سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أزيد من 15 هجوما فدائيا جريئا على المواقع الحساسة للعدو إبّان الثورة «الجمهورية» تستحضر ذكريات عشرات المجاهدين و الشهداء من بني صاف ممن تفخر بهم الولاية الخامسة التاريخية
- المجاهدان سيدي يخلف عبد الله وبن عدة البودالي يدليان بشهادتهما الحية - وسائل النقل ساهمت في زرع الوعي السياسي والنضالي في نفوس المواطنين ونقل الفدائيين و الأسلحة والمؤونة
شهدت بني صاف أيام الثورة التحريرية المباركة العديد من العمليات الفدائية الجريئة على غرار كافة مدن القطر نفذها فدائيون بواسل زرعوا الرعب والهلع في نفوس جيش الاحتلال وقوات الأمن وكذا المعمرين وجلهم أسبان كانوا يحتلون وسط المدينة في الوقت الذي كان يقيم الأهالي كما كانت تسميهم فرنساالمحتلة في الأحياء الشعبية المحيطة بها كحي "بوكوردان " و "البلان" و "سيدي بوسيف" و "بني خالد" و "درب العبيد" و "الماتش "و غيرها . و نحن نحيي الذكرى ال 63 لاندلاع الثورة التحريرية المباركة وحفاظا على الذاكرة التاريخية الوطنية التقينا المجاهدين سيدي يخلف عبد الله و بن عدة البودالي(أطال الله في عمرهما ) اللذين أبليا البلاء الحسن في تلك الفترة العويصة من تاريخ نضال أمتنا ضد المحتل الغاشم الذي جثم على هذه الأرض الطيبة مدة قرن و32 سنة لأجل الاستماع وتدوين شهادتهما قبل أن يغادرا هذه الدنيا , ورغم الداء والاعاقة الجسدية وتقدم السن راحا يسترجعان معنا بفخر واعتزاز تلك الأحداث الأليمة و التضحيات الجسام والبطولات الفذة التي أظهرها الفدائيون من خيرة الشباب وهم يقاومون المحتل في هذه البقعة من وطننا العزيز المفدى لا يبتغون سوى الشهادة في سبيل تحريرالبلاد من ربق الاستدمار ليس الا. يقول سيدي يخلف عبد الله لقد تلقيت وأنا شاب يافع مبادئ النضال وحب الوطن والدفاع عنه في "المدرسة " ببني صاف على يد الشيخ محمد رضا مسؤول في جمعية علماء المسلمين كلفه الشيخ ابن باديس بتعليم وتكوين النشء الصاعد وتوعيته لأجل الذود عن الوطن بهذه المنطقة وكنت أقصد المدرسة لهذا الغرض مع أقراني الذين كانت غالبيتهم تأتي من حي "بوكوردان " النهضة حاليا وشاءت الأقدار أن أمتهن حرفة سائق طاكسي بعد أن امتلكت سيارة بدعم من أقاربي ولم يمض وقت طويل حتى انخرطت في العمل السياسي و النضالي بحكم مهنتي أنقل الفدائيين والمجاهدين من مكان الى آخر كما أنقل الرسائل والأسلحة وغيرها في سرية تامة وأذكر في هذا الصدد أنني هربت الشيخ رضا الى مركز المرجة بولهاصة ثم أعدته الى بيته بعد أن ألم به المرض كما هرّبت الشيخ عكاشة لحول امام مسجد المدرسة الى مكان اخر بولهاصة وقمت بنقل المجاهد زوج الفدائية بوحانة التي كانت تشتغل في مستشفى بني صاف الى وهران وهو مضرج بالدماء جراء اصابته برصاصة العدو وهناك ساعدته في الحصول على الدواء والعلاج وكنت لا أتوقف عن نقل الفدائيين من والى مراكزالاتصال والفدائيين المنتشرة عبر أحياء المدينة بالإضافة الى نقل المؤونة والألبسة والرسائل وحتى الأسلحة ومن بينها مراكز سي محمد بن سليمان وخالدي ميمون وقدار بوسيف ومداح وسي محمد بن علي التي لم تكن تتوقف عن النشاط النضالي. أما الذين كانوا يركبون سيارتي بصفة دائمة من بين القادة الأوائل الذين فجروا الثورة في بني صاف فهم كثر أذكر منهم سيدي يخلف أحمد ودايري أحمد والحاج محمد بن سنوسي والصنديد قدور المعروف ب "الشعير" ومحمد الريفي ... الاستيلاء على باخرة صيد لنقل الأسلحة و الهجوم على مخزن للمتفجرات لقد كانت مهنتي في قيادة سيارة الأجرة محفوفة بالمخاطرفي كل وقت و حين , فكم من مرة خضعت الى المراقبة والتفتيش والمضايقة والتهديد. وحدث أنه ألقي علي القبض في أواخر 1956 بوشاية من أحد الخونة حيث زج بي الدرك الفرنسي في السجن وعذبوني أشد التعذيب ومكثت به أسابيع وأنا أنزف دما الى أن أطلق سراحي ولم يحل ذلك بيني وبين مواصلة مهنتي والنضال مع اخواني الفدائيين ومكثت على هذه الحال الى غاية وقف اطلاق النار في مارس 1962 أين عملت مع عبيد مصطفى المعروف بالكموندو رضوان حيث كنا نأتي بالأسلحة من قرية بني خلاد لفائدة جيش التحرير الوطني الذي دخل بقوة الى بني صاف الشيء الذي منع قوات المنظمة السرية ( oas) من فعل أي شيء. ومن بين أبرز العمليات الفدائية نذكرالاستيلاء على باخرة الصيد وهي عملية جريئة قام بها صيادون جزائريون بأمر من قيادة الجبهة لأجل استعمالها في نقل السلاح للثورة حيث وبمجرد خروج الباخرة ( marc eric ) من ميناء بني صاف الى عرض البحر عمد البحارة الجزائريون الثلاثة موسى بن ياسين الصافي وبشير ولد بن عيسى ومحمد ولد الهواري الى القضاء على زملائهم المعمرين الأربعة ورمي جثثهم في البحر غير أن الباخرة أصابها عطب في المحرك وبقيت هناك لساعات قبل أن تجرها سفينة تجارية باتجاه اسبانيا وهناك اكتشف أمرهم وتم تسليمهم الى قوات الاحتلال الفرنسي التي زجت بهم جميعا في السجن وللأسف فشلت العملية . أما الهجوم على مخزن البارود والمتفجرات بغار البارود الذي وقع في أفريل 1956 .فقد شارك فيه ثلة من الفدائيين البواسل يتقدمهم بن يخلف أحمد المعروف ب أحميدة المير الذي يعد أول رئيس بلدية في عهد الاستقلال أين تمكنوا من الاستحواذ على كمية هامة من الأسلحة والذخيرة وشحنها على متن المركبة التي كانت ملكا لأحميدة المير وتسليمها للفدائيين والجنود قصد استعمالها في هجوماتهم على العدو. المجاهد البودالي بن عدة (82 سنة) التنسيق مع فرحات عباس الذي كان يتردد على بني صاف استهل شهادته الحية في هذا الخصوص بأنه تلقى هو أيضا في "المدرسة "مبادئ النضال والوطنية والعلوم الدينية والحساب على يد الشيخ العباس الذي جاء الى بني صاف في 1941موفدا من قبل جمعية العلماء المسلمين قبل أن يخلفه أخوه الشيخ محمد رضا في نفس المهمة علما وأن "المدرسة " أشرف على فتحها رسميا في وجه التعليم والإصلاح الشيخ البشير الإبراهيمي سنة 1950 في حفل ديني بهيج و عمري آنذاك 16 عاما. وبعد أن عزز تعليمه وتكوينه بقسنطينة لمدة عام على يد علماء أمثال عبد القادر الياجوري وأحمد حسين وعبد الرحمان شيبان ...عاد البودالي إلى بني صاف وهو أشد تعلقا بالسياسة والإصلاح والذود عن الوطن مستفيدا استفادة كبيرة من النواة الأولى للنضال السياسي التي تأسست بهذه المدينة وكانت تضم كلا من السادة: رحال و جعفر وسي علال والحاج الميلود وقاسمي وعباس وبن صافي الميلود وغيرهم... كانوا ينسقون عملهم مع فرحات عباس الذي كان يتردد كثيرا على بني صاف ثم انخرط في تعلم الميكانيك نظريا وتطبيقيا وبعدها تحصل على رخصة السياقة التي فتحت له الباب على مصراعيه ليشتغل انطلاقا من 1956 سائقا لحافلة أحد الخواص بنقل المسافرين من بني صاف باتجاه سيدي الصافي وعين الطلبة وسوق الاثنين وعين الأعلام ذهابا وإيابا وهناك تكونت بينه وبين المجاهدين والفدائيين علاقة وطيدة حيث لم يكف عن نقلهم الى الوجهة التي كانوا يريدونها الى جانب حمل الأدوية والرسائل والمؤونة وحتى الأسلحة فضلا عن ممارسة التنظيم السياسي من خلال توعية الركاب ودفعهم للانضمام الى صفوف الثورة الى أن انكشف أمره نتيجة وشاية من أحد العملاء فتوقف عن العمل لكن مالبث أن عاد ليشتغل من جديد سائقا لشاحنة أحد الخواص المعمرين الأسبان يشحن على متنها صناديق السمك انطلاقا من ميناء بني صاف الى وهران وفي كل مرة يلتقي في طريقه بالمجاهدين فيمدهم بالسمك ويزودهم بالأخبارويطلعهم على كل شيئ الى أن افتضح أمره ثانية فاضطر الى التوقف . وبعد بضعة شهور اقترح عليه أصدقاء الاشتغال عند تاجريهودي ينقل على متن شاحنته مختلف البضائع منها الأدوية من والى وهران وكان دوما على صلة بالمجاهدين يلتقي بهم ويمدهم بما يحتاجونه من مال وأدوية وأخبار... . وكان على اتصال مستمر مع القائد عنتر مسؤول بمنطقة وهران يناوله في كل مرة الرسائل لتسليمها للمجاهدين والفدائيين . الهجوم على مركز الشرطة بوسط المدينة ويؤكد المجاهد البودالي بأن بني صاف شهدت تنفيذ أثناء الثورة التحريرية المباركة أزيد من 15هجوما فدائيا جريئا خلفت العديد من القتلى والجرحى في صفوف رجال الأمن وجنود الاحتلال والمعمرين بينها الهجوم الذي استهدف مركز الشرطة المتواجد بوسط المدينة قاده الفدائيان قلعي بوسيف وبوعزة بوسيف وهما يرتديان الجلابة حسب المعلومات التي استقيناها من أحد أقاربهما إذ تمكنا بمعية رفاقهما من القضاء على أربعة من الشرطة في الوقت الذي نجا محافظ الشرطة وامتد الاشتباك مع رجال أمن الاحتلال ببسالة كبيرة إلى مرتفع حي البلان (البوحميدي حاليا) لساعات أين تمكن الفدائيون من الاختباء والذهاب عن طريق نفق قطار نقل مادة الحديد دون أن يلحق بهم أذى. وختم حديثه معنا بالإشارة الى مجموعة من الفدائيات أبدين شجاعة كبيرة في مقاومة العدو بهذه المدينة ويتعلق الأمر بكل من بلهاشمي عائشة وبن يحيى أم الخير وعلالي صافية وبن علي سفية و ورديغي عمارية. وجدير بنا في هذا السياق أن نستحضر بعضا من أبرز فدائيي بني صاف الذين تركوا بصماتهم واضحة إبان الثورة التحريرية بعدما لقنوا المستعمر دروسا في التضحية والفداء: الفدائي كبداني عمرو " زيتوني" اشتغل - استنادا الى ابنته موظفة بدائرة بني صاف- ممرضا مع الطبيب ساتش ( satch ) في عيادته المتواجدة بمحاذاة مقر صندوق التأمين الاجتماعي حاليا , كان ينقل الأدوية الى المجاهدين بهنين وسيدي الصافي وبني خلاد ويقوم بمعالجة الجرحى منهم وأحيانا دون إبلاغ طبيبه إلى أن تفطن له المستعمر فزج به في سجن تلمسان وأذاقوه من العذاب ألوانا الى غاية استقلال الجزائر. الطبيب جون ساتش ( satch ) وهو من أصول سويسرية ألمانية شقيق الطبيب الشخصي للجنرال ماسو.أحب الجزائر ولم يتردد في الانضمام الى صفوف الثورة حيث سخر وقته لتقديم الفحوصات للجنود والفدائيين وعلاجهم ومدهم بالأدوية الضرورية والأموال لمدة أعوام الى أن وشي أمره الى الإدارة الفرنسية التي رفعت دعوى قضائية ضده ليتم سجنه بتلمسان مدة 6 أشهرقبل طرده الى فرنسا .علما وأن ساتش هو أخو الطبيب الشخصي للجنرال ماسو. الفدائي حدبي أحمد -فدائي شجاع ظل يمارس مهنة الخياطة بدكانه المتواجد قبالة بنك الخارجية الجزائري بشارع الجمهورية حاليا , كان يجمع التبرعات انذلك وينسق العمل مع فدائيين أمثال بن يوسف محمد وشهبوني الصافي ونعوم ولد حجاج ودايري أحمد ولد ميلود وهو محافظ سياسي ويستقبل فدائيين آخرين ويمدهم بالمال والرسائل والأخبار ويدلهم على تحركات قوات الأمن وجيش العدو , وقد تفطن اليه المستعمر وزج به في السجن لمدة تقارب السنة بعد أن رفض الاعتراف و البوح بأسرار نضاله . ورغم التعذيب الشديد الذي مورس عليه والضغط الذي فرض على زوجته لم يرضخ للعدو .