قبل إعلان الرئيس الأمريكي عن انسحاب بلاده من الاتفاق حول برنامج إيران النووي , بعدة شهور, أوردت بعض وسائل الإعلام العالمية خبرا تكرر عدة مرات , مفاده * أن فريق(الرئيس الإيراني) روحاني تلقى 8 طلبات من الإدارة الأمريكية لعقد لقاء بين ترامب والرئيس الإيراني خلال زيارة الأخير لنيويورك للمشاركة في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر عام 2017*. وهو ما حرص السيد محمود واعظي مسؤول مكتب الرئيس الإيراني, على التذكير به منذ أيام على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية, تعليقا على تصريحات الرئيس الأمريكي ,المعبرة عن *استعداده للحوار مع المسؤولين الإيرانيين دون شروط مسبقة *. أي أن طلبات الطرف الأمريكي مستمرة قبل و بعد الانسحاب الأحادي من اتفاق البرنامج النووي, وهي الخطوة التي عارضها العالم أجمع , و أجمعت كل الآراء و المواقف و التحاليل ,على انعكاساتها السلبية على العلاقات الدولية , وعلى الأمن والسلم الدوليين ؟ ومع ذلك أصر الرئيس الأمريكي على القيام بها , ليتأكد على أرض الواقع بأن العبث بالأمن القومي لبعض الدول محفوف بالمخاطر, وقد يرتد على العابثين . وما يبرر الحديث عن العبث هنا, هو التساؤل حول ما إذا كان الانسحاب من الاتفاق النووي هو بسبب ما يشوبه من ثغرات و من أجل تغيير سلوك النظام الإيراني في المنطقة كما زعم ترامب و فريقه ,أم أن الانسحاب كان مجرد ردة فعل لمسؤول دولة عظمى شعر أن كبرياءه تلقى 8 ضربات من رئيس دولة ناشئة رفض لقاءه رغم الإلحاح, في وقت يتملقه حكام أنظمة و دول, للفوز بمجرد مكالمة هاتفية منه ؟ وإذا كان الاحتمال الثاني هو الأرجح , فإن محاولة تحليل الأزمة الإيرانيةالأمريكية بأدوات العلوم السياسية أو المالية الاقتصادية أو الأمنية العسكرية أو الأعراف الدبلوماسية و القانون الدولي , كل ذلك لن يوصل إلى نتيجة مقنعة , في غياب أدوات التحليل النفسي ! فالإشكال ليس في مناهج التحليل و إنما في أدواته !