هو أحد الوجوه التي قد لا يعرف عنها شيئا الجيل الجديد من المسرحيين. لأنه لم يكن من عشاق الظهور واللقاءات والأضواء الإعلامية. وتوزيع الآراء. كان رجل مسرح يعمل في صمت وبجدية.. لم يكن يهمه كم عملا قدم في السنة ولكن كان يهمه ما هو الأثر الذي يتركه عمل قدمه له المسرح. وكيف استقبله الجمهور ؟ . يكتب النصوص ويقتبس كذلك من الأعمال السردية ..مخرج ومُكوّن.. انتقل في عمله بين عدة مسارح وعمل خارج الجزائر في وزارة الشباب والطفولة بتونس ، عمل بها منشطا في الفنون الدرامية ، كان ذلك مطلع تسعينات القرن الماضي. رحل عن الدنيا وهو في قمة العطاء المسرحي. رحل والجزائر تعيش سنوات الدم السوداء جراء الإرهاب . رحل في وقت كان ينتظر منه عطاء أكثر للحركة المسرحية التي أوقف حياته ونشاطه عليها. أخرج عدة أعمال مسرحية في بجايةوعنابة. وقدم له المسرح عدة نصوص منها في المسرح الوطني وفي مسرح عنابة وكذلك بجاية والبعض قدمته تعاونية المسرح الصغير بعنابة. وهي التعاونية التي أنشأها بنفسه. ولد سنة 1954بتنفلكوت. وتوفي بمدينة نانت الفرنسية سنة1998، اشتغل على نصوص لإحسان عبد القدوس الذي كان يحب أعماله القصصية .حكايات سردية حولها إلى حركات على ركح المسرح. قلم جيد في مسرحة الأعمال السردية، نالت أغلب أعماله الإعجاب وصفق لها الجمهور كثيرا. من أهم أعماله. " زنوبة " عن قصة لإحسان عبد القدوس سنة1997.، " علي بابا" سنة1993 ، " مجيكو شو" سنة1991 ، علاء الدين والمصباح السحري سنة1989 ، زردابسنة 1996 ، غابو لفكار عن نص سلافونير مرة زيك المهاجران ، أهم عمل عرف به ويذكره الكثيرون من المسرحيين هو مسرحية " حافلة تسير " عن قصة الكاتب إحسان عبدالقدوس، "سارق الأتوبيس " من آداء الراحل عز الدين مجوبي ودليلة حليلو، وإخراج زياني الشريف سنة 1884، الأغلبية تذكر مجوبي وأداءه الرائع، لكن الأغلبية كذلك تجهل أن صاحب النص هو هذا الرجل . هل ذكرت اسمه لا ليس بعد... إنه المسرحي الدراماتورجي الراحل " بوبكر مخوخ." ...الرجل الذي أوقف حياته على المسرح وأعطاه الكثير ولم يأخذ منه أي شيء ، رحيله كان خسارة للحركة المسرحية في الجزائر، فدراماتورجي مثله لا يجود به الزمن كل سنة. أذكر أني التقيته ذات مرة وبالصدفة في مدينة عنابة خلال الأيام المسرحية التي كان المسرح الجهوي ينظمها. وبالتحديد في مكتبة تبيع المؤلفات القديمة. حيث أمسك كلانا بنفس الكتاب ، نظر إلي ونظرت إليه ، سحب يده وقال : خذه ما كنت تريده " ، كان الكتاب نصا من المسرح الإفريقي، أظنه للكاتب الشيخ نداو. بعدها قال " نخوخ" : سأتنازل عنه لأنني اعرف أنك ستقرأه وأعرف شغفك بالمسرح ، ألست أنت فلان..؟ ، قلت : بلى أنا هو ، فصافحني بحرارة ومودة . قال : أعرفك وكم وددت أن نلتقي ، وها هي الصدفة تلعب لعبتها، ثم أضاف: أنا فلان .، وانفتح باب الحديث بيننا ورحنا نطوف أرجاء المكتبة بحثا عن أي كتاب يتحدث عن المسرح. كان مخوخ خبيرا للغاية، ففي كل مرة يمد يده إلى رف يخرج لي منه كتابا، أغلب الكتب التي عثرنا عليها تنازل لي مخوخ عنها ، معللا ذلك بأنه سوف يجدها في مكان آخر .كان حصدي كبيرا يومها رزمة تنوعت محتوياتها بين النصوص والدراسات النقدية ،بعد المكتبة كانت لنا جلسة في ساحة الثورة وحول فناجين القهوة كان الحديث عن المسرح و واقعه لدينا .تحدثنا وكأننا نتعارف منذ سنوات شرقنا وغربنا، ثم عادت بنا طائرة الرحلة إلى ساحة الثورة بعنابة ، حدثني عن بعض المشاريع التي يحلم بها ، كانت المشاريع تنبت في رأسه كما الشعر في لحيته ، أحلامه لا تعرف لها حدودا كما كانت حافلته لا تعرف توقفا ، رحل مخوخ وترك فراغا كبيرا ..رحل لكن حافلته لازالت تسير ، أيها الراحل مخوخ تأكد بأن الحافلة لم تتوقف ، رغم أن مجوبي قد رحل هو الآخر شهيدا ، الحافلة تسير يذكرها الجميع ويحبونها ..والجميع يردد أن الحافلة تسير والحركة المسرحية كذلك تسير..