أصبحت ظاهرة تغيير المدربين موضة وعلامة تجارية مسجلة للكرة الجزائرية بقسميها الأول والثاني المحترف، حيث أضحت في كل موسم تعرف إقالات لأتفه الأسباب بين المدرب والفريق، فبغض النظر عن النتائج الفنية فهناك امور أخرى خارج المنطق الرياضي، إلا ان عوامل عدة تكون وراء الطلاق بين المدربين والأندية قد تتجاوز الجانب الرياضي وتختلف حسب الوضعية التي يتواجد عليها النادي. البطولة الجزائرية بقسميها الأول والثاني المحترفين الموسم المنصرم، عرفت إحدى أكبر نسب للإقالة وتجوال المدربين، إذ يمكن القول أن نسبة الإستقرار لدى غالبية الفرق الجزائرية لم تتجاوز 30 بالمئة، فلا وجود لقاعدة العمل على المديين البعيد والمتوسط، بل مفهوم النتائج هي اللغة الوحيدة التي يفقهها الشارع صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في جميع الفرق الجزائرية، فحتى التي تتقمص دور الإحتراف ليس بمقدورها فرض رأيها أو منهجيتها في ظل وجود ضغط الشارع الذي يسير من محيط الفريق وفي بعض الأحيان بتواطؤ مسيرين من الداخل. وكم من واقعة حدثت حتى أصبحت تقليدا في كل موسم، وخير دليل فريق شبيبة الساورة الذي أقال 5 مدربين في موسم واحد ليحطم رقما قياسيا لأكثر فريق يقيل مدربيه، وقد بدأ الموسم الحالي بالإقالة بعدما استغنى مسيرو شبيبة الساورة عن التقني التونسي معز بوعكاس بسبب مواجهته رديف فريق النادي الأفريقي التونسي في التربص الذي كان يجريه الفريق بتونس، ليتم تعويضه باللاعب السابق للنسور جاليت، هذا الأخير قد يكون مهددا هو الآخر بمقصلة الإقالة لأن ضغط الشارع الساوري يريد مدرب من طينة الكبار. وبدرجة أقل حدث الموسم الفارط لفريق مولودية وهران التي استعانت في نهاية الموسم وقبل شهر عن إسدال الستار عن الرابطة الاولى المحترفة بطاقم فني جديد متكون من مدربين تمكنا من تحقيق الصعود لأنديتهما، ويتعلق الأمر بالمدرب الحالي لأولمبي أرزيو حاج مرين الذي حقق الصعود مع «لوما» من الثاني الهاوي إلى المحترف، ولكناوي المدرب الحالي لاتحاد بسكرة الذي حقق الصعود إلى قسم النخبة مع أبناء الزيبان. وقبلهما كان كل من التقني الفرنسي جون ميشال كفالي على رأس الفريق والذي خلف المدرب عمر بلعطوي، في حالة لا استقرار للحمراوة كادت أن تؤدي بهم إلى السقوط إلى القسم الثاني. مثال آخر حي عن فرق أخرى قامت بانتداب أكثر من مدربين شبيبة القبائل التي قامت بالإجراء نفسه، وحتى جمعية وهران التي انتدبت 3 مدربين في موسم واحد وأكملت الموسم بالمدرب الحالي العوفي سالم الذي كان يقود فريقه من المدرجات أثناء المباريات الرسمية للموسم الفارط، في صورة تؤكد سياسة غالبية مسيري الأندية الجزائرية، ففي القارة العجوز فرق عريقة تفشل في الرهانات المسطرة وفي بعض الأحيان تعيش مرحلة فراغ طويلة ومن النادر أن يتم الإستغناء عن مدربيها. قانون «الفاف» يضرب عرض الحائط ورغم القوانين التي وضعتها الإتحادية الجزائرية لكرة القدم والحد من نسبة إجازات المدربين إلى إثنين، إلا أن بعض الفرق وحتى التقنيين لجؤوا إلى حيل ملتوية لكسرها ، لتضرب قوانين «الفاف» عرض الحائط بعدما أصبحنا نشهد مدربين يشرفون على 3 أندية في الموسم نفسه رغم أن القانون يحرم أي مدرب من نيل أكثر من إجازتين في الموسم ، فكيف ذلك؟ الحقيقة ان الثغرة القانونية التي وجدتها أغلب الفرق هي الإستفادة من المدرب دون أن تصنع له إجازة مدرب، وإنما يصبح قادرا على قيادة فريقه من دكة الإحتياط لكن بإجازة مسير. ولا تتحمل الأندية وحدها المسؤولية بل هناك مدربين ممن يتنازلون عن قيمهم ومبادئهم مقابل دنانير من المال، حتى أصبح البعض ينعت بمدرب الأجرة، فلا يهمه إن كان قد طرد بطريقة مهينة أو ينعت بأبشع الصفات حتى ان هناك بعض المدربين يعترفون بأن هدفهم هو نيل الأجرة ولا يهمه مدة مكوثه، فالمهم راتب شهر أو شهرين يكون كافيا لموسم كامل، فبعض المدربين تملصوا عن المبادئ الفضلى والقيم الحقيقية التي يتوجب أن يلتزم بها المدرب، لتبقى الفرق رهينة التسيير الأعرج والهاوي لمسيرين لا يملكون أدنى شروط لمواكبة الإحتراف.