لا يكاد يمر يوم دون أن نطالع و نشاهد في الصحف و الفضائيات و مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا عن جثث منكلة مرمية على قارعة الطرقات أو في مساكن مهجورة أو مأهولة لضحايا في مختلف الأعمار وجدوا مكبلي الأطراف و مغمضي الأعين و علامات التعذيب في الأجساد الباردة الجامدة تحكي عن هول و فظاعة ما لاقوه من قبل ساديين و مجرمين انسلخوا من الإنسانية، بل منهم تحت تأثير الأفلام الهوليودية تفنن في ترك ضحاياه في وضعيات تشي وكأنهم وضعوا حدا لأنفسهم بالانتحار شنقا أو برمي أنفسهم من أماكن عالية . كثيرة هي الأسباب الرخيصة التافهة التي ألغت ونفت حياة قدستها النصوص السماوية وحمتها القوانين الوضعية بعقوبات رادعة لمن ينتهكها أو يدنو من حرمتها والمصيبة أنه ولفرط تكرر وتكرار هذا النوع من الأخبار أضحت الفظائع تمر على عقولنا وأفئدتنا مرور الكرام بلا ألم ولا وجل فهي مجرد حادثة مقيدة في صفحة الحوادث المسودة أصلا بمعلومات أخرى لا يقل منسوب جرمها و رعبها عن الأولى، أما الطامة الكبرى فهي في نوعية المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم حيث لم يعد إزهاق الأرواح مقصورا على أصحاب السوابق العدلية و على مدمني المهلوسات بل شمل حتى المنتمين إلى النخبة من طلبة متميزين في الجامعات في أعقد التخصصات و أصحاب مهن نبيلة وراقية . تعددت تحاليل علماء النفس في تحديد العوامل الإجرامية بين كبت وعقد وموروث إجرامي وتشتت آراء أساتذة علم الاجتماع بين فقر وجهل ومخدرات وتمايل رجال القانون على كفتي القصاص وحقوق الإنسان وغرق الجميع في مستنقع الفزع . لسنا من دعاة الإثارة ولا نشر الخوف في وسط المجتمع لكن أرقام وإحصائيات الاعتداءات وقضايا القتل بصفة خاصة تؤكد أنه حان الوقت ونحن نؤسس للجزائر الجديدة أن نعيد النظر في السياسة العقابية و في كيفية معالجة ملف الإجرام .