سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
[ الشهادة في عقود الحالة المدنية كالزواج مقابل أجر إكرامي لا يمنعه القانون ] بن داود عبد القادر مستشار التحكيم التجاري الدولي و الأستاذ المساعد بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة وهران 02 :
يؤكد الأستاذ الجامعي و الخبير القانوني بن داود عبد القادر أنه أمام توسع رقعة البطالة و ضيق ذات اليد فإن عرض البعض نفسه كشاهد إثبات في عقود زواج الحالة المدنية أو في التصديق على التوقيع في بعض التصاريح الشرفية مقابل أجر إكرامي على الشهادة لا يمنعه القانون طالما الشهادة صحيحة و هي من قبيل تقديم خدمة مشروعة بأجر يتم الاتفاق عليه، و لكنها لا ترقى لمستوى المهنة أو الاحتراف لأنها ليست منظمة قانونا و إن تم تنظيمها فستصبح مهنة الشاهد العدلي الذي ينتدب للشهادة بأجر مراعيا الصدق و الأمانة و أما الشهادة مجانا على وجه الصدقة فهذا إحسان لا ينقطع من الأمة، و الله يقول و قوله الحق: (ولا تكتموا الشهادة و أنتم تعلمون) ، والشهادة من المشاهدة ومنها أخذت تسميتها و لكنها تنقسم كدليل إثبات إلى عدة تقسيمات من عدة اعتبارات أهمها : شهادة العيان و هي الأقوى و ثانيها شهادة السماع و هذه أضعف بطبيعتها و تتقوى بالكثرة و في هذا تفصيل يطول بيانه. أما أمام القضاء فإن الشهادة تعد دليل إثبات مدني و كذا جزائي و تكون دوما تحت طائلة اليمين القانونية و تحت طائلة المتابعة الجزائية عن جنحة شهادة الزور في القانون التي يعاقب عليها قانون العقوبات بالحبس و الغرامة في مواده من 232 إلى 235 و بالذنب العظيم عند رب العالمين يوم القيامة لأن شهادة الزور تصنف شرعا من السبع الموبقات و من الذنوب الكبائر، و لكن ما يُلاحظ في واقع الأمور ظواهر لا تسر الخاطر و هي أن شهود الزور يسارعون بالإدلاء بشهاداتهم عادةً، بينما شهود الحق لا يشهدون و يعتذرون و هذا انتصار للباطل و إضعاف للحق غير مقبول شرعا و عرفا و قانونا. و في سياق متصل فإن المشرع الجزائري نص على تدابير حماية إجرائية و تدابير حماية غير إجرائية في قانون الإجراءات الجزائية المتمم و المعدل بالأمر 02-15 في 23/07/2015 في مواده 65 مكرر 19 لغاية المادة 65 مكرر 28 ، و كذا المادة 45 من القانون 06-01 الصادر في 20/02/2006 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته مثل وضع رقم هاتف خاص تحت تصرف الشاهد و ضمان حماية جزائية مقربة و توسيعها عند الاقتضاء لعائلته ووضع أجهزة تقنية وقائية بمسكنه و منحه مساعدة اجتماعية و مالية و إخفاء هويته عند الاقتضاء، و لكنها آليات مُعطلة في العموم و تحتاج لتفعيلها لتسريع إصدار نصوص تنظيمية تبين طريقة العمل بها طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 65 مكرر20 من قانون الإجراءات الجزائية و كذا لابد لتفعيل هذه الضمانات من دورات تكوين مستمر للسادة ضباط الشرطة القضائية من جميع الأسلاك الأمنية و للسادة قضاة النيابة و قضاة الحكم الجزائي في إطار استكمال برنامج فخامة رئيس الجمهورية لإصلاح العدالة، لتكون العدالة فوق الجميع و لا يكون البعض فوق العدل و فوق القانون، مع التكفل الفعلي ببرامج حماية الشهود و الاستقلال الحقيقي للعدالة و بهذا تكون شهادة الحق مصباحا منيرا للمحاكمة العادلة و لا تكون ظلاما دامسا ومشاركة بشكل آخر في الجريمة بوجه عام و الفساد بوجه خاص، و يبقى الأمل في نجاح الإصلاحات أكبر من الألم من مؤشرات فشلها.