متوقّع أن يتّضح في الأيّام القليلة القادمة شكل الحكومة التي سترافق الرئيس عبد المجيد تبون في تنفيذ برنامجه، إذ ينتظر اليوم الجزائريون أداء الرئيس اليمين الدستورية وفقا للمادة 89 من الدستور، ليباشر في استعمال صلاحياته التي تلزمه أوّلا باختيار وزير أوّل توكل له مهمّة انتقاء الطاقم الحكومي. وبعيدا عن المهام التي ستُوكل لهذه الحكومة فعبد المجيد تبون الذي تمرّس في عديد الوزارات في حكومات مختلفة ثمّ وصل إلى الوزارة الأولى قد لا يكون صعبا عليه تقديم خبرته في تشكيل الحكومة بيد أنّ الاختيار يكون للوزير الأوّل، مع ما تعرفه الجزائر من دقّة في الظروف المحيطة بتشكيل هذه الحكومة التي سيكون عليه عبء كبير جدا. ذات الحكومة ستتكفّل بمراجعة الدستور وهو ملف كان عبد المجيد تبون قد وعد في حملته الانتخابية بضرورة إعادة فتحه وقد يكون أمامها التحضير لانتخابات برلمانية ومحلّية في حال أقدم الرئيس على حل المجلس الشعبي الوطني المتشكّل من أغلبية تنضوي تحت حزبين لفظهما الحراك الشعبي و طالب بضرورة انسحابهما و«إيقاف" وطأتهما على قرارات التشريع الجزائري وأيضا كونهما لصيقين بالعهدة الرئاسية السابقة وقياداتهما متورطة في عديد ملفات الفساد ومحبوسة على ذمّة التحقيق، وبالتالي تكون هذه الحكومة أمام انتخابات مسبقة . الحكومة المقبلة والتي قد تتضح معالمها قريبا إذا كانت حزبية أو تكنوقراطية أو ذات كفاءات عليها تجاوز الأزمة المخلّفة من العهد السابق بتركة ثقيلة جدا وعليه فالمشاورات مع الأحزاب أو ما بقي منها - لن تكون سهلة في حال تمسّكت هذه الأحزاب بموقفها الرافض للانتخابات تحت ظروف سمّتها هي واشتغلت عليها وانتهت إلى المقاطعة وبالتالي آليا قد ترفض المشاورات والمشاركة في الحكومة إذا كانت فعلا وفية لالتزاماتها رغم أننا رأينا أحزابا منها بدأت تهلّل وتضرب الدّف إعلانا بدخولها الحلبة السياسية(...). ومما لا شكّ فيه أن الحكومة القادمة ستحمل في ثناياها آلية فعّالة لكشف الفساد و محاربته بعد الضجّة الكبيرة التي لحقت بسمعة الدولة في الداخل والخارج جرّاء الملفات الكبيرة في هذا المجال التي تتكفّل بها العدالة منذ الإطاحة بالعهدة الخامسة. وإن كانت الحكومة الحالية قد عُرفت بتصريف الأعمال ورافقت الفعل السياسي إلى غاية الانتخابات فإنّ القادمة عليها تجاوز الأزمة والأمر يتطلب استشارة حزبية و نخبوية دون نسيان الحراك الشعبي الذي أصبح رقما مهما في صناعة القرار. إنّ تشكيل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية التي تواجه الشعب يتطلّب أسلوبا و منهجا وبالتالي فريقا حكوميا متجانسا يلتفّ حول برنامج الرئيس بعيدا عن الأجندات و تطبيق الإيديولوجيات الضيّقة. وقد تزيد ثقة الشعب في الرئيس إذا تخلّى عن بعض الصلاحيات بعدم تجميعها كلّها في يده والتنازل عن بعضها للوزير الأوّل وأيضا تعديل النظام الداخلي للبرلمان وأيضا التخلص النهائي من الحصانة التي كانت تمنح اعتباطا لكل من هبّ ودبّ وبالتالي تحقيق المساواة في المساءلة والحساب.