هل مجتمعنا مريض بنخبته ؟ تساؤل يفرضه موقف شريحة من هذه النخبة من الكثير من القضايا الوطنية , موقف يتعمد توظيف الجوانب السلبية التي يكاد لا يخلو منها شأن من شؤون الحياة , و يتغاضى عن الوجوه الإيجابية التي تشكل هي الأخرى جزءا –كبيرا أو صغيرا- من هذه الشؤون ! و رغم أن الموضوعية تلزم صاحبها الإحاطة (قدر الإمكان) بجميع وجوه الموضوع إيجابيها و سلبيها, و الموازنة بينهما, قبل ترجيح كفة أحدهما , غير أن فئة من نخبنا تعودت بيع تحاليل تفتقر إلى ذرة من الموضوعية كونها تغرف من بئر لا قاع لها من السوداوية التي لا تدع حيزا لنقطة ضوء . و هذا النوع من التحاليل يجد من يشتريه في سوق الإعلام الأجنبي , و كذلك الوطني( للأسف الشديد) إن النظرة السلبية و سوء الظن اللذين يميزان عدة تحاليل صحفية حول العملية الانتخابية , يفرضان علينا و لو من باب التذكير ببقع الضوء , تقديم وجهة نظر مغايرة توضع في كفة الإيجابيات المتمخضة عن كل استحقاق انتخابي و هي نظرة تخص الديناميكية و الحيوية التي تضفيها الانتخابات على الحياة الاقتصادية و الحركة التجارية جراء التنقل السريع و النافع لاعتمادات مالية ضخمة , بين مختلف المتعاملين المعنيين بشكل أو بآخر, بالاستحقاق الانتخابي . فالانتخابات ليست مجرد خطابات و وعود سياسية و برامج انتخابية و مهرجانات شعبية , و إنما هي كذلك نشاط مربح و نافع لمئات الآلاف من الجزائريين و الجزائريات الذين يجدون في المواعيد الانتخابية فرصة لدعم مداخيلهم و تنشيط تجارتهم و ترويج بضاعتهم بدءا من سائق سيارة الأجرة وانتهاء بمؤسسات الطباعة , مرورا بكل الذين لهم علاقة بالخدمات اللوجستية من مؤطري مكاتب و مراكز التصويت المقدر عددهم بحوالي 500 ألف مؤطر , و أعضاء لجان المراقبة و الإشراف و المسخرين للنقل و الإطعام و الإيواء و توفير مختلف الخدمات , فضلا عن الناشرين و وكالات الإشهار و وسائل الإعلام المختلفة و المصورين المحترفين و متعاملي الهاتف و حتى المغنين و المغنيات و دور النشر , و التجار عامة ,و غيرهم ممن لهم نصيب قل أو كثر في الريع الانتخابي مهما كان حجم هذا الريع , الذي نأمل أن يتطور حجما وتنظيما ليساهم أكثر في بعث الاقتصاد المحلي وترويج الإنتاج الوطني و تطويره . و الذي يراعي كل هذه الجوانب , لا شك أن نظرته للعملية الانتخابية ستكتمل ,مما يتيح له تقييم الجدوى من تكاليف العملية الانتخابية من عدمه , و منح الحديث عن التبذير و التقشف و الوضع الاقتصادي للبلاد , و المال الفاسد ... حجمه الصحيح دون تضخيم و لا تقزيم . فمصداقية النخبة في موضوعيتها بالدرجة الأولى .