رحلت هذه الأيقونة كما رحلت قبلها ياسمينة..وكما رحلت سيدة المسرح الأولى في الجزائر كلثوم.. وكما رحلت مثيرات غيرهن اليوم المسرح في بلادي في حداد..اليوم عمّ الحزن كل المسارح.. من ستكون أيقونة مسرحنا بعدهن.. هي الحياة هكذا القدوم إليها وثم الرحيل عنها. سكينة ماتت امرأة وسيدة عشقت المسرح منذ صغرها فعشقها، أذكر عندما جاءت إلى مسرح قسنطينة طالبة الانضمام إلى فرقة " كراك "، أذكر تلك الشعلة في عينيها وتلك الرغبة للوقوف على الركح ، هو العشق يفعل بالعاشق هكذا ، سافرت إلى العاصمة لتحقيق طموحها و، كان لها ما رغبت فيه، التحقت بمدرسة برج الكيفان إلى جانب كوكبة أخرى، واظبت على الدراسة وحفظت الدرس، وتخرجت لتبدأ المشوار الفني في الاحتراف ،ومنذ البداية أدركت أن اغلب الذين عملوا معها أنها ستذهب بعيدا. أبدعت في أغلب الأدوار التي أسندت لها وأجملها في" قالوا لعرب قالوا " و" الشهداء يعودون هذا الأسبوع" ، و" العيطة " و " فاطمة " والكثير.. أثبت أنها مسيّرة قديرة من خلال تسييرها لمسرح سكيكدة ثم مسرح عنابة ، وأكدت أنها مخرجة متمكنة ، حيث أذكر عندما كنا في لجنة قراءة النصوص المقدمة لتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ، واشهد كذلك أنها قارئة جيدة، كانت تقرأ النصوص بعين الناقد وعين المخرج دقيقة في ملاحظاتها. في إحدى الجلسات عرفت أنها قدمت باسم مسرح عنابة نصا عكس بعض المديرين الذين رفضوا تقديم مشاريعهم إلى اللجنة، وبالصدفة عرفت موضوع النص الذي قدمته فكان أن اتفقت مع زميلين في اللجنة على إثارة غضبها بالقول إننا رفضنا النص المعني لضعفه، علما أنه تم قبوله بالأغلبية لأنه نص جيد فعلا ، وكان لنا ما أردناه في إحدى جلسات التقييم لنكون أول المتحدثين.. وثارت سكينة واتهمتنا بأننا لم نقرأ جيدا أو أننا رفضناه للرفض فقط ، وضحكنا وأفرحناها في النهاية بأن النص مقبول وأننا أردنا فقط استفزازها، فقالت كان عندي إحساس بأنكم كنتم تقولون غير ما كتبتم من ملاحظات في تقاريركم. كانت سكينة تتقبل النقد إن كان جديا و تثور إن كان فيه ظلما، تناقش وتجادل بالحجة وعن قناعة، لا تتخلى عنها إلا إذا اقتنعت بأن رأيك هو الصواب، ترحل سكينة وتترك فراغا كبيرا كما تركه الذين رحلوا قبلها، ..وداعا أيتها النجمة التي سطعت في سماء المسرح في بلادي ، نورك لن ينطفئ، سوف يبقي مشعا على ركح المسرح في وطنك ..