شكل موضوع "واقع الصحافة التقليدية في ظل تحديات الثورة الرقمية"، محور اللقاء الذي احتضنه منتدى الجمهورية أمس الأربعاء، احتفالا باليوم العالمي لحرية الصحافة، نشطه الأستاذ معزوز رزيقي، رئيس تحرير سابق بجريدة الجمهورية، و إطار سابق بوزارة الإتصال، الذي أثار أمام الأسرة الإعلامية، المكتوبة و المسموعة و المرئية، الأزمة التي تمر بها الصحافة المكتوبة في الجزائر، بسب إنهيار أرقام السحب، و توقف أكثر من 60 صحيفة عن الصدور، من بينها 29 يومية، و تراكم الديون لدى المطابع، و سقوط مداخيل الإشهار. كما أشار الأستاذ معزوز في مداخلته، إلى ظاهرة هجرة جمهور الصحافة المكتوبة و حتى التلفزيون نحو الأنترنت، لا سيما مواقع التواصل الإجتماعي، التي بلغ عدد روادها في الجزائر 18 مليون مستعمل، حيث باتت هذه الوسائط اليوم مصدرا للمعلومة، بغض النظر عن مدى صحتها، باعتبار أنها ليست مؤطرة من قبل مهنيين، ولا تحتكم إلى الأخلاقيات، لكنها في الوقت نفسه، لديها تأثير قوي على انفعالات المتلقي والرأي العام، مشيرا هنا إلى أن فريقا من الباحثين، توصل إلى حقيقة مفادها أن انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، و خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما يعرف بالبريكسيت، كان نتيجة تأثير هذه المواقع. فالثورة الرقمية التي أخلطت أوراق وسائل الإعلام التقليدية يقول معزوز رزيقي، باتت تفرض اليوم حتمية تكيف المؤسسات الوطنية، أو ما يعرف بالاتصال المؤسساتي مع التطورات الحاصلة في مجال الإعلام، من خلال تجديد الشكل و المضمون في المهنة، لأننا دخلنا عهد ما بعد الحقيقة. من جهة أخرى، صرح مدير المحطة الجهوية للتلفزيون بوهران أحمد بن صبان، في مداخلته، أننا بحاجة اليوم إلى صحفي يحلل الخبر ولا يقتصر على نقله فحسب، لأن الإعلام في رأي المتحدث، إنتقل اليوم من قول الحقيقة إلى صناعة الحقيقة، قبل أن يضيف قائلا " لا توجد حرية التعبير في أي مؤسسة إعلامية، وعلى الصحفي أن يختار المؤسسة التي تتماشى وقناعاته"، مضيفا في سياق متصل "منذ أن أصبح البرنامج التلفزيوني بحاجة إلى صفحة فايسبوك ليروج لنفسه، لم يعد إعلاما ثقيلا" بالفايسبوك يقول بن صبان، قتلنا أهم شيء في الصحافة وهو المصدر. في حين رأى الإعلامي وعضو سلطة ضبط السمعي البصري عبد القادر فقير في كلمته، أنه لا بد من التفريق بين حرية التعبير و فوضى التعبير، الذي تشهده بعض المنابر الإعلامية، و هو ما جعل اخلاقيات المهنة على المحك، مشيرا إلى أن الصحافة التقليدية لا سيما المكتوبة، هي اليوم غير مجهزة بالوسائل التقنية و الرقمية، التي تدافع بها عن نفسها، أمام تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي غزت بيوتنا. وجاء رأي الصحفي جعفر آيت حبوش من إذاعة وهران الجهوية، الذي شارك في تنشيط هذا اللقاء، مخالفا، حيث أكد أن ما أسماه بالإعلام البديل، في إشارة إلى مواقع التواصل الإجتماعي، له محاسن كثيرة، لكن الإشكال المطروح حسبه، يكمن أساسا في تقنين العمل في الإعلام الرقمي، و غياب الضوابط التي تحكمه، مضيفا أن الإعلام التقليدي بإمكانه مواكبة الثورة الرقمية، من خلال تكوين الصحفيين، رافضا بذلك فكرة زواله كما يراه البعض، فالصحافة المكتوبة يقول المتحدث، لا تزال تقتات من الإشهار، الذي كان سببا في توقف الكثير من العناوين عن الصدور.