يواصل الحراك الشعبي حملته –التطهيرية- لتطال الشق الاقتصادي ،و تخرج رؤوس الفساد من جحورهم بعد أن سقطت الوجوه السياسية التي كانوا يحتمون بها ويحمونها ، فبعد أن أزيحت حكومة الوزير الأول السابق أحمد أويحيى من الواجهة السياسية ، قدم رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة استقالته ، والقي القبض على رجل الأعمال – علي حداد، كما استقال فيما بعد رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز ، بدأ الحراك الشعبي يجني بعض الثمار من خلال استدعاء شخصيات سياسية و رجال أعمال للتحقيق معهم في قضايا فساد و تبديد المال العام ، وكان في أول القائمة علي حداد، ليعقبه الإخوة كونيناف ، والمدير العام لمجمع –سيفيتال- إسعد ربراب، فضلا عن الوزير الأول السابق أحمد، ووزير المالية الحالي ورئيس بنك الجزائر محمد لوكال ليقفوا أمام العدالة في تهم وقضايا الفساد و الاستفادة من مزايا ، وامتيازات جمركية وجبائية، مما سمح لهذه الفئة القليلة وأتباعها أن تحقق أرباحا ضخمة بأرقام خيالية على حساب أموال الخزينة العمومية ومبالغ مالية أخرى كانت موجهة للإنفاق العمومي، ولتمويل مشاريع التنمية المختلفة والقطاعات الحيوية في البلاد . لقد قطع الحراك الشعبي خطوات هامة نحو الأمام بفتح ملفات الفساد لتفتح جبهة أخرى سيلعب فيها القضاء دورا هاما ،و يستعيد قطاع العدالة اعتباره وفعاليته بعد أن ظل لعقود طويلة تابعا للسلطة التنفيذية السياسية خادما وفيا لها ،هي إذن مرحلة هامة للعدالة التي عليها اليوم أن تسترجع حقوق الشعب ، و تحاسب رجال السياسة والأعمال الفاسدين الذين تآمروا على أموال الشعب ومستقبل شبابه ، وكونوا ثروات ضخمة على حساب فئات الشعب، فهذا التحالف السيئ والخطير بين رجال السياسة ورجال الأعمال على كل المستويات من أعلى هرم السلطة إلى أسفله قد حول الجزائر بكل إمكانياتها الاقتصادية وفرص الاستثمار فيها ومشاريعها المستقبلية الضخمة إلى محمية - يستفيد منها رجال السياسة ورجال الأعمال الذين تسلقوا وزادت ثرواتهم بفضل صفقات مريبة وغير قانونية مبدأهم في ذلك المحافظة على قوة هذا التحالف من خلال اقتصاد فاسد وعلاقات المصالح المشتركة التي تربطهم برجال سياسة ومسؤولين فاسدين غير أمناء على المال العام. وقد نسي هؤلاء وأولئك على حد سواء أو تناسوا أنه سيأتي وقت الحساب والمحاسبة، وأن من كانوا يستمدون منهم القوة و النفوذ سيسقطون يوما لا محالة ، وأن الولاء والتعلق لن يكون بالأشخاص بل إن الحكم الراشد والاقتصاد السليم يجب أن يستند على أسس قوية من الولاء للوطن وللمبادئ السليمة و يعتمد على الكفاءة لا على المحاباة ن فالوطن هو حق للجميع والتمتع بخيراته و ثرواته هو من حق الجميع دون استثناءات ، و القانون ممثلا في العدل هو فوق الجميع كما انه أساس كل حكم راشد بعيدا عن سلوكات منافية للأخلاق و تحالفات تقصي و تهمش فئات الشعب السيد و المالك لهذه الثروات .