تتوالى يوميا على مسامع الجزائريين أخبار استدعاء رجال الأعمال الفاسدين للتحقيق بتهم جرائم اقتصادية ،ضمن تطورات الحراك الشعبي الذي لطالما طالب بالقضاء على هؤلاء الفاسدين الذين دمروا الاقتصاد الوطني ونهبوا المال العام وشوهوا بتحالفهم المشبوه مع رجال السلطة المشهد الاقتصادي والسياسي في الجزائر متسببين هم وحلفاؤهم في السلطة في خسائر ضخمة للاقتصاد الوطني، واستنزاف متوحش لخزينة الدولة تحت مسمى صفقات عنوانها الفساد على حساب ممتلكات الشعب من مال عام وموارد اقتصادية وأراضي فلاحية تحولت بمنطق الفساد إلى أراضي بناء و استثمارات صناعية على مرأى ومسمع من الجميع في غياب سلطة القانون والحكم الراشد، لتكون النتيجة ما نراه اليوم من استدعاء العدالة لمن يطلق عليهم اسم رجال أعمال ومستثمرين كونوا ثروات هائلة من خلال ممارسات غير شرعية، خالفت ما يخوله قانون التعاملات والصفقات الاقتصادية و الاستثمارات، وما يثير التساؤلات والاستفسارات الكثيرة هو ضرورة أن تشمل المحاسبة كل من كانت له يد في مسلسلات الفساد، فبعد علي حداد، وإسعد ربراب، والإخوة كونيناف، رفقة إطارات من وزارة الصناعة تعاونوا مع الإخوة كونيناف، يبقى من ضمن مطالب الحراك الشعبي أن لا يتوقف قطار المحاسبة عند رجال الأعمال ويستثني حلفاءهم من رجال يشغلون مناصب عليا في السلطة، كانت لهم اليد الطولى في هذه التعاملات غير الشرعية الخارجة عن القانون،لأنه لم يكن بإمكان رجال الأعمال هؤلاء أن يصلوا إلى المال العام وخزينة الدولة إلا بدعم و تواطؤ مع رجال سياسة وسلطة نافذين فتحوا الأبواب مشرعة أمام رجال أعمال مشبوهين. إن محاربة الفساد لا يجب أن تقتصر على محاسبة طرف واحد دون الأطراف الأخرى المشاركة فيه، والاكتفاء بمقاضاة رجال الأعمال بمعزل عن شركائهم من رجال السياسة والموظفين العموميين الذين منحوا لهم مزايا ، وباختصار فإن يد العدالة والقصاص يجب أن تصل إلى كل من ساهم في هذا الفساد وتسبب فيه من قريب أو من بعيد إذا كنا نسعى حقا و فعلا إلى شن حملة القضاء على الفساد ن واسترجاع ثروات وأموال الشعب المسلوبة بغض النظر عن هوية هؤلاء ومدى قوة سلطتهم ونفوذهم ، فالقانون هو فوق الجميع ولا يعقل اليوم أن تحيد العدالة عن محاسبة من تسببوا في المقام الأول في انهيار الاقتصاد وتدهوره، وتغض الطرف عنهم لسبب أو لآخر، فالفساد له وجه واحد والقانون يجب أن يطبق على الجميع دون استثناء، إن كنا نريد تطبيق القانون و الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي الذي هو المحرك الأساسي لكل ما تشهده الساحة السياسية الجزائرية من تطورات وأحداث، وهو ما لا يجب على القائمين بشؤون البلاد إغفاله أو تجاهله، وهو ما يفرضه مبدأ العدل والحق .