمة الانتخابية للواقع". ويكشف تواتي أن "تزويرا خطيرا" يتم على مستوى تعداد السكان في الجزائر، فيقول إن التعداد الحقيقي للسكان هو 44 مليون نسمة، دون أن يقدّم أدلة تثبت صحة هذا الرقم ولا يذكر المصدر الذي استقاه منه، ويواصل "إنهم يقولون لنا إن عدد سكان الجزائر هو 38 نسمة وأن مجموع الهيأة الناخبة 31 مليون في حين ليست هذه هي الحقيقة، التعداد الحقيقي هو 44 مليون نسمة، وعليه فإن ستة ملايين صوت مُختلق تصب في وعاء السلطة الانتخابي دون أن يحاسبها عليها أحد، لأنه لا أحد يمكنه أن يتأكد من هذا". ويضيف تواتي "أنتم الصحفيون لا تعرفون هذه التلاعبات والحيل، أما نحن فنعرفها لأننا نعيشها قبل وأثناء الانتخابات" "فمثلا؛ لماذا رفضت السلطة مقترح الانتخاب البيومتري الذي اقترحناه في الجبهة الوطنية؟ لأنهم يعلمون أنهم سيُحاصَرون ولن يستطيعوا تزوير الأصوات، هم يقولون إن التصويت البيومتري غير آمِن وقد يُصوّت الواحد عدة مرات.. حسنا، لدينا مختصونا وسيُطلعونكم على كيفية منع الصوت من التكرّر مرتين أو أكثر، فقط إسمحوا للشعب بهذه الآلية وسنريكم نجاعتها وسهولتها". ويتحدث تواتي عن نوع "مُتقدّم" من التزوير هو "شراء الذمم"، وحسبه فإن كل االناس تعرف اليوم أن المال بات يشتري أصوات الناخبين ويشتري رؤوس القوائم الانتخابية في التشريعيات والبلديات، وحملات توزيع الزيت والسكر على المواطنين صارت توجّه الأصوات في كل موعد. ويخلص رئيس الجبهة الوطنية إلى القول إن التزوير يمارس بطرق متعددة من طرف الإدارة التابعة للسلطة وهو توزير يُطوَّرُ كما تُطوّر أجيال النتكنولوجيا، إذ كلما انكشف أسلوب طورت هذه السلطة أسلوبا آخر.
قانونيون: آلة التزوير تتحدى القانون وقواعد الشريعة تضمن القانون العضوي رقم 12- 01 المتعلق بنظام الإنتخابات المؤرخ في 12 جانفي 2012 ترسانة من المواد القانونية التي تجعل من التزوير قبل الاقتراع وأثناءه وبعده غير ممكن على الأقل من الناحية النظرية، غير أن الممارسات الفعلية في الواقع تؤكد عكس ذلك، حيث تتوالى مع اقتراب كل موعد انتخابي التحذيرات والتنديد من حدوث عمليات تزوير ظاهر وخفي. ووضع المشرع الجزائري نصوصا قانونية تشدد العقوبات ضد كل من يحاول أو يباشر عمليات تزوير الإنتخابات، وذلك طبقا للمادة 210 من قانون الانتخابات وما بعدها والتي تندرج تحت مسمى الأحكام الجزائية لردع المزورين وعمليات التزوير. ولعل الجديد الذي جاء به قانون الانتخابات المعدل والمصادق عليه في 2012 هو إقحام القضاء في مهمة حماية العملية الانتخابية وضمان سيرها في أجواء هادئة، حيث تتشكل اللجنة الوطنية للإشراف على كل المواعيد الانتخابية من قضاة يعينهم رئيس الجمهورية وهي لجنة تمارس مهمة الإشراف على تنفيذ أحكام قانون الانتخابات من تاريخ إيداع الترشيحات إلى نهاية العملية الانتخابية. كما يمكن للجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات تبادل المعلومات المتعلقة بتنظيم الانتخابات وسيرها مع اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات المنصوص عليها في المادة 171 على أن لا تتدخل في صلاحيات لجنة مراقبة الانتخابات. ورغم أن المادة 160 من قانون الانتخابات نصت على أن تجري الاستشارات الانتخابية تحت مسؤولية الإدارة – وهو ما يعاب على هذا القانون وتطالب العديد من التشكيلات السياسية بتعديل هذه المادة – ويلتزم الأعوان المكلفون التزاما صارما بالحياد إزاء الأحزاب السياسية والمترشحين والامتناع عن كل سلوك أو موقف أو عمل من شأنه الإساءة إلى نزاهة الاقتراع ومصداقيته، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك في الاستحقاقات الماضية حين انخرط أعوان الإدارة في الترويج لمترشحين وأحزاب حتى داخل مكاتب التصويت، ناهيك عن استعمال أملاك الدولة ووسائل الإدارة أو الأملاك العمومية لفائدة حزب سياسي أو مترشح أو قائمة مترشحين. وحتى إن منح القانون صلاحية مراقبة سير العملية الانتخابية للأحزاب والمترشحين بحضور عمليات التصويت والفرز، لكن الإمكانيات المادية لا تتوفر غالبا لدى الأحزاب الصغيرة التي تجد نفسها عاجزة عن تغطية جميع مكاتب ومراكز التصويت المنتشرة عبر الوطن وهنا تجد آلة التزوير المجال مفتوحا لفعل فعلتها. خبابة: القانون يسهل التزوير ويقول المحامي عمار خبابة، إن القانون الحالي لا يمنع التزوير بل يتيح هامشا كبيرا للتزوير وبسهولة أكثر بسبب إعطاء صلاحيات كبيرة للإدارة في الإشراف على العملية الإنتخابية. ويضيف المحامي خبابة في تصريح ل"الشروق أونلاين" أن معظم موظفي الإدارة خلال الإنتخابات موالون للسلطة، حيث تعمل اللجان الولائية والبلدية على جمع الدعم والتأييد وحتى الأصوات لصالح مرشح السلطة، مشيرا أن قانون الإنتخابات الحالي تم خرقه بتسجيل الناخبين خارج الآجال القانونية. وأوضح أن العملية الانتخابية مسيطر عليها من طرف الإدارة ويسهل إعداد نتائج مخالفة للرأي العام ولإرادة الشعب الحقيقية، مشيرا أن الصناديق الخاصة (المتنقلة) لا تخضع لأية رقابة بدليل ما حدث في الانتخابات التشريعية ل 2012، كما أن الخروقات المسجلة في الصناديق الخاصة لا يمكن توقيفها بأي حال من الأحوال. وقال الأستاذ خبابة إن عملية التزوير أصبحت دقيقة للغاية بدليل اعتماد الإدارة لما يسمى بقاعدة 5 في المائة التي تقصي الأحزاب التي لا تتحصل على هذه النسبة من عدد الأصوات الناخبة من المشاركة في المجالس المنتخبة المحلية. وأشار إلى أن الأحزاب السياسية طالبت في أكثر من مناسبة بتأسيس هيئة محايدة للإشراف على الاستحقاقات الانتخابية تكون مستقلة عن الإدارة مثل ما حدث في تونس. القوائم الانتخابية لغز محير وعاد بالحديث عن عملية تطهير القوائم الانتخابية التي وصفها باللغز المحير في الجزائر، حيث لا تزال الشكوك تحوم حول العدد الحقيقي للهيئة الناخبة، كما أن هذه القوائم تحمل أسماء فقط دون تفاصيل، بحجة الأمن الوطني وهو ما يبقي دار لقمان على حالها. وقال الأستاذ خبابة إن حديث الوزير الأول عبد المالك سلال عن ترشيح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة يعتبر دليلا على عدم نزاهة وشفافية الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث كان من المفروض أن ينأى الوزير الأول بنفسه عن هذا الأمر فإذا به يعطي انطباعا بانه مهندس وراعي الانتخابات الرئاسية القادمة. وأفاد بضرورة إعادة النظر في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات وإبعادها عن سيطرة الإدارة ومنحها صلاحيات جمع محاضر الفرز وإعلان النتائج. وبخصوص دور المنظمات الدولية والمراقبين الاجانب، أكد الأستاذ خبابة أن حضورهم شكلي فقط لإعطاء الإنطباع بشفافية الإنتخابات، مشيرا إلى أن بعثة الإتحاد الأوروبي لم تطعن في الانتخابات التشريعية الماضية ولم تستمع إلى تقرير اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التي أكدت حدوث تزوير. بن موفق: إطارات الأحزاب عاجزة عن كشف التزوير من جانبه وصف المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر، سمير بن موفق، التزوير بالفعل المادي الذي يعني حدوث تحريف وإضافة أو إنقاص أشياء أخرى. وقال بن موفق في تصريح ل"الشروق أونلاين"، إن الأحزاب تدعي وجود تزوير غير أنها لم تستطع إثبات ذلك ماديا ولم تقدم أدلة على حدوثه. وأضاف أن الضمانات التي تقدمها الإدارة لشفافية الانتخابات ونزاهتها موجودة نظريا فقط أما في الواقع فالأمر يتوقف على حضور ممثلي المترشحين في مكاتب التصويت، غير أن ذلك يعد مستحيلا بالنسبة لكثير من الأحزاب، وهو ما يفتح باب التزوير على مصراعيه في المكاتب غير المراقبة. وأوضح أنه من الناحية القانونية يجب وجود دليل مادي على حدوث تجاوز أو تزوير أثناء يوم الإقتراع، مشيرا أن القانون الحالي كاف جدا لمنع التزوير غير ان مستوى إطارات الأحزاب لا يمكنها من كشف وإثبات التزوير، وخير مثال على ذلك عملية التزوير التي حدثت في أحد مكاتب التصويت وتم تصويرها بالكاميرات وتسريب الشريط على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث تمكنت مصالح الأمن من توقيف المتورطين وتقديمهم للعدالة. وذكر الأستاذ بن موفق بتعليمة رئيس الجمهورية الأخيرة القاضية بتسليم القوائم الانتخابية إلى المترشحين، هؤلاء – يضيف بن موفق – لن يستطيعوا إثبات وجود تضخيم قوائم تتضمن اكثر من 22 مليون ناخب موزعين على 48 ولاية. وقال إن اعتماد نظام الانتخاب الالكتروني كفيل بوضع حد للتزوير، لكن بشرط أن يتم تعميم استعمال بطاقات التعريف البيومتري في المرحلة الأولى. الشيخ يوسف بن حليمة: التزوير جريمة في حق الشعوب في الجانب الشرعي، أكد الشيخ يوسف بن حليمة، إمام مسجد العربي التبسي، بالعاصمة، أن للتزوير أثر على الحياة العامة في المجتمع، حيث يفقد الناس الثقة في الحكام عندها تضيع الكفاءات الصادقة التي تريد الخير للبلاد والعباد، لأن التزوير يعني تولي اشخاص ليسوا أكفاء الحكم وهو ما عبر عنه بما بني على باطل فهو باطل. وأضاف الشيخ بن حليمة، في تصريح لموقع "الشروق اونلاين" أن الشخص المزور يعمل ضد المجتمع وينطبق عليه حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "من غشنا فليس منا". وأوضح أنه عندما يكون هرم السلطة مغشوشا فسيكون كل شيء مغشوشا لا محالة ف"الناس على دين ملوكهم" - يقول بن حليمة -. ووصف الشيخ بن حليمة التزوير بالجريمة في حق الشعوب، حيث أن سنة الله تأبى حدوث ذلك، وقال إن تزوير الانتخابات أشبه بالمرض الذي يصيب الدماغ عندها لن تستطيع باقي أعضاء الجسم الحركة وأداء وضائفها بشكل سليم وصحيح. وأشار الشيخ بن حليمة أن واقع الحال أصبحنا نشجع الأرجل ولا نشجع الأدمغة – في إشارة إلى تشجيع لاعبي كرة القدم وتهميش العلم والعلماء -. ووجه الشيخ بن حليمة كلمة للمزورين بقوله "إذا لم تستح فافعل ما شئت"، مشيرا إلى أن التزوير خداع للأمة لا يقبله الشرع ولا العقل.
الانتخابات في الجزائر والمعايير الأممية.. تولي هيئة الأممالمتحدة اهتماما كبيرا بردع التزوير الانتخابي عبر العالم، والكشف عن أي تلاعبات تطبع العمليات الانتخابية عبر العالم، وترى المنظمة ذلك آلية رئيسية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتقارب المنظمة الأممية المسألة عبر حزمة شروط مشددة وعمليات متعددة. كان لها حضورا في مختلف المواعيد الانتخابية بالجزائر منذ أول اقتراع رئاسي تعددي في 16 نوفمبر 1995. في المقام الأول، تربط الأممالمتحدة تعاطيها مع أي اقتراع بمراقبة الانتخابات والتحقق منها، بهذا الصدد، يشدد ميثاق الأممالمتحدة في الفصل الرابع عشر المتضمن مراقبة الانتخابات والمفاهيم الرئيسية، أنّه من حق أي شخص المشاركة في إدارة شؤون الحكم عن طريق انتخابات حرة ونزيهة، وذلك أحد حقوق الإنسان الأساسية التي ينبغي التمتع بها دونما تمييز. واستنادا إلى الوثيقة ذاتها، تتطلب الانتخابات الحرة والنزيهة احترام سلطة البلد المعني للحق في حرية التعبير والرأي والتجمع السلمي وحرية تكوين الجماعات وحرية التنقل وغير ذلك من الحقوق الأخرى. ويشتمل الفصل السادس ما يلي : "ينبغي لموظفي حقوق الإنسان الذين يراقبون الانتخابات أن يُعرف عنهم الاستقلال وعدم التحيز والموضوعية والمهارات اللغوية والخبرة في إدارة شؤون الانتخابات، على أن يتواجدوا منذ بداية العملية الانتخابية بصورة كافية لضمان نزاهة سائر الأنشطة". ويحث الميثاق الأممي المعنيين ترتيب لقاءات (سابقة ولاحقة للانتخابات) مع مسؤولي الحكومة وقادة الأحزاب والمرشحين والمنظمات غير الحكومية وغيرهم لمعرفة ما إن كانت حقوقهم تحظى بالاحترام وما إن كانت لديهم ثمة شواغل بشأن العملية الانتخابية، فضلا عن قيام الناشطين الأمميين بدراسة القوانين والبنية الأساسية، التمتع بحرية التنقل والوصول، ورصد الاستعدادات السابقة للانتخابات، وفترة الحملة الانتخابية، وأية عملية تسجيل، وكذا تعاطي المواطنين ووسائل الإعلام مع الاقتراع، وصولا إلى مواكبة عدّ الأصوات، ونتائج الانتخابات ومتابعتها. عمليات متعددة وحزمة شروط هناك أربع طرق على الأقل شاركت بها الأممالمتحدة في مواكبتها لمواعيد انتخابية عبر العالم: الأولى: تنظيم وإجراء الانتخابات في بلدان مثل ناميبيا، وفي هذه الحالة، نظمت الهيئة الأممية كافة جوانب العملية الانتخابية. الثانية: أشرفت الأممالمتحدة على الانتخابات عن طريق اختيار ممثل خاص للأمين العام ليشهد بصلاحية جوانب حاسمة معينة في العملية الانتخابية. الثالثة: تولى تنظيم العملية الانتخابية جهاز وطني، وأوكل إلى الأممالمتحدة مراقبة الانتخابات والتحقق مما إن كانت العملية الانتخابية أجريت بحرية ونزاهة. بينما النوع الرابع يتصل بتحسين القدرة الوطنية فيما يتعلق بجوانب الانتخابات المادية والجوانب الخاصة بالبنية الأساسية والجوانب القانونية، والجوانب الخاصة بحقوق الإنسان. وبالنسبة لما تقدّم، تشترط الأممالمتحدة توافر خمسة عناصر: تلقي طلب رسمي من الدولة المعنية، وجود دعم عام عريض لمشاركة الأممالمتحدة، وجود وقت مسبق للمشاركة الشاملة من الجانب الأممي، وجود بُعد دولي واضح، اتخاذ قرار إيجابي من إحدى هيئات الأممالمتحدة مثل الجمعية العامة أو مجلس الأمن. وقبل الاضطلاع بأي دور في أية انتخابات، يتعين على المقرّر الرئيسي للأمم المتحدة أو البعثات الميدانية النظر بدقة في وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من عدمها، مدى ملائمة نطاق المساعدة المطلوبة، وكذا: هل ستشجع مشاركة الأممالمتحدة على الثقة بدون مبرر بعملية متصدعة وزائفة؟، وهل ستوضع نصيحة الأممالمتحدة موضع التنفيذ من جانب الحكومة والفاعلين السياسيين الرئيسيين؟، علما أنّ الأممالمتحدة تحرص على ما تسميه "إجراء اختيارات إستراتيجية" حول شكل الدور الذي تؤديه. ويشدد الميثاق الأممي على اضطلاع المراقبين بضمان سلامة العملية الانتخابية، مع تقييمهم درجة احترام الحكومة لحقوق حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، واعتناق آراء بدون تدخل، والتجمع السلمي، ومختلف انتهاكات حقوق الإنسان. 3 معايير للانتخابات الحرة والنزيهة ينص الفصل الرابع المعنون "نبذة عامة عن معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني"، على معايير دقيقة للانتخابات الحرة والنزيهة، وذلك عبر ضمان سلطة أي بلد المشاركة في الحكم وعدم التمييز، ضمان حرية التصويت، وتأمين التعبير الحر عن إرادة الناخبين. ويلح الفصل الثالث (الصفحات من 6 إلى 8)، على اهتمام الأممالمتحدة بضمان سلامة العملية الانتخابية، بما في ذلك ردع وكشف العنف والإرهاب والتزوير، ولقطع دابر المحذور الأخير، فإنّ المراقبين الذين لا يقيمون بصفة منتظمة في البلد، يُفضَّل أن يقوموا بزيارة موقع الانتخاب مرتين على الأقل، مرة لاستعراض التحضيرات للانتخابات والحملة السياسية ومرة ثانية لمراقبة الانتخابات وعد الأصوات، مع مقابلة الفاعلين الرئيسيين في العملية السياسية والسفر خارج العواصم وتقييم الاستعدادات للانتخابات، بما في ذلك جلسات التسجيل ومراقبة السيرورة اليومية للانتخابات. وتشدد المواثيق الأممية على ضرورة توخي المراقبين للصرامة في إجراء الاقتراع بطريقة تتفادى التزوير والخروج على المبادئ القانونية، وذاك عبر طرح سلسلة أسئلة أساسية: 1 - هل يتمتع الهيكل الإداري الوطني بخبرة في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة؟ 2 - هل تتمتع الأحزاب السياسية بخبرة في المشاركة في الانتخابات المتعددة؟ 3 - هل تستطيع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات الوشيكة؟ 4 - هل تتمتع الهيئة القضائية بالاستقلال الكافي وحسن الأداء الذين يتيحان لها الحكم في أمور الانتخابات؟ وبالإضافة إلى ما سبق، يقوم موظفو حقوق الإنسان القائمين بمراقبة الانتخابات بتقرير ما يلي بشأن قوانين البلد وإجراءاته: 1 - هل تحترم القوانين والإجراءات المعايير الدولية؟ 2 - هل تعبر عن الاحتياجات الخاصة والطموحات والواقع التاريخي للشعب الذي يعنيه الأمر؟ 3 - هل تعبر عن الإرادة السياسية وحق الشعب في تقرير مصيره؟ ومع احتمال وقوع انتهاكات للحملة وتزوير للانتخابات في جميع أنحاء البلد، تلزم الأممالمتحدة بعثاتها بالسفر على امتداد واسع قدر الإمكان من أجل الحصول على تقييم دقيق للعملية الانتخابية، وينبغي لموظفي حقوق الإنسان أثناء سفرهم عدم استخدام مرافقين من الحكومة أو الجيش، فالسفر مع قوات الأمن الحكومية أو مسؤولي الحكومة أو ممثلي الأحزاب قد يرهب الأفراد الذين يتم إجراء مقابلات معهم. رصد مسبق ومتابعات لاحقة تفرض الهيئة الأممية رصد الاستعدادات السابقة للانتخابات وما تتسم به فترة الحملة الانتخابية، وضع قانون وإجراءات للانتخابات، معاينة عملية تحديد الدوائر والحدود الانتخابية المعيار الدولي الخاص بالاقتراع على قدم المساواة بين الناخبين، وينبغي ألا يكون الهدف من هذا التحديد تمييع أو استبعاد أصوات أي مجموعات أو مناطق جغرافية معينة. وتحذر الأممالمتحدة من منح "مزايا غير منصفة للمرشحين الذين تدعمهم الحكومة"، أو "اصطدام" الأحزاب بقيود غير معقولة، مع وضوح شتى الإجراءات ومتطلبات مواقيت وأماكن الترشيح، وتمويل الحملات وتؤكد الهيئة الأممية على ضرورة أن يوفر النظام الانتخابي وقتا كافيا ومتساويا لكافة المترشحين، مع تطبيق هيكل إداري موضوعي وغير متحيز ومستقل وفعال يضمن الإنصاف في وصول المرشحين إلى وسائل الإعلام خاصة عندما تسيطر الحكومة على وسائل الإعلام الرئيسية، وتوفير ضمانات ضد الرقابة السياسية والمزايا الحكومية غير المنصفة وعدم المساواة في الوصول خلال فترة الحملة الانتخابية. كما تتوخى الأممالمتحدة تدابير أخرى لكبح جماح التزوير، عبر تأكيدها على إتاحة قوائم الناخبين للمترشحين، مع تطبيق تدابير بديلة (مثل استخدام الحبر الذي لا يمحى) لمنع ازدواجية التصويت وتصويت الأشخاص الذين لا يتمتعون بالأهلية، وتوصي الهيئة الأممية بمراقبة أي شواهد تدل على حدوث إرهاب للناخبين أو تَعرضهم لمعاملة تمييزية. تقييم مرهون بحسم الحيثيات تقرّ الأممالمتحدة باستحالة إصدار حكم نهائي سريع بخصوص مآل أي انتخابات، إلى غاية البت المتمعن في كافة الحيثيات، بهذا الشأن جاء في المادة 51: "لا يمكن لموظفي حقوق الإنسان تكوين صورة عامة عما حدث إلا بعد تلقي شكاوى من الأحزاب السياسية المعارضة والناخبين وغيرهم، وبعد قيام موظفي حقوق الإنسان بالتحقيق في الشكاوى لتقرير ما إن كانت مبررة وبعد تقرير ما إن كان ذلك أثر على نتائج الانتخابات، يمكن لقيادة عملية حقوق الإنسان الميدانية التي تتولى رصد الانتخابات أن تقوم بتقييم ما إن كانت الانتخابات قد جرت بصورة حرة ونزيهة. الحالة الجزائرية اللافت أنّ الأممالمتحدة واكبت العمليات الانتخابية في الجزائر من خلال الصيغة الثالثة، حيث سبق للجزائر أن طلبت في مواعيد عديدة إيفاد بعثة لمراقبة الانتخابات والتحقق مما إن كانت العملية الانتخابية أجريت بحرية ونزاهة، على منوال الذي حصل في رئاسيات 2004. غير أن المنظمة الأممية زكت نتائج مختلف الاستحقاقات ولم يسجل أن طعنت في أي استحقاق أو أصدرت بيانا تشكك فيه في نزاهة أية انتخابات رغم أن عديد المتابعين يجمعون أن الانتخابات في الجزائر لا تتطابق والمعايير الأممية..
الإدارة ترفض الحلول التكنولوجية لمنع التزوير أجمعت قيادات حزبية ومختصون في "التقنية"، عدم تحلي السلطة بإرادة الحد من ظاهرة التزوير بكل أشكاله، ومنها تزوير الانتخابات، وأكد خبراء أن الحلول التقنية متوفرة في الجزائر، وبالإمكان تنظيم انتخابات لا يرقى إليها الشك بواسطة حلول علمية للظاهرة. قال عضو المكتب الوطني المكلف بالإعلام في حركة النهضة، أمحمد حديبي، أن القضاء على ظاهرة تزوير الانتخابات، مرتبط بتوفر الإرادة السياسية لدى السلطة، ولا يرتبط هذا السلوك الذي ضرب مصداقية الانتخابات في الجزائر بتصرفات معزولة "كما اعتادت الداخلية تبرير التجاوزات التي ترصدها الأحزاب والمراقبون". واعتبر رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، مهمة تنظيم انتخابات نظيفة، أمرا يستدعي فقط توفر الاستعداد لدى السلطة "لأن هناك تقنيات انتخاب معمول بها في الكثير من دول العالم، وبتطبيقها يمكن غلق كل أبواب التزوير". وقال المدير العام لمؤسسة "أوربيت سيستام" المتخصصة في طرح الحلول العلمية لمشكلة تزوير مختلف الوثائق الإدارية، أن مؤسسته تقترح حلولا لظاهرة تزوير الانتخابات "التي تشتكي منها الأحزاب السياسية". وتملك "أوربيت سيستام" حسب تأكيد مديرها العام السيد زيتوني ل "الشروق أون لاين" حلا علميا وعمليا للتلاعب بنتائج الانتخابات، من خلال ورقة تصويت بيومترية، وسجلات الكترونية للهيئة الناخبة، يستحيل تدخل العامل البشري في تزويرها، إلا أن الإدارة الجزائرية على حد تأكيده، تبدو غير مستعدة لتبني هذه الحلول التكنولوجية والإقبال على استخدام الوثائق المؤمنة فقد طرحت المؤسسة ذاتها حسب السيد زيتوني، قبيل الانتخابات التشريعية سنة 2012، مشروع طريقة انتخاب مؤمن، يحمي العملية الانتخابية من كل أشكال التزوير، من بدايتها إلى نهايتها بما فيها الفرز وإعلان النتائج، وتم اقتراح الفكرة على أحزاب سياسية، وهذه الأخيرة بدورها دعت وزارة الداخلية إلى تطبيق هذه التقنية، إلا أن الأمر لم يعد أن يكون سوى "صيحة في واد" فقد جرت الانتخابات التشريعية، وبعدها الانتخابات المحلية ب"نفس الطرق الكلاسيكية، وسمعنا ما سمعنا من تراشق للتهم بين مختلف الأحزاب السياسية حول نتائج الانتخابات". وأكد المتحدث استعداد مؤسسته، لإبرام عقد "الإشراف التقني" على الانتخابات الرئاسية ليوم 17 أفريل 2014، لكنه بدى غير متفائل بموقف الإدارة تجاه مثل هذه المقترحات، قائلا "في اعتقادي إن حديثنا عن طرح بدائل انتخاب تفضي لانتخابات نظيفة 100 في المائة، أمرا لا يحظى بالترحيب"، بل " لا يوجد ترحيب حتى بالحلول المقترحة للحد من تزوير مختلف الوثائق، كالبطاقة الرمادية للسيارات، والسجل التجاري، وبطاقات الائتمان المختلفة، وعقود الزواج والعقود الإدارية والتوثيقية وغيرها". وطرح فريق من المبتكرين لشركة "أوربيت سيستام" في فيفري 2012 مشروع الانتخاب بالورقة الانتخابية البيومترية، بتكلفة 17 مليار سنتيم، وقال الفريق التقني في ندوة إعلامية حضرتها قيادات أحزاب سياسية مختلفة، أن "هذا البرنامج حديث وغير مجرب ونظام الكتروني موصول بوزارة الداخلية وحواسيب الأحزاب السياسية والمترشحين ومراكز الإقتراع وهيئات المراقبة المعنية عن طريق شبكة الانترنيت ، باستطاعته إحصاء نسبة المشاركة في الاقتراع وتقديم النتائج بصفة آنية لحظة بلحظة". ولا يتضمن البرنامج ابتداعا في طريقة الانتخابات، وإنما يستعمل فقط أوراق انتخاب بيومترية تحمل أرقاما تسلسلية سرية لكل ناخب.
قراء الشروق أون لاين يتوقعون بلوغ التزوير ذروته أبدى الكثير من قراء موقع "الشروق أون لاين" تخوفهم من عملية التزوير في الانتخابات الرئاسية المقبلة وخشيتهم من ذلك ، مبررين تكرار سيناريو ماحدث في الإستحقاقات الماضية، حيث أعربوا يقينا عن تأكدهم من عزم الإدارة على تتبع المنهج ذاته لصالح مترشح السلطة، وأصبح هاجس الكثير من المعلقين التخمين بأن عملية التزوير ستكون محسومة ، بل أكثر من ذلك ثمة من تنبأ بمن سيفوز بها بينما هناك القليل من المعلقين من يقول العكس ويقرّ بالنزاهة . مات الضمير السياسي ، والإنسانية غير موجودة في هرم السلطة لقد إجمع معلقو موقع "الشروق أون لاين" أن الإستحقاقات الرئاسية المقبلة سوف يشوبها التزوير وهو ما أكده ياسين من الجزائر حيث عزى في تعليقه الشعب الجزائري بدفن أمل الديمقراطية مؤكدا في الوقت ذاته بان الضمير السياسي قد مات، وان الإنسانية غير موجودة في هرم السلطة، وهو الأمر الذي أثبتته جاليتنا بإسبانيا من خلال تعليق لامية التي أكدت بأنه مادام هناك من أصرّ ويصر على ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة ، فإن عملية التزوير ستكون مرتبة لصالحه حفاظا على مكاسبهم المادية ومكانتهم السيادية حيث -تقول لامية - أن شعار هؤلاء سيكون الغاية تبرر الوسيلة . التزوير سيبلغ ذروته حتى وإن لم يكن من السلطة وفي السياق ذاته تساءل احد المعلقين الذي سمى نفسه بأحمد السطايفي حول تاريخ الاستحقاقات الماضية بقوله "وهل كانت هناك إنتخابات نزيهة ونظيفة منذ 1991 ؟"، مؤكدا بأن هناك من يعتقد أنه بإمكان المواطن حاليا أن يقدم بصوته أو يؤخر ، إلا أن التزوير في الرئاسيات المقبلة سيبلغ ذروته حتى وإن لم يكن من السلطة، والشيء الوحيد الذي سيقلل من نسبة التزوير هو توحيد المراقبة وهو أمر مستبعد- يقول المعلق- ذاته. الرئاسيات المقبلة محسومة لصالح مرشح السلطة وهناك من رأى بأن الإنتخابات النزيهة الوحيدة منذ الإستقلال هي التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة في التسعينات، كما أكده محمد من الجزائر في تعليقه، مضيفا بأن الإنتخابات الرئاسية المقبلة أمرها محسوم لصالح المترشح عبد العزيز بوتفليقة - حسب إعتقاده- نظرا لكثرة المطبلين و"الشياتين" الداعين إلى التزوير المقنن، وأن عملية التزوير وإن لم تكن من طرف السلطة التي تحاول تحسين صورتها سيكون من طرف بوابيها في إشارة منه إلى"الأميار ورؤساء الدوائر" الذين سيبذلون كل جهدهم لتقديم طقوس الطاعة والولاء، حتى أنهم - يضيف المعلق- باخويا احمد من ولاية أدرار بأنهم بدؤوا مخططهم بإختيار مؤطرين من حاشيتهم ومن على شاكلتهم، وهم أناس مستعدون ليكونوا في فم المدفع ليثبتوا الولاء لولي نعمتهم. اللعبة الديمقراطية الحالية تكشف مخطط المزورين ومن جهته أبدى الخميسي زرواق من ولاية المسيلة رأيه من خلال عدة تساؤلات وهي "منذ متى كانت الانتخابات نزيهة ؟ ومن يتركها تصير نزيهة ؟ هل يمكن أن يدور في عقل عاقل أن يتنازل المزورون بهذه السهولة عن كل ما أصبح لديهم من قوة ونفوذ ومكانة متميزة على الخلق؟ ومكاسب ؟ ألا ترون أنهم يسمونها بإسمها الحقيقي الذي تعنيه فعلا "اللعبة الديمقراطية " هذا عند مخترعيها، فكيف بنا نحن المقلدون ؟ هل بلغ بنا الأمر هذا الحد من البلاهة والغفلة أن نتمنى على الله الأماني وأن نحلم بأنهم سيسلموننا المفاتيح ويخرجون من الباب الضيق؟"، هي أسئلة طرحها المعلق مؤكدا فيها بان نتائج الرئاسيات المقبلة ستكون محسومة لصالح الرئيس المتفق عليه من طرف الفاعلين في فريق اللعبة الديمقراطية. التزوير... حجة من لا يستطيع أن يثبت ذاته في المجتمع السياسي وقال المعلق مهاجي من ولاية عين الدفلى على موضوع إعتماد السلطة على التزوير لتمرير مرشحها، بأن الإنتخابات ستكون مزورة لصالح مرشح السلطة وأعطى العديد من الأمثلة المحتملة التي تؤكد رأيه وذكر الجيش مثلا الذي سيجبر في إعتقاده كل الجنود على التصويت لمرشح السلطة عبر الانضباط مثل العادة، والأمر يكون كذلك عند مصالح الشرطة والدرك والجمارك وحرس الحدود، والحرس الجمهوري، وعائلاتهم الذين يمثلون ثلاثة ملايين صوت على الأقل، ومن ثم يضيف المعلق مهاجي،فإن عدد المصوتين مرشح للزيادة، بتكاتف -على حد رأيه- "ديناصورات الأفلان وعائلاتهم" والمغرر بهم والبدو الرحل والأميون حيث يصل العدد - في إعتقاده- إلى 7 ملايين صوت، لتأتي عملية التزوير التي ستدعم النسبة لتصل إلى 50 بالمائة لصالح مرشح السلطة وبتبريرات وحجج واهية، مفادها الإنتصار وثقة الشعب بمرشح السلطة ومن تختاره لقيادة البلاد في الفترة المقبلة. وفي سياق آخر قال المعلق ياسين فرطاس من الجزائر العاصمة، بأن التزوير هو حجة من لا يستطيع أن يثبت ذاته في المجتمع السياسي وهو حجة لهروب وتنصل أي حزب أوشخص مرشح من شخصيته وأفكاره التي ظل يقنع بها نفسه وما من حوله قبل دخوله الميدان السياسي، وبعد الدخول يتبين له انه قد لا يستطيع أن يصل ويفوز في هذه الانتخابات لأنه من السهل أن يفكر الإنسان في إمكانية الفوز قبل دخوله المعترك وبعد أن يتقدم المرشح هنا يدرك أن كل شيء مباح في السياسة من نفاق وكذب وضرب تحت الحزام أو العكس بالصدق والسيرة الذاتية للمنافس، مضيفا أن التزوير حجة المنسحب لينسحب بشرف على الأقل في نظره هو لكنه إنهزامي لا يستطيع أن ينافس فلجأ للقول أن الإنتخابات ستكون مزورة ويتنبأ بالغيب والمستقبل ليصبح أغلب المرشحين منجمين. مادام هناك مرشح السلطة، فالتزوير لا مفر؟ وأضاف بلقاسم من ولاية تمنراست بأنه مادام هناك مرشح السلطة فالتزوير لامفر منه، وهو الأمر ذاته الذي أكده المعلق عبد القادر من مروانة ولاية باتنة، حيث قال "حين تعين أنت رئيس الحكومة وتعين وزير العدل وتعين وزير الداخلية وتعين رئيس المجلس الدستوري وترقي قائد الأركان أليست هذه هي الدولة فمن يكون ضدك أليس من المنطق أن تكون حكومة إنقاذ وطني يشارك فيها الجميع لبناء مؤسسات ديمقراطية بإشراف القضاء، حيث لن يكون وقتها لكلمة تزوير دور في الساحة السياسية. وقد أكدت معظم تعليقات قراء موقع "الشروق أون لاين" حول موضوع إعتماد السلطة على التزوير لتمرير مرشحها على أن التزوير في الإستحقاق الرئاسي المزمع تنظيمه في 17 أفريل المقبل سيبلغ ذورته وبمختلف الطرق المقننة من طرف من يختار قائد السفينة في الفترة المقبلة.