لا يزال الحراك الشعبي يقدم كل جمعة صفحات ساطعة تعبر عن وعي الشعب الجزائري وحرصه الكبير على ضرورة التغيير الجذري للنهوض بجزائر جديدة تنتعش بطموحات وآمال شبابها و جموع شعبها المطالبة برحيل رموز النظام التي عاثت في البلاد فسادا متسببة في معاناة فئات واسعة من الجزائريين ، ففي كل جمعة تحمل المسيرات السلمية شعارات جديدة تؤكد مطالب الحراك الشعبي التي لا رجعة فيها تدعو إلى رحيل كل وجوه النظام، وتدين بقوة الفاسدين ،و هي شعارات تعبر عن مطالب الجزائريين و تطلعاتهم إلى جزائر أفضل، وتبقى هذه الشعارات هي لسان حال الحراك تعبر عن مدى رفض الشعب لمظاهر الظلم والفساد والتهميش الذي تسببت فئة قليلة على حساب مصالح الشعب الذي كان قبل الحراك يدرك ما يحدث في دوائر الحكم والسلطة العليا لكن لا يمكنه الحديث عنها علنا ،و جاء الحراك ليحرر المسكوت عنه من كلام عن الفساد و سوء التسيير و استغلال النفوذ و مظاهر الظلم و تجاوز القانون و يبرزه في شعارات منددة بهذه الممارسات غير القانونية ، و من إذاعة الرصيف كما يقال انتقلت إدانة رجال السياسة و السلطة الفاسدين إلى مسيرات الحراك ليس بالشعارات فقط بل برسومات كاريكاتيرية و تعبيرات أخرى. لقد حمل الحراك الشعبي شعارات ضد لغة الخشب التي سادت لعقود كثيرة في خطابات رجال السياسة ، و شعارات جوفاء فارغة تستخدم لتنميق الخطابات الرسمية دون أن يكون لها أساس على أرض واقع الناس اليومي ،و من منا لا يتذكر شعار - من الشعب و إلى الشعب هذا الشعار الضخم في معناه الذي ظل يزين مداخل الإدارات العمومية وغيرها ،في الوقت الذي كان يعامل المواطن معاملة سيئة داخل هذه الإدارات ، و من منا يجهل شعار –القانون فوق الجميع- فيما يبرز الواقع ممارسات تتجاوز القانون بكثير بل تضرب به عرض الحائط ، و يبقى شعار -من أجل حياة أفضل -هو أروع هذه الشعارات فهو لا يجد التجسيد الحقيقي له في الواقع و الحياة اليومية للناس ، هي إذن شعارات جميلة قد أفرغت كليا من معانيها و محتواها بسبب ممارسات سياسية و سلوكات أساءت كثيرا إلى الجزائريين ، و ظلت تبعث الروح في خطابات بعيدة كل البعد عن حقيقة أوضاع الشعب الذي سلبت منه سيادة القرار مع أنه الشعب السيد الذي تحرر من خلال الحراك الشعبي الأخير الذي جاء بشعارات الشعب الحقيقية التي كشفت فساد الفاسدين ، وطالبت بالعدالة و سيادة الجزائريين في تقرير مصيرهم و اختيار رئيسهم ومن يمثلونهم في الهيئات المنتخبة بكل شفافية ونزاهة . إن المتأمل في شعارات الحراك الشعبي يدرك وعي الجزائريين الرافضين للظلم والتزوير وتجاوز القوانين، حيث يبقى شعار رحيل وجوه النظام الفاسدة هو أبرز شعار وأهم وهو مفتاح حل الأزمة الراهنة و الانسداد السياسي مادام بقاء هذه الوجوه في المشهد السياسي لا يزيد الوضع إلا تأزما والحراك إلا تمسكا بمطالبه الشرعية وحق الشعب في جزائر أفضل وحياة أفضل بكل معنى الكلمة.