لا شك أن الرقمنة و تكنولوجية الإعلام الآلي، وشبكات الانترنت للبحث والتواصل ونقل المعلومة ، عملة التعامل الإلكتروني في مجال التجارة و الاقتصاد،كما في الثقافة والفكر و الإعلام..، بما يشكل إثر عملية تراكمية غير مرئية وعيا ما، قد يكون مفاجئا وغير مرتقب، وقد يكون لدى البعض عصيا على التفسير و التبرير، و يثير الإعجاب والانبهار داخليا و خارجيا، رغم أن البعض ممن يحسبون أنفسهم أو يُحسبون من المتابعين و الدارسين في عالم السياسة و الإستشراف. لا شك أن هذه هي لغة العصر، وعلامة العصرنة، وأداة البناء والعمران العصري. وهي مؤشر مدى التقدم والتخلف بين الأمم والمجتمعات. ولكن هل لهذه الأداة مضمونا خاصا، يرتبط بها وفكرا معيّنا لصيقا بها منفصلا عن سابق فكرها و وعيها ، ومنفكا عن الفكر الإنساني في عمقه وأبعاده وتنوعه، أم هو تطور وتغير في شكل الحياة الآدمية، يصطحب تطورا و تغيّرا في الفكر مرافقا لتطور الوسيلة و مجددا للآلة ، وملبيا لحاجة الإنسان ، وفق قيم إنسانية وحضارية قد تشترك وقد تختلف و تتنوع، ولكن سياقها الطبيعي هو التعايش في احترام. بعيدا عن الخصومة والعداء. وبعيدا عن الامتهان والاستغلال والاستبداد، متطلعا للحرية والعدل والحق. التباينات الموجودة في الفكر والسلوك و في المعتقد وأسلوب الحياة، لها سياقها الحضاري المتنوع و المقدّر بعيدا عن الخصومة المقيتة وحيّلها. قريبا من المنطق الإنساني الحقيقي وليس الصوري، المنبثق من منطلقات فاسدة مليئة بالتناقضات، وقد تخفي ما لا يظهر عادة على الورق فقد نجد روائع القيم الإنسانية في المشارق والمغارب مدوّنة بمداد المحبرة و ريشة الحكماء. فالرقمنة و الذكاء الصناعي و شبكات الانترنت والتكنولوجية هي محبرة العصر في جيل «النمريك» و اللمسات الخارقة، وما لا نعلمه من أجيال قادمة، أو أيام قادمة ، فمع كل يوم جدي بالتأكيد هناك تسارع و قفزات زمنية و تقنية هائلة عرفها زمن ما بعد ال 2000 ، و لكن ثمة اتصال ما تفرضه الطبيعة ، فلا مجال للقطيعة الجذرية - ولو مع الفساد عينه - ، والنقاء المثالي قد يكون وهما تزهو به النفس وتحدث به الأوهام ، كما أنه مدعاة لفساد أكبر. ولكن المجال رحب مفتوح للنية الصادقة والإجراءات المحددة والعمل المخلص المنضبط، بواقعية بصيرة متعقلة.