يبدو أن مشروع "الجمهورية الجديدة" يركز كثيرا على قطاع الاتصال , ما دام رئيس الجمهورية ,سارع إلى تعيين الوزير المستشار للاتصال لرئاسة الجمهورية في خطوة استباقية لإلزام من يستحق من متعاملي الاتصال و الإعلام إلى تدريب أنفسهم على "السعي من أجل تقصي الحقائق من مصادرها على الدوام", ثم دعم الوزير المستشار للاتصال بعدة مكلفين بمهام لهم مرجعية مهنية إعلامية , قبل أن يسد ثغرة أخرى في القطاع بتعيين رئيس لسلطة ضبط السمعي البصري , الذي ينتظره عمل شاق لإعادة مجال السمعي البصري إلى "سواء القوانين السارية المفعول" و كذا ضبط هذه القوانين بما يستجد من تطور تكنولوجي متسارع. من جهته بادر وزير الاتصال ,الناطق الرسمي للحكومة, إلى تعيين مسؤولين جدد للمؤسسة العمومية للتلفزيون , و للمؤسسة الوطنية للاتصال و النشر و الإشهار , قبل أن يعلن منذ يومين "عن إطلاق ورشات تتعلق بإصلاح شامل لقطاع الإعلام بإشراك مختلف الفاعلين في الميدان ". و تشمل الإصلاحات الموعودة استقلالية الإعلام وحريته ضمن احترام الحياة الشخصية للمواطن و احترام أخلاقيات المهنة و تجنب الشتم و القذف... و هي خطوة استباقية أخرى لوزير الاتصال هذه المرة , لأن ورشات الإصلاح التي "ستخضع لمبدإ الحوار الذي سيكون تشاركيا دون إقصاء أحد" فضلا عن أنها تجسيد لنداء "اليد الممدودة" , فهي في ذات الوقت, ستثري الحوار الوطني حول تعديل الدستور, الذي يقتضي دون شك, مراجعة عدة قوانين أساسية منها قانون الإعلام , الذي لا شك أنه سيكون في مستوى تطلعات مختلف الفاعلين في القطاع , إن هو عكس موقف وزير القطاع الذي اعتبر في تصريح له للصحافة :"أن إلغاء جميع أشكال الرقابة و الوصاية على الممارسة الصحفية من شأنه ضمان الظروف الملائمة لممارسة حرة و مسؤولة للعمل الصحفي".فضلا عن تأكيده بمناسبة استلام مهامه عن "عزمه على العمل مع مختلف الفاعلين من أجل إعطاء نفس جديد لقطاع الاتصال وإيجاد الحلول الملائمة للمشاكل المهنية والمادية والتنظيمية حتى يتمكن من تأدية رسالته النبيلة في تقديم إعلام موضوعي نزيه يساير متطلبات العصر والتطورات التي تعرفها البلاد".
و من هنا قد تتعدد ورشات الإصلاح و قد تتنوع محاوره , و قد تختلف –كما هي العادة- أطرافه بحسب التيارات الإيديولوجية المتساجلة في الساحة الإعلامية الوطنية ,و لكن المهم أن تنتهي بتكريس رسالة إعلامية أكثر شمولا , و أكثر موضوعية و أكثر مهنية , لأنه بذلك كله تكتمل الشروط الضرورية لضمان الحق في الإعلام للمواطن الجزائري ,و هو حق وثيق الصلة بحرية التعبير و حرية الصحافة , الحرية التي لا تعكسها فقط كثرة العناوين و الفضائيات و الإذاعات و سعة الفضاء الإلكتروني ,و إنما تعكسها أيضا نوعية المضامين التي لم تعد تخضع لا لمعايير الأخلاق و لا لتعاليم الدين و لا لحكمة الفلاسفة.و كان الله في عون الوزير في إصلاح قطاع عجز عن تنظيم صفوفه , فهل ينجح السيد عمار بلحيمر فيما فشل فيه سابقوه ؟