على خطى كتائب الجهاد من رجال جيش التحرير الوطني عدنا و سرنا في هذه الأيام التي تسبق الذكرى 57 للاستقلال... دروب وعرة تخترق هذه الجبال التي تعلو مدينة بني صاف موطن سيدي بوسيف و سيدي السحبي و سيدي الصافي من أولياء الله الصالحين الذين سار على نهجهم و عقيدتهم أبناء المنطقة في مقارعة أعداء الدين و الوطن... ما أن تغادر حيي الصقلة و البلان بأعالي المدينة يتراءى لك غار البارود مركز الذخيرة للأمير عبد القادر و خليفته الشيخ البوحميدي الولهاصي و معبر قوافل المجاهدين و المسبلين و حصن و استراتيجي لمراقبة تحركات حجافل الاستعمار الفرنسي و عملائه و هناك في الأفق البعيد القريب مرتفعات مديونة خلف نتوءات بارزة نقاط اشارية و قمم جبال شاهقة شاهدة على حرب غير متكافئة بين جيش التحرير الوطني و الجيش الفرنسي و ميلشياته من الخونة و الأقدام السوداء... حرب الحق على الباطل... سرنا في هذا الخميس من أواخر شهر جوان 2019 و دليلنا في مسار المحاربين المجاهدين الحاج الشريف بلغراس و ساعدنا الحاج حسني الهاشمي ابن شهيد و أخ شهيد و ابن عم شهيد من عائلة معروفة بالمنطقة لجاهها الثوري... هنا على سفح جبل سقونة وقفنا رفقة الحاج حسني الهاشمي يعدد المعارك الضاربة التي خاضها جيش التحرير ضد جيش الظلم و الطغيان... في أوت 1956 هنا بهذا المكان بالذات إحدى اكبر المعارك ضراوة غير بعيد عن دوار أولاد المداني و دوار المقاديد حسني الهاشمي في سن ال 15 رفقة والده في عز حملة الدرس يدلي لنا بشهادته حول تطور مجريات المعركة...فرانسا جن جنونها منذ بداية 1956 بعد عمليات الحرق و الهجومات التي تعرضت لها مزارع المعمرين تلقبها معلومات من عملائها الخونة بتنظيم جيش التحرير بهذه الربوع التي تشكل نواة المنطقة الثانية من الولاية الخامسة التاريخية. و قبل المعركة بأسابيع شنت قوات الاحتلال حملات تشريد و تحرش و اعتقال يساندها ميليشيات بعض المعمرين على رأسهم صاحب مزرعة «فيرمة» دوني... و لذلك تدخل جيش التحرير كان ضروريا لفك الخناق عن المواطنين العزل الذين تعرضوا بداية من هذه السنة 1956 الى اكبر عمليات التقتيل و التهجير ... 70 مقاتلا من جيش التحرير نزلوا من مخبأهم من بيت سي المداني و تمركز غير بعيد عن فيرمة شارل على سفح جبل سقونة لكن أحد العملاء كشف أمرهم لدى جيش الاحتلال الذي نفذ عملية إنزال ضخمة للمظليين تسندها مروحيات و بدأت المعركة بشرسة من الساعة ال 11 صباحا إلى غاية الساعة ال 14 تكبدت فيها فرنسا خسائر فادحة قبل وصول الإمدادات و اضطر جيش التحرير إلى الانسحاب تحت تغطية 3 مجاهدين مغاوير تولوا المهمة لينتشر المجاهدون عبر الوديان يأويهم الشيخ عبد القادر بوعزة الله يرحمه و في عمره آنذاك قرن كامل أواهم و قدمه لهم لبنا و 4 خبزات في تلك الأيام الحالكات . و تواصلت بعدها بأيام المعارك بنفس المنطقة و هذه المرة قرب سييدي مهدي في هذا الأيام من أوت 1956 و الحصيلة 11 شهيدا في صفوف جيش التحرير من ضمنهم سي المداني الذي آوى قبل أيام المجاهدين و كذا الكبداني ميلود. «فرانسا» يقول الحاج حسني الهاشمي عادت بعد المعركة إلى الموقع و هاجم عساكرها جثامين الشهداء الأبرار اللي عنده خاتم قطعوله صبعه و اللي عنده ساعة قطعوله يدّه و اللي عنده سن ذهب هرسوله فمّه « و أخذوا جثمان الشهيد ميلود الكبداني على ظهر دبابة يجولون به وسط بني صاف للإحباط من معنويات الشعب و جيش التحرير و انتهى بهم الامر الى إعادته ثانية الى موقع النجّارية و تفخيخه بقنبلة جنب الشهداء الذين نالوا الشهادة على سفح السقونة و منهم الاخوة قادري 5 إخوة جيش التحرير بعد 4 أيام أعاد دفنهم في أوج المعارك. و علمنا من السيد الحاج الهاشمي حسني انه هو من دل على مكان دفن الشهيد ميلود كبداني مباشرة بعد الاستقلال ليتم نقل جثمانه الطاهر و جثامين الشهداء إلى مقبرة الشهداء ... ^ للتذكير في هذا الحيز الضيق أننا طرف إعلامي فقط و لسنا بصدد التأريخ لمجريات الحرب التي خاضها جيش التحرير بمختلف ربوع الوطن فمعذرة لمن لم ترد أسمائهم هنا كشهداء و مجاهدين.