حالنا يشبه ذلك القط الجائع الذي كان يلحس المبرد ودمه ينزف ولسانه يذوب فنحن نستهلك ثرواتنا النفطية من النفط والغاز الطبيعي وننفق مداخيلها باسرا ف وتبذير واختلاس وتهريب فقد تبخرت مبالغ كبيرة في عشرين سنة الماضية قدرت بحوالي 1500 ملياردولار دون ان يكون لها تأثير ايجابي على التنمية أو الاقتصاد الوطني وقد سددت الجزائر ديونها الخارجية قبل الاجل وبلغ احتياطي الصرف من العملة الصعبة 200مليار دولار سنة 2014لكن تراجع اسعار المحروقات وزيادة الفساد المالي والاقتصادي أدى الى التراجع المستمر والمقلق في احتياطي الصرف الى اقل من 70 مليار دولار في منتصف ماي الماضي مما جعل الحكومة تعمد الى تمديد اجل تسديد قيمة فاتورات الواردات الى سنة كاملة بدل 59 يوما في السابق مع تسقيف قيمة اجزاء تركيب السيارات وتقليص حجم كمية القمح المستورد وسط توقعات بوصول العجز التجاري هذه السنة الى 10.4 مليار دولار وانخفاض احتياطي الصرف الى 62 مليار دولار او اقل من من ذلك بعد ان كان 79.80مليار دولار نهاية سنة 2018. وقد حذر خبراء من تآكل احتياطي الصرف ودعوا الى التعجيل بهيكلة الاقتصاد الوطني كما ان صندوق النقد الدولي قد حذر الحكومة الجزائرية في السنة الماضية مؤكدا ان احتياطي الصرف سينخفض الى 60 مليار لكن بنك الجزائر رد عليه قائلا ان الاحتياطي سيكون اكثر منذ لك بكثير وسانده بعض خبراء السلطة وهناك أمر خطير لم ينتبه اليه المتابعون للشأن المالي في بلادنا من خبراء وسياسيين واعلاميين وهو استهلاك مجموع احتياطي الخزينة العمومية من الاموال التي كانت مدخرة في صندوق ضبط الايرادات في فبراير 2017واصبح فارغا وقد كان يتصرف فيه الرئيس السابق دون مراقبة من الجهات المختصة أو البرلمان ورغم ان خبر نفاد صندوق ضبط الارادات في وسائل الاعلام الوطنية لكنه لم يحظ بالاهتمام اللازم لتقييم خطورته على الاقتصاد الوطني وميزانية الدولة التي تعاني من العجز بسبب تراجع الجباية النفطية مما جعل الحكومة السابقة تلجأ الى طبع النقود دون غطاء مما سمته بالاقتصاد غير التقليدي. وقد حاولت حكومة الوزير الاول نور الدين بدوي ايقاف التدهور المالي فأوقفت عملية طبع النقود دون تغطية لكن يبدو أن الصعوبات المالية مازالت قائمة رغم تحسن اسعار النفط ولهذا طرحت امكانية اللجوء الى التمويل الخارجي أي الاستدانة من الخارج لكن هناك من يرى وجود صعوبات في الاستدانة من المؤسسات الاجنبية لوجود مشكلة في ميزان المدفوعات فالوضع لا يبشر بخير وقد تتكرر ازمة التسعينات التي خضعنا فيها لشروك صندوق النقد الدولي المجحفة. ونظرا لهذه المؤشرات السلبية والخطيرة تحاول الحكومة مكرهة تمرير قانون الطاقة الذي وسط معارضة شعبية لما فيه من امتيازات للمؤسسات الاجنبية التي تبقى قاعدة 51 على 49 عائقا أمامها والحقيقة ان الاعتماد على قطاع الطاقة بشكل مطلق هو الذي اوقعنا في هذه الازمات المالية والاقتصادية المتتالية وما نجم عنها من ازمات سياسية واجتماعية وكان من الضروري الالتفات الى القطاعات الاخرى مثل الفلاحة والسياحة والصناعة والنقل والمواصلات بتكثيف الانتاج وتحسين الخدمات لان 2030 التي تعجز فيها الجزائر عن التصدير ليس بعيدا.