الحراك الشعبي السلمي أيقظ في الجزائريين حب الوطن الذي كان خامدا وكاد يفارق القلوب والعقول بفعل الظلم والإجحاف والتهميش الذي تعرضت له فئة واسعة من الشعب الجزائري وخاصة الشباب الذي سدت في وجهه كل الأبواب واضطرته الظروف القاهرة للتفكير في الهجرة بشتى الوسائل والطرق وركوب الأخطار مثل الموت غرقا في البحر أو العيش في مراكز الاعتقال ووقع العديد من أبنائنا في شر المنشطات والمخدرات وجرائم السرقة وأصبح من الصعب الحديث معه عن الوطن يعيش غريبا فيه بعد أن احتكرت الوطنية فئة معينة مسخرة إمكانيات وثروات الدولة لصالحها ولم تترك حتى الفتات لأغلبية الشعب المنعزل عن الحكام والبعد عن القرارات التي تهمه. فالسلطة أصبحت مقصورة على مجموعة صغيرة تتداول الحكم فيما بينها ولا يهمها أمر الشعب الذي ازدادت معاناته نتيجة سياسة التقشف المفروضة عليه وكأنه مسؤول عن هدر وتبذير أزيد من ألف مليار دولار ولأن دوام الحال من المحال فقد قرر الشعب الخروج إلى الشارع في مسيرات سلمية اختار لها يوم الجمعة المفضل لدى المسلمين فكان يوما مباركا من أيام الله. وانتصر الشعب الأعزل المسالم وبدأ الحراك السلمي الذي يواصل مسيراته نحو الحرية والأمن والسلام. وقد ضم كل شرائح المجتمع حاملا الرايات الوطنية الجميلة راية ثورة نوفمبر العظيمة والحركة الوطنية المعطرة بدماء الشهداء يعانقها الملايين من أحفادهم مرددين الأناشيد الوطنية (قسما ,من جبالنا موطني, وطني وطني نشيد حزب الشعب). لقد أبدع الشباب في عرض الألوان الوطنية بأشكال مختلفة أضفت على المسيرات سحرا وجمالا صانعة مشاهد لا تنسى بينت أن الشعب الجزائري فنان مبدع يهتز حبا وشوقا لوطنه ستبقى هذه الأيام أجل وأغلى ذكرى لا تضاهيها إلا ذكرى استرجاع الاستقلال سنة 1962. فقد أعاد الحراك السلمي للجزائر مكانتها الحضارية ووحدة شعبها وعزته وكرامته فوداعا للحرقة ولقوارب الموت وحياة الغرب وعاش الوطن عاليا شامخا .