دخل الحراك الشعبي هذا الأسبوع شهره السادس حيث تميزت مسيرات أول جمعة من شهر أوت بتأكيد الشارع على مطلب التغيير الجذري ورحيل الباءات المتبقية كشرط مسبق لتنظيم انتخابات رئاسية والمشاركة فيها ، ويعتبر شعار المطالبة بالتغيير ورحيل الباءات من المطالب التي رافقت مسيرات الحراك عبر كل مناطق الجزائر و هو ما يبرز إجماع الجزائريين والتفافهم حول هذه النقطة وقد تسبب عدم الاستجابة لها في الوصول إلى حالة الانسداد في المشهد السياسي، حيث أن الشعب يبرز في كل جمعة عزمه على مواصلة الخروج في هذه المسيرات إلى أن يتحقق رحيل الباءات، وإن كان لنا أن نعلق على هذه المسألة فإننا نقف عند فكرة و مفهوم التغيير الذي يريده الشعب متمثلا في رحيل الباءات المتبقية لأنها من بقايا النظام السابق، ولا يمكن الاطمئنان حسب الحراك لها فيما يتعلق بتنظيم الانتخابات الرئاسية التي يريدها الحراك الشعبي نظيفة ونزيهة وشفافة لا تزوير فيها، لتجنب العودة إلى ما كانت عليه الجزائر قبل 22 فبراير. إن الشعب من خلال المطالبة بالتغيير يسعى إلى جزائر جديدة على ضوء ما أفرزته الحرب المعلنة على الفساد التي أدخلت خلف أسوار السجن رجال دولة كان لهم وزنهم وحضورهم القوي، وكان لهم التأثير المدمر لثروات الجزائر خلال عقدين من وجودهم في سدة السلطة فصالوا وجالوا فسادا دونما رقيب ولا حسيب ولا تأنيب ضمير، من هذا المنطلق تبرز شرعية مطالبة الحراك بالتغيير الذي يطال بعض المسؤولين الذي ساهموا في جرائم الفساد السياسي و الاقتصادي المرتكبة في حق الشعب أولا، وفي حق الثروات الهائلة للجزائر التي استحوذت عليها واحتكرتها فئة قليلة من الجزائريين، وحرمت منها الغالبية العظمى . ويبقى من البديهي جدا أنه لا يمكننا فهم إصرار الشعب على التغيير على أنه يشمل كل المسؤولين في مؤسسات الدولة بل هو يقصد شخصيات بعينها كان لها باع طويل في جرائم الفساد، كما أنه لا يعقل أن يتم إفراغ كل مؤسسات وإدارات الدولة من موظفيها، لأن تلك المؤسسات هي في خدمة المواطن وتمثل هيئات التسيير وتصريف شؤون الحكم والمواطن والبلاد، والمطلوب للرحيل هم الفاسدون الذين امتدت أياديهم إلى المال العام ونهلوا منه ما شاءوا، ومن هنا يعلن الحراك الشعبي حربا على الفساد السياسي والاقتصادي وينتظر ردود فعل واستجابة الهيئات المعنية لمطلبه الأساسي الذي لا حياد و لا تراجع عنه للخروج من الأزمة الراهنة .