من المؤكد أن الدورة القادمة لمنافسة كأس إفريقيا للأمم 2012 المقررة إنطلاقتها نهاية هذا الأسبوع مناصفة بين غينيا الإستوائية والغابون سيميزها غياب بعض المنتخبات الكبيرة التي لها باع طويل في مثل هذه التظاهرة والذين يعدون عمالقة وكبار الكرة في القارة السمراء وهي المنتخبات التي يعلم الجميع أنها تركت بصماتها واضحة في الدوات السابقة بل أنها نشطت الأدوار المتقدمة من الطبعة الماضية التي إحتضنتها أنغولا 2010، أبرزها المنتخب المصري صاحب لقب الدورة الماضية فضلا عن المنتخبات الكاميرون ونيجيريا والجزائر والذين سيسجلون غيابهم عن هذه الطبعة فاسحين المجال لمنتجات أخرى للتتويج باللقب القاري نذكرهم غانا وكوت ديفواروممثلا العرب المغرب وتونس. ويعد غياب المنتخب الوطني عن هذه الطبعة الحدث الأبرز على الساحة الوطنية والذي أسال الكثير من الحبر وفتح باب التأويلات على مصراعيه إذ هناك من وجه أصابع الإتهام للإتحادية الجزائرية لكرة القدم وللسياسة التي إنتهجتها حيث لم تحافظ على الاستقرار لا سيما على مستوى العارضة الفنية في الوقت الذي أرجع فيه البقية من التقنيين سبب فشل النخبة الوطنية الى المدربين الجزائريين في مهامهم، أما اللاعبين السابقين للمنتخب فقد إعتبروا الإقصاء فرصة سانحة لإعادة الأمور الى نصابها وتصحيح الأخطاء وإعلان الإنطلاقة الحقيقية للخضر بعد هذه التظاهرة. إقصاء المنتخب الجزائري من هذه الدورة أضحى حديث العام والخاص في وسط الأنصار وعشاق النخبة الوطنية الذين لم يهضموا لحد الآن تخلف الجزائر عن أكبر محفل إفريقي على الإطلاق، خاصة بعد المشوار الجيد الذي قام به أبناء المدرب السابق رابح سعدان خلال التصفيات المزدوجة المتمثلة في مونديال جنوب إفريقيا وكأس إفريقيا 2010 بأنغولا، حيث أزاح رفقاء زياني العديد من المنتخبات القوية عن طريقهم على غرار السنغال، زامبيا، قبل أن يكمل النصاب وحلقة التألق بإبعاد المنتخب المصري الذي كان بمثابة بوابة الخضر لبلوغهم كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، ولكن بعد المونديال سرعان ما عاد المنتخب الوطني الى نقطة الصفر وتراجع مستواه بشكل محسوس ورهيب، حيث لم يحسن البدء في التصفيات السابقة والمؤهلة الى نهائيات 2012 واستهلوا المنافسة بتعثر في ملعب تشاكر بالبليدة أمام تنزانيا وتبعته إستقالة المدرب رابح سعدان من العارضة الفنية وخلفه بعدها بن شيخة الذي لم يعمّر طويلا بعدما تكبد أول هزيمة أمام إفريقيا الوسطى (2/0) بالعاصمة بانغي، قبل أن يستعيد نشوة الفوز على حساب المنتخب المغربي بعنابة بفضل هدف سجله يبدة بواسطة ضربة جزاء لتأتي موقعة مراكش المنحوسة والتي أنهت مهام عبد الحق بن شيخة بعدما مني المنتخب الوطني بهزيمة قاسية أمام نظيره المغربي ب 4/0 وهي أول خسارة يتكبدها الخضر بهذه القساوة منذ عدة سنوات الأمر الذي جعل الإتحادية الجزائرية لكرة القدم تعين المدرب البوسني حاليلوزيتش مكان بن شيخة واستطاع هذا التقني أن يصلح بعد الأمور من جديد غير أنه فشل في إهداء تأشيرة التأهل الى كأس إفريقيا للأمم بغينيا الإستوائية والغابون 2012 وهو بذلك يطمح لبناء منتخب قوي ومتجانس إستعدادا لكأس إفريقيا 2013 ومونديال البرازيل عام 2014. غياب مبرر في البطولات الخمس الأولى عندما برزت فكرة تنظيم منافسة إفريقية تجمع منتخبات بلدان القارة السمراء كان الشعب الجزائري وقتها في قمة عطائه الثوري فتعذر عليه المشاركة في تصفيات الدورات الخمس الأولى بداية من 1957 ثم 1959 و1961 و1963 وأخيرا 1965 لكنها بمجرد أن شعرت بتناقص آلام جرح الإستعمار سارعت الى دخول المغامرة الإفريقية التي بدأها في الطبعة السادسة التي أقيمت بدولة أثيوبيا سنة 1968 وسجل حينها نتائج وصفت بالمقبولة بتشكيلة كانت تضم خيرة ما أنجبت الكرة الجزائرية في الستينات وعلى رأسهم الهداف للماس وكالام وعاشور وعبروق في أول تجربة للخضر آنذاك حيث إستطاعوا إنتزاع مكانة ضمن المقاعد الثمانية التي حجزت بأثيوبيا العمالقة الكرة الإفريقية حيث لعبت الجزائر في المجموعة الأولى القوية التي ضمت كوت ديفوار، أثيوبيا وأوغندا. فإنهزت أمام الإيفواريين ب 0/3 ليتداركوا إخفاقهم في المباراة الثانية أمام أوغندا التي أمطروها ب 0/4 وخسارة أخرى ب 1/3 أمام أثيوبيا ليقصى الخضر في الدور الأول. ولا مشاركة في السبعينات الغيابات الأخرى للنخبة الوطنية طالت هذه المرة ودامت 12 سنة كاملة حيث من 1968 لم يشارك المنتخب الوطني في أي دورة من الدورات التي جرت سنوات 1970 و1970 و1972 و1974 و1976 و1978 إذ مرت الكرة الجزائرية في تلك الفترة بظروف صعبة إنعكست بشكل تام على مستوى المنتخب الوطني الذي رغم أنه كان يملك خبرة اللاعبين البارزين أمثال المرحوم هدفي ميلود، بلكدروسي، باشي، بن شيخ، بطروني، بن قادة دراوي، محيوز ، فريحة إلا أنه عجز على كسب تأشيرة التأهل في دورة من الدورات الخمسة التي جرت أطوارها في سنوات السبعينيات ولو أنه تألق سنة 1975 في ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي فاز من خلالها بالميدالية الذهبية بعدما ازاح في اللقاء النهائي نظيره المنتخب الفرنسي (2/3) ولم تكن عودة الكرة الجزائرية إلى واجهة القارة السمراء إلا في سنة 1980 بمناسبة دورة نيجيريا بجيل جديد من اللاعبين الموهوبين من أمثال لخضر بلومي وماجر وعصاد وفرڤاني وبن صاولة، جيل استطاع أن يصل إلى الدور النهائي في أول مشاركة له ولولا الظروف الصعبة التي عاشها في المباراة النهائية لتوج بالكأس على حساب البلد المنظم. كعروف يقصي الجزائر من نهائيات 1994 منذ 1980 والكرة الجزائرية حاضرة وبقوة في كل الطبعات التي تلتها وبصفة متتالية وكانت في كل مرة تترك بصماتها لا سيما في دورات 1982 بليبيا و1984 بكوت ديفوار و1988 بالمغرب و1990بالجزائر عندما توجت بالكأس الإفريقية الأولى لها قبل أن تعود إلى نقطة الصفر سنة 1992 بمهزلة زيڤنشور تلتها عدم مشاركة المنتخب في الطبعة التي احتضنتها تونس سنة 1994 بسبب قضية اللاعب كعروف الذي اشرك في إحدى المباريات وهو معاقب رغم تأهل الخضر إلى هذه الدورة، ما جعل الإتحاد يقوم بإجراءات ردعية فأقصى منتخبنا من المشاركة وعاقب بشدة لاعب شبيبة القبائل سابقا كعرو ف وهو ما ترك أثارا سلبية على الجمهور الجزائري وعشاق النخبة الوطنية التي كان يقودها إيغيل مزيان. تدشين الألفية الجديدة بعدم الحضور بعد غيابها عن دورة 1994 التي احتضنتها الشقيقة تونس عاد المنتخب الوطني ليشارك في منافسة كأس افريقيا للأمم التي احتضنتها لأول مرة في تاريخ لها مدينة جوهانسبورغ عاصمة دولة جنوب إفريقيا وتأهل حينها رفقاء الهداف علي ميصابيح إلى ربع النهائي قبل أن يقصوا من طرف منتخب البلد المنظم جنوب افريقيا. وبعد أن شارك أيضا في الطبعة الموالية التي جرت أطوارها ببوركينافاسو سنة 1998 والتي تبقى إحدى أسوأ المشاركات الجزائرية على الإطلاق بفعل إنهزام الخضر في كل مبارياتهم أمام بوركينافاسو (0/1) وغينيا (0/2) والكاميرون (1/2) سجل المنتخب الجزائري غيابا آخرا في دورة 2002 بسبب عدم تمكنه من البروز في التصفيات وكان منطقيا أن يغيبا عن هذه الطبعة بسبب حالة التشنج والضعف التي أصابت الكرة الجزائرية في بداية الألفية الثالثة. الخضر شاهدوا دورتي 2006 و2008 عبر الشاشة عودة المنتخب الوطني إلى الواجهة صنعها المدرب رابح سعدان الذي استطاع أن يكون رجلا للمطافئ فتأهل المنتخب إلى دورة تونس سنة 2004 وحقق نتائجاً باهرة أهمها فوزه على المنتخب المصري القوي وتأهله إلى ربع النهائي قبل أن ينهار أمام المغاربة، هذه المشاركة عرفت إعتداءات على الجمهور الجزائري بسوسة وشهدت تألق الخضر قبل أن تعود ريمة إلى عادتها القديمة في دورة 2006 التي جرت بمصر وعرفت غياب النخبة الوطنية عن الحدث القاري بعد إقصائهم في التصفيات لتبقى الكرة الجزائرية تعاني في الظلام الدامس تسبب أيضا في عدم مشاركتها في الدورة الموالية التي جرت بغانا 2008، والتي فاز بلقبها المنتخب المصري وعرف رغم غياب الخضر تألق كبير للحكمين الجزائريين بنوزة وحيمودي وبطبيعة الحال إتخذت الإتحادية بعدها جملة من الإجراءات من أجل القضاء على الضعف والهوان الذي أصاب الكرة الجزائرية في تلك الفترة. المنتخب المونديالي يغيب عن دورة غينيا الإستوائية والغابون عودة سعدان إلى العارضة الفنية سنة 2009 مكنته من إعادة بعث المنتخب الوطني من جديد حيث إستطاع أن يعيد البسمة إلى شفاه الجمهور الجزائري على مرتين متداركا الإخفاقات المريرة في طبعتي 2006 و2008 حيث تمكن من قيادة الخضر للتأهل إلى كأس إفريقيا 2010 بأنغولا فضلا عن ذلك كسب تأشيرة التأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا فظن الجميع أن الكرة الجزائرية طلقت وبالثلاث عهد الخيبة والضعف والهوان وأن عهد جديد سيباشره الخضر لكن سرعان ما إستفاق الجميع من سباتهم ووقفوا على الحقيقة المرّة عندما شاهدوا بأعينهم سيناريو الإقصاء يعاد من جديد بعدما فشل المنتخب المونديالي من ضمان تأشيرة التأهل إلى منافسة كأس إفريقيا للأمم التي ستحتضنها مناصفة كل من غينيا الإستوائية والغابون، في مشهد أصاب العديد من المتتبعين وعشاق الكرة الجزائرية بالصدمة خاصة وهم يرون إنهيار المنتخب الوطني بتعداده الثري من العناصر المحترفة أمام المغرب وإفريقيا الوسطى، فنسي الجميع نشوة التأهل إلى المونديال والدور نصف النهائي من كأس أمم إفريقيا بأنغولا. ____________________ سجل المنتخب الوطني في كأس إفريقيا 1957: غياب 1959: غياب 1962: غياب 1963: غياب 1965: غياب 1968: أقصي في الدور الأول 1970: أقصي في الدور التمهيدي 1972: أقصي في الدور التمهيدي 1974:أقصي في الدور التمهيدي 1976: أقصي في الدور التمهيدي 1978: أقصي في الدور التمهيدي 1980: المركز الثاني 1982: المركز الرابع 1984: المركز الثالث 1986: أقصي في الدو الأول 1988: المركز الثالث 1990: المركز الأول 1992: أقصي في الدور الأول 1994: أقصي بسبب خطأ إداري 1996: أقصي في الدور ربع النهائي 1998: أقصي في الدور الأول 2002: أقصي في الدور التمهيدي 2004: أقصي في الدور ربع النهائي 2006: أقصي في الدور التمهيدي 2008: أقصي في الدور التمهيدي 2010: المركز الرابع