- قريبا انطلاق تصوير فيلم «خنساء الجزائر» يستعرض المنتج والمخرج عبد الباقي صلاي في هذا الحوار الذي خص به الجمهورية، مشاكل وراهن السينما الجزائرية، كما تحدث بقلب مفتوح عن فيلمه الوثائقي "بومرداس .. حضن الحرية"، الذي أخرجه في الآونة الأخيرة، وكذا مستحقاته التي لا تزال عالقة لحد الساعة، وكشف أيضا عن فيلمه الجديد، الذي سيشرع في تصويره خلال الأيام القليلة المقبلة.. @ بعد فيلمك الأخير " بومرداس .. حضن الحرية"، هل من عمل جديد في الأفق ؟ ^ نعم نحن دائما لدينا الجديد، سواء في الأفلام الوثائقية أو الروائية، ونطمح دوما إلى تقديم ما هو متميز ومتطور، من حيث المحتوى وكل ما يتعلق بفكرة العمل بشكل عام. أشتغل في الوقت الحالي على فيلم وثائقي، يتناول قصة امرأة من ولاية ميلة، قدمت للثورة الجزائرية سبعة من أبنائها شهداء للوطن ... هذه المرأة اسمها فاطمة خطابي، أما أبناؤها فيحملون اسم مغلاوى، استشهدوا إبان الثورة التحريرية، والأغرب أنهم استشهدوا في مناطق مختلفة من الولاية التاريخية الثانية. الفيلم يسرد حكاية هذه العائلة التي رغم تقديمها سبعة شهداء فداء للوطن، إلا أن الأم بقيت بعد الاستقلال تعاني الشظف، وتعاني الفقر المدقع، حيث لم تتمكن من الحصول على حقوقها المادية، إلا خلال العامين الأخيرين من عمرها، وتوفيت في كوخها وحيدة، دون أن يعلم بالأمر أحد !! للأسف الفيلم سيكون دراميا من كل الجوانب، وسيكشف قصة مروعة لعائلة قدمت للجزائر سبعة من أبنائها الأبرار، ولهذا اخترت أن يكون عنوان الفيلم " خنساء الجزائر"... وأردت من خلال هذا العنوان، أن يحمل الفيلم بعدا وطنيا، و لا يقتصر على منطقة ميلة فقط. أما العمل الثاني، فيتمثل في فيلم روائي بعنوان " لصوص بوثائق رسمية "... يتحدث هذا العمل السينمائي بشكل غير مباشر، عن الأقدام السوداء، وأعتبره - ضمن هذه المرحلة، والجزائر تعيش مخاضا عسيرا- أظن أنه فيلم هذه المرحلة بكل المقاييس. @ معظم الأفلام الوثائقية التي أنجزتها حتى الآن، إن لم نقل كلها، لا تخرج عن اطار التاريخ وموضوع الثورة التحريرية تحديدا، لماذا ؟ ^ التاريخ يشدني بشكل رهيب، ويحفزني على العمل أكثر من أي مواضيع أخرى. فالأفلام التاريخية تجعلني أعيش مراحلها وأبحر فيها، وأستحضر أحداثها وأتفاعل معها. ولأن الجزائر غنية بتاريخها الحافل بالأحداث، فأنا أعتبر الأفلام التاريخية مكسبا مهما للجزائر، ومكسبا لي شخصيا، باعتبار أنني أساهم ولو بقسط قليل في التأريخ لأحداث ما... لو نتجند جميعنا، لا أظن أننا سنفي حق الجزائر تاريخيا، لأن كل شبر من ترابها يروي قصة ما أوحدثا تاريخيا مهما... يكفينا فخرا أننا نملك إحدى أعظم الثورات، التي غيرت مجرى تاريخ الأمم في تعاملها مع الاستعمار. @ أي تشخيص يمكن أن تقدمه اليوم حول حال السينما الجزائرية ؟ في الواقع، السينما الجزائرية تعاني من مشاكل جمة، لا يمكن حصرها في فقرة أو فقرتين، لكن يمكن إيجازها في ما يلي: أولا النصوص السينمائية تفتقد في غالب الأحيان إلى المهنية، كما تفتقد للطابع السينمائي الحقيقي والفعلي، هناك مع الأسف الشديد، من يكتب السيناريوهات من أجل أن يكتب فقط، وهناك من يكتب لكن لا يفقه في "ريتم" الفيلم أي شيء، ولا في الأجواء المحيطة به، فيظن أن القصة تكمن في السرد الأفقي، دون أي يعير أي اعتبار للحالة الفكرية التي تتحكم في الإيقاع العام للعمل السينمائي، ناهيك عن الحوار الذي يأتي دائما أجوفا، ولا يؤدي الغرض المطلوب، وهو في هذه الحالة مجرد حشو وفائض في الكلام ليس إلا. المشكل الثاني يكمن في عدم وجود تقنيين حقيقيين ومتخصصين، وهذا يدل على أننا في بلد لا يعتبر السينما صناعة قائمة بذاتها، مثل الدول المتقدمة في هذا المجال، وهذا عائق كبير جدا لنهضة السينما في الجزائر، ثالثا : ليس لدينا فنانين بأتم معنى الكلمة، الذين يؤدون الأدوار بكل مهنية ويعيشون هذه الأدوار كما ينبغي، نحن لدينا أشخاص يظهرون فقط ضمن إطار تمثيلي لا أكثر ولا أقل، وعن نفسي إلى حد الآن، صراحة، لم أجد ربما من يقنعني بأدوار تخدم السينما كما ينبغي، ودائما أعود إلى مستوى الأفلام الجزائرية القديمة، التي كان الممثل فيها بارعا، على الرغم من أن أغلبهم وقف لأول مرة أمام الكاميرا. رابعا : مشكل العقود والوفاء بها، فأنا على سبيل المثال إلى حد الآن، لا أزال انتظر من ولاية بومرداس، التي تعاقدت معي في عهد الوالي الأسبق عبد الرحمن مدني فواتيح من أجل إنجاز فيلم " بومرداس.. حضن الحرية"، بقية المستحقات التي لم أتحصل عليها لحد الساعة !! وهذا رغم أنني عرضت الفيلم في 31 أكتوبر 2017، بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لاندلاع ثورة التحرير ...علما أن المبلغ خرج باسمي من الخزينة العمومية، من أجل دفع مستحقاتي المالية المتبقية بمراسلة رسمية وقرار رسمي من السيد الوالي، إلا أن مديرية الإدارة المحلية ومعها مديرية الثقافة للولاية، أحجما عن دفع المستحقات، بحجة غير قانونية ضمن العقد الذي أمضيته مع السيد الوالي الحالي بأم البواقي " مسعود حجاج "، عندما كان مديرا للإدارة المحلية بولاية بومرداس، ولهذا اغتنم الفرصة من خلال جريدة الجمهورية، لأوجه ندائي للسيد الوالي الحالي "يحيى يحياتن"، وأناشده بأن ينظر في مسألة مستحقاتي المتبقية، التي لا تزال عالقة، ويطلع على المراسلات القانونية الموجودة ليحل مشكلتي، لأنني فعلا أشعر بالإهانة، جراء هذا التماطل وهذه الممارسات، الصادرة من الإدارة المحلية ومديرية الثقافة...وأشير هنا أن الفيلم شارك فيه وزير المجاهدين السيد الطيب زيتوني. @ تعاونت في بعض أعمالك السينمائية مع مخرجين أمريكيين، ماذا استفدت من هذه التجربة ؟ ^ هي تجربة مهمة جدا بالنسبة لي، تعلمت من المخرجين الأمريكيين، الكفاءة العالية والانضباط والمهنية الكبيرة. وقد تلقيت عرضا من المعهد السينمائي بلوس أنجلس، من أجل تقديم تجربتي المتواضعة في مجال السينما والتلفزيون، باعتبارها تجربة عربية من العالم الثالث. لقد فهمت من وراء هذا العرض، أن الأمريكان يبحثون دائما عن الإضافات والإثراء، لهذا وجدت في هذا المنحى مكسبا لي، لأستزيد من التجربة الأمريكية الرائدة عالميا، وهذا ساعدني كثيرا على توسيع رؤيتي السينمائية، وتعلم تقنيات جديدة، وأكثر من هذا الإلمام بالقواعد الحقيقية للفن السابع..