أكد الشاعر طموح عبد الله خلال منتدى الجمهورية أن إعادة الإعتبار للأغنية الوهرانية لا تكون إلا من خلال توظيف الجوق الوهراني من جديد في الإذاعة الجهوية ، وجمع شتات عناصره، حتى يتسنى للملحنين و الفنانين تسجيل أعمالهم الفنية المختلفة ، حتى لا تموت معهم، كما قالها يوما " رحال زوبير "،بدليل أن المرحوم بلاوي الهواري ترك خلفه الكثير من الألحان الجاهزة التي لم تسجل بعد، داعيا السلطات الولائية و المحلية إلى ضرورة إقامة الحفلات باستمرار تشجيعا لهذه الأغنية التراثية التي تحمي هويتنا و انتمائنا، وكذا تنظيم مسابقات تحضيرية للشباب خاصة، سواء كانوا ملحنين أو مطربين أو شعراء . وعن واقع الأغنية الوهرانية قال طموح إن هناك بصيص من الأمل في أن يستعيد هذا اللون التراثي مكانته في المشهد الثقافي الوطني، لأن تأثيره لم يكن محصُورا في وهران ونواحيها فقط، بل امتدّ إلى ربوع الوطن و خارجه، وما يدعم هذا الرأي هو المهرجان السنوي الذي اكتشفت فيه مواهب تعهدت حمل المشعل، إلى جانب استقطاب مطربية رايويين واستمالتهم، و لهم من الشّهرة ما يمكنهم من الترويج لها وطنيا وعالميا، و أغنيتي "بختة" و"حمامة" خير دليل . وفي ذات السياق قدم طموح خلال مداخلته نبذة تاريخية عن الأغنية الوهرانية ، حيث قال إنها ذلك الفن الغنائي الذي تغنى به الوهرانيون منذ العشرينيات في طابع بدوي،وقد اتسم بخاصية تميزه عن بقية الطبوع الغنائية الوطنية، من حيث المفردات والنطق،ما أكسبه نكهة فريدة من نوعها، وقد أجمع المؤرخون والباحثون على أن بداية الأغنية الوهرانية تعود إلى سنوات العشرينيات، في طابع بدوي يعتمد فيه على الآلات التقليدية كالطبل و القلال، وقد مثّل هذه المرحلة شعراء ومؤدون أمثال الشيخ حمادة الذي سجل عددا من أغانيه بألمانيا سنة 1924، إضافة إلى الشاعر عبد القادر الخالدي ومصطفى بن براهيم ، سيدي لخضر بن خلوف، الشيخ بن قابلية وغيرهم من الذين نهل منهم المغنيون أعمالهم الفنية ، و يأتي الرمزان أحمد وهبي وبلاوي الهواري على رأس القائمة، فضلا عن هجيرة بالي التي اكتفت بتقديم 6 أعمال فقط في مشوارها الفني، إضافة إلى مريم عابد التي أصبحت إعلامية بإذاعة فرنسا الدولية ، ومحمد بن زرقة الذي عرف بأغنيته الشهيرة " نبغيك نبغيك عمري ما نفرط فيك " ، إلى جانب أحمد صابر ، دون أن ننسى مساهمات موريس مديوني ،و الشيخ قدور وغيرهم . وفي بداية الثلاثينات - يضيف طموح - ظهر اللون الوهراني بطابعه العصري متأثرا بالموسيقى المشرقية " المصرية على وجه الخصوص" ، و الغربية مثل الإسبانية وموسيقى أمريكا اللاتينية عبر إدخال الآلات العصرية كالقيتارة و الأكوردون، و العود و البونجو و الكمان ، ويعود الفضل في هذا للمرحوم بلاوي الهواري أولا و المرحوم أحمد وهبي ثانيا، فهما مدرستان متلازمتان، استطاعا وضع هذا الفن، في قالب متفرد رغم التأثيرات الموسيقية من هنا وهناك، و إذا كان أحمد وهبي مشرقي الصوت في توجهه فإن المقام الوهراني بسعة مساحته مكنه من تطويع صوته وموسيقاه بإضفاء، الصبغة المحلية الوهرانية، على أعماله حفاظا منه على أصالة هذا الفن .أما بلاوي الهواري فيعود له السبق في و الريادة في تحقيق قفزة غر معهودة يحكم ثقافته الموسيقية ، واحتكاكه المباشر بثقافة الغير عن طريق عمله في الميناء ، و إشرافه على التنشيط الثقافي و الفني في مقهى والده .